الهيئة العامة للائتلاف السوري تبحث اليوم تشكيل «قيادة عسكرية عليا»

«مجلس قيادة الثورة» يقر ورقة بـ«ثوابت الثورة» ورؤية سياسية للحل

الهيئة العامة للائتلاف السوري تبحث اليوم تشكيل «قيادة عسكرية عليا»
TT

الهيئة العامة للائتلاف السوري تبحث اليوم تشكيل «قيادة عسكرية عليا»

الهيئة العامة للائتلاف السوري تبحث اليوم تشكيل «قيادة عسكرية عليا»

تبحث الهيئة العامة للائتلاف السوري المعارض اليوم في إسطنبول ثلاثة ملفات رئيسية لاتخاذ مواقف نهائية منها، وأبرزها: نتائج مؤتمر «القاهرة2»، ودعوات أعضاء من الائتلاف لإسقاط عضوية زملائهم الذين شاركوا فيه رغم القرار الرسمي بمقاطعته، والملف العسكري بعد حل رئيس الائتلاف «المجلس العسكري الأعلى»، إضافة للمشاورات التي أجراها أعضاء من الائتلاف مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
ويبدو أن الملف العسكري سيأخذ حيزا كبيرا من النقاش مع قرار رئيس الائتلاف خالد خوجة معالجته بطريقة «حاسمة وجذرية»، بحسب أمين عام الائتلاف محمد مكتبي، الذي عد أنّه «قد حان الوقت وبعد سلسلة معالجات قاصرة لم تتطرق إلى أصل المشكلة، لحل الملف بإطار سلة واحدة». وقال مكتبي لـ«الشرق الأوسط»: «المادة 31 في النظام الداخلي للائتلاف تنص على تشكيل 3 هيئات رئيسية تتبع الائتلاف، وهي حكومة مؤقتة، ولجنة قانونية، وقيادة عسكرية عليا، ومن هنا يتوجب السعي لتشكيل هذه القيادة من خلال إعادة هيكلة المجلس العسكري ووضع ضوابط معينة، على أن يصبح منضويا بشكل كامل تحت سلطة الائتلاف». وأشار مكتبي إلى أنّه «في فترات سابقة لم يكن هناك لا تواصل ولا تعاون بين الائتلاف والمجلس العسكري، ومنذ فترة قصيرة حصلت عدة لقاءات ونقاشات وتبين أن هناك قبولا لأن يكون المجلس تحت سلطة الائتلاف». وأضاف: «أما الضوابط التي ستُفرض، فتتعلق بعملية التمثيل العسكري التي يجب أن تتم بحسب واقع الأرض، فتكون الجماعات العسكرية المنضوية في المجلس تؤمن بسوريا الوطن، وبالمبادئ التي يتبناها الائتلاف لسوريا المستقبل، وأبرزها: الحرية، والعدالة، والديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة».
ومن المرجح أن يطرح عدد من أعضاء الهيئة القانونية للائتلاف خلال الاجتماع إسقاط عضوية الشخصيات التي حضرت مؤتمر «القاهرة2» على الرغم من القرار الرسمي بمقاطعته. وأشار عضو الهيئة القانونية في الائتلاف حسين السيد في رسالة وجهها إلى قيادة الائتلاف، إلى ضرورة وضع هذا الطلب على رأس جدول اجتماع الهيئة العامة للتصويت عليه أصولاً. ودعا السيد زملاءه «إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية والوطنية والثورية واتخاذ الموقف الذي يليق بهذه التضحيات وتلك الثورة العظيمة»، مذكرا بتطبيق قرار إسقاط العضوية عملاً بأحكام «المادة 13؛ الفقرتان: ب - ج» و«المادة 15 الفقرة 4». وعدّ السيد أنّ على الائتلاف أن يتخذ «القرار الذي يحمي وحدة موقفه وخطه السياسي المتوافق عليه في وثائق تأسيسه ونظامه الأساسي وقراراته المتعاقبة، ويصون وجوده من الانهيار أكثر فأكثر نتيجة هذه التجاوزات المدمرة من البعض».
وأظهر رئيس اللجنة القانونية في الائتلاف هيثم المالح تأييدا لموقف السيد، وقال إنه يجب وضع الأمور في نصابها، في إشارة إلى ضرورة تطبيق قرار إسقاط العضوية بحق من حضر «القاهرة». وعدّ أن «أي تهاون في تصرفات غير مسؤولة، يعرض أي جسم سياسي للتفكك»، معتبرا أن طلب السيد «تحصين للائتلاف».
وفي حين رأى مكتبي أنّه من حق أعضاء في الائتلاف طرح إسقاط عضوية الشخصيات التي شاركت في مؤتمر «القاهرة2» والتي لم يتخط عددها عشرة، رجّح ألا تكون هناك «قابلية» لدى الهيئة العامة التي تملك الكلمة الفصل، للسير بالموضوع. وعدّ مكتبي أن نتائج مؤتمر «القاهرة2» تتقاطع إلى حد بعيد مع وثيقة المبادئ الأساسية للحل السياسي التي أقرها الائتلاف والمؤلفة من 13 بندا، وقال: «كانت هناك مخاوف وحذر لجهة إمكانية خفض السقف السياسي، إلا أن الأمور جرت بخلاف المتوقع، فكانت النتائج مقبولة».
من جهته، أنهى مؤتمر «مجلس قيادة الثورة» أمس الخميس، الذي حضرته أكثر من 250 شخصية سورية سياسية وعسكرية ومدنية، ومن بينها شخصيات من الائتلاف السوري والحكومة المؤقتة، أعماله في مدينة الريحانية التركية بالاتفاق على رؤية سياسية للحل، وعلى ثوابت الثورة السورية التي تم اختصارها في 16 نقطة.
وورد في ورقة الثوابت التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، «التمسك باستمرار العمل الثوري كضمانة لأي عملية سياسية. الهدف الأول الرئيس للثورة إسقاط الأسد ونظامه بجميع رموزه وأركانه. لا تفاوض مع النظام إلا على تسلم السلطة. محاربة قوات النظام والمحتل الإيراني وحزب الله والميليشيات الأخرى هي أولوية للثورة. محاربة (داعش) حتى تطهير سوريا منها».. وغيرها من البنود.
أما الرؤية المتفق عليها لخيار الحل السياسي، فتضمنت 12 بندا، أبرزها دعوة الفصائل والقوى الثورية التي ساهمت في تحرير الوطن إلى مؤتمر وطني عام على أن يضم كل الاختصاصيين والخبراء، وانتخاب المؤتمر هيئة حكم انتقالي تتمتع بكل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية وتحدد صلاحياتها بين عام أو عامين حدا أقصى، وإعادة بناء وهيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية على أسس وطنية ويمنع على أعضائهما الانتساب الحزبي».
وعدّ المجتمعون في الريحانية، أنّه «وبما يتعلق بمقررات (جنيف1)، فقد أبطلها ما قام به النظام من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولذلك لا حق لبشار الأسد أن يكون طرفا في المرحلة الانتقالية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.