حملة «شوري عليك» في نسختها الرابعة توازن بين العرض والطلب على الطاقة

نمو الطلب على الطاقة بنسبة 7 % يستلزم الالتزام بمعايير جودة الأجهزة وكفاءتها

حملة «شوري عليك» في نسختها الرابعة  توازن بين العرض والطلب على الطاقة
TT

حملة «شوري عليك» في نسختها الرابعة توازن بين العرض والطلب على الطاقة

حملة «شوري عليك» في نسختها الرابعة  توازن بين العرض والطلب على الطاقة

تحرص الجهات المعنية بالطاقة واستخداماتها المختلفة في السعودية، بما فيها وزارة المياه والكهرباء ووزارة البترول والثروة المعدنية ومركز كفاءة الطاقة وغيرها من الجهات والمؤسسات المعنية، على تعزيز التعاون فيما بينها، بغية إنجاح حملات وبرامج توعية المستهلك بترشيد استهلاك الطاقة لجعلها جزءا أصيلا من ثقافة المجتمع.
وقطع مركز كفاءة الطاقة السعودي، شوطا كبيرا في سبيل تعزيز إشاعة الثقافة التوعوية بأهمية ترشيد الطاقة، من خلال برامجه التي أطلقتها - أخيرا - في الرياض وفي غيرها من المناطق التي يعزم نشرها فيها، لا سيما «شوري عليك» كاستراتيجية لترشيد الطاقة بشكل أكثر وقعا، في ظل توقعات بنمو في الطلب بنسبة 7 في المائة سنويا.
من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية «إن مسألة ترشيد الطاقة، أصبحت أمرا حتميا وضروريا، ولا بد من تعزيز توعية المستهلك بأهمية تحقيق استراتيجية الترشيد، والمساهمة في جعل حملة (شوري عليك)، ثقافة مجتمع عامة ولكنها فاعلة في نفس الوقت». واقترح باعشن تبني المركز إطلاق برنامج مصاحب للحملات التوعية، من شأنه تعزيز التعاون بين الجهات العامة المعنية ومؤسسات القطاع الخاص، بما يساهم في تبصير المستهلك بأهمية جعل استراتيجية الترشيد في استخداماته المختلفة للطاقة جزءا من ثقافته، من خلال تمليكه الحقائق والمعلومات المفيدة كاملة.
وشدد باعشن على ضرورة أن يعي المستهلك أهمية ترشيد الطاقة له كمستفيد مباشر من خلال تقليل تكاليف الفواتير التي يدفعها بشكل دوري، ومن ثم المساهمة في حفظ الطاقة كمسلك وطني يعزز اقتصاد البلاد، يعود في نهاية المطاف بمكاسب اقتصادية للوطن والمواطن والمقيم، تتمثل في زيادة في التخزين الاستراتيجي للطاقة وتقليل الهدر الذي يحدث بفعل سوء الترشيد.
وأكد باعشن أن هناك حاجة ماسة لسنّ تشريعات وتبني آليات من قبل الجهات المعنية، لمتابعة تطبيق برامج توعية المستهلك بشكل يعود بالمردود المطلوب على المدى المتوسط، مشيرا إلى أنه يقع على القطاع الخاص الذي نشط في المنتجات الكهربائية والإلكترونية، الابتعاد عن المنتجات التقليدية أو تلك التي تهدر الطاقة بشكل كبير ولا تبين عليها أي قيود أو شروط التزام باستهلاك الطاقة.
من جهته، أوضح الدكتور عبد الحليم محيسن المهتم بشؤون اقتصاديات الطاقة، أن مركز كفاءة الطاقة، ابتدع حملات تناسب التوجه العام نحو تثقيف المستهلك، مبينا أن حملة «شوري عليك»، توفر لدى المستهلك فرصة التزود بمعلومات مهمة تبصره بحجم تكاليف الطاقة المهدرة في حالة عدم الترشيد، وتدله في الوقت نفسه نحو الطرق الرشيدة لاستهلاك الطاقة.
ولفت محيسن إلى أن حملة «شوري عليك»، تمكن المستهلك كذلك من التعرف على تأثير الأجهزة قليلة الكفاءة على هدر الطاقة، وإثبات أن ليس كل ما رخص سعره من الأجهزة سيوفر له نقوده، مشيرا إلى أن المستهلك لا بد أن يعرف أن ما يدفعه في فاتورة الطاقة سيكون أضعاف ما ينفقه في شراء الأجهزة التي يقتنيها.
وشدد محيسن على ضرورة أن يعي المستهلك الأثر البيئي - أيضا - للأجهزة الكهربائية والإلكترونية المستهلكة للطاقة وغير الملتزمة بمعايير الجودة والمواصفات السعودية، مؤكدا أهمية اصطحاب فكرة الترشيد عند اختياره للأجهزة المستهلكة للطاقة، من خلال التأكد من كفاءة أجهزة التكييف، ونظم الإضاءة، والإلزام بتطبيق العزل الحراري في المباني. وفي الإطار نفسه، تحدث الباحث الاقتصادي عبد الرحمن العطا عن الأثر الإيجابي لحملة «شوري عليك» لدى المستهلك، مبينا أن الهدف الأكبر هو ترشيد الطاقة بشكل يعود بأكبر منفعة لدى المستهلك وللاقتصاد الوطني من خلال الحفاظ على الطاقة من الهدر غير الرشيد.
وقال العطا «إن حملة (شوري عليك)، تثقف المستهلك من حيث حسن اختياره للأجهزة العالية الكفاءة، وتغنيه بالتالي عن الحاجة لإجراء أعمال صيانة دورية ستكلفه الكثير، فضلا عن انعكاس ترشيد استهلاك الطاقة، على الاقتصاد الوطني وحفظ الطاقة للخزن الاستراتيجي أو الطوارئ».
وأهاب العطا بالمستهلكين، عدم الانجذاب للمعدات والأجهزة التي تتسم بأسعار متدنية، لمجرد أن أسعارها رخيصة، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة تعزيز الوعي بذلك، داعيا لإنجاز عدد من التشريعات تمكن المستهلكين من التعامل والتفاعل بثقافة كبيرة ووعي شامل مع شؤون الطاقة، داعيا إلى تضافر الجهود لتكثيف حملات التوعية وجعلها أكثر فاعلية.
يشار إلى أن حملة «شوري عليك» التي يطلقها مركز كفاءة الطاقة بلغت نسختها الرابعة، في إيصال الرسالة وبلوغ الهدف المنشود فيما يتعلق بتوعية المستهلك تجاه ترشيد الطاقة، تنشر أنشطتها وبرامجها عبر قنوات عدة، من بينها رسائل توعية مبسطة مدروسة بعناية، تستهدف فئات مستخدمي الطاقة كافة.
وأسس المركز السعودي لكفاءة الطاقة، كمركز حكومي في شهر ذي القعدة عام 1430 من الهجرة، بعد أن تطورت فكرته من برنامج إلى كيان يعزز ثقافة استهلاك الطاقة، وذلك بموجب قرار صدر من مجلس الوزراء، الذي قضى بإنشاء هذا المركز.



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».