بوتين يعلن انتهاء «الهيمنة القطبية» ويعد ببناء «آليات جديدة» للأمن الدولي

حث شركاء بلاده على الانضمام إلى تحالف «التنمية السيادية»

بوتين متحدثاً أمام مؤتمر «الأمن الدولي» الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية (رويترز)
بوتين متحدثاً أمام مؤتمر «الأمن الدولي» الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية (رويترز)
TT

بوتين يعلن انتهاء «الهيمنة القطبية» ويعد ببناء «آليات جديدة» للأمن الدولي

بوتين متحدثاً أمام مؤتمر «الأمن الدولي» الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية (رويترز)
بوتين متحدثاً أمام مؤتمر «الأمن الدولي» الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية (رويترز)

شكّل خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الثلاثاء)، أمام مؤتمر «الأمن الدولي» الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية بحضور وفود عسكرية وأمنية رفيعة من عشرات الدول، قراءة جديدة لخريطة الوضع العالمي.
ومع أن الحديث الروسي عن انتهاء «هيمنة القطب الواحد» والشروع بوضع أسس لعالم متعدد الأقطاب، تكرر كثيراً منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، لكن الإشارات التي وجهها بوتين في خطابه بدت واضحة، باتجاه ميل روسيا نحو توسيع نطاق المواجهة مع الغرب، ووضع مسار محدد يقوم على حشد تحالف من البلدان التي تتفق مع مواقف الكرملين، في مواجهة المحاور والتحالفات التي تقودها واشنطن، مثل حلف الأطلسي و«تحالف أوكوس» الذي يضم بالإضافة إلى الولايات المتحدة بريطانيا وأستراليا، ومساعيها إلى إقامة محاور جديدة على غرار «الناتو» في آسيا ومناطق أخرى.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1559503240982560771
أيضاً، بدا أن الكرملين بعد مرور ستة أشهر على بدء الحرب في أوكرانيا يضع أولويات جديدة في تحركاته مع «الشركاء» تقوم على إطلاق عملية بناء «آليات جديدة» لضمان الأمن الدولي تتجاهل الآليات القائمة حالياً التي يسيطر عليها الغرب. وفي الاتجاه الثالث تعهد بوتين بمواصلة تعزيز القدرات العسكرية والأمنية الروسية رابطاً هذا الهدف للمرة الأولى في خطاب علني بتحديد دور لروسيا في «بناء عالم أكثر ديمقراطية، يحمي حقوق جميع الشعوب، ويضمن التنوع الثقافي والحضاري لها».
المحور الأول في هذا المجال، برز من خلال تأكيد الرئيس الروسي على قراءة بلاده لـ«الواقع الجديد في العالم، الذي تغير بشكل ديناميكي، وبات المزيد والمزيد من الدول والشعوب يختار طريق التنمية السيادية».
وقال بوتين، إن الولايات المتحدة تحاول صرف انتباه المواطنين عن المشكلات الحادة، بينما تحاول نخب العولمة الغربية تحويل اهتمام العالم عن انخفاض مستويات المعيشة والبطالة والفقر، واتهام روسيا والصين بكل الإخفاقات، وزاد أن موسكو وبكين «تدافعان عن رؤيتهما، ووجهات نظرهما في تبني سياسات التنمية السيادية بديلاً عن الخضوع لإملاءات النخب فوق الوطنية».
وفي إشارة إلى جهود روسيا لحشد التأييد لمواقفها، قال، إن «الغرب يحاول إجبار الدول المستقلة على الانصياع لإرادته، والحياة وفقاً لقواعد الآخرين من أجل الحفاظ على هيمنته والتطفل على تلك الدول، حيث تتدخل الولايات المتحدة وأتباعها بشكل صارخ في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، وينظمون الاستفزازات والانقلابات والحروب الأهلية والتهديدات والابتزاز والضغوط والإملاءات».
وتابع بوتين في أول تعليق له على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، إلى تايوان، بالإشارة إلى أن الزيارة «استفزاز مخطط له بعناية»، وزاد أنها أظهرت «استراتيجية أميركية مدروسة لزعزعة استقرار الوضع في المنطقة»، ورأى أن «زيارة بيلوسي لتايوان ليست مجرد رحلة فردية لسياسي غير مسؤول، بل هي استعراض وقح لعدم احترام سيادة الدول الأخرى».
في المحور الثاني اتهم بوتين الغرب بالسعي إلى تعميم نموذج مشابه لـ«الناتو» على منطقة آسيا والمحيط الهادي، «حيث يتم تشكيل تحالفات عسكرية سياسية عدوانية لهذا الغرض، مثل تحالف (أوكوس)، ويسعى الغرب بذلك إلى توسيع نظام كتلته إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي».

ورأى، أن «تقليص التوتر في العالم، والتغلب على التهديدات والمخاطر في المجالين العسكري والسياسي، وزيادة مستوى الثقة بين البلدان وضمان تنميتها المستدامة مشروط بنجاح جهود تعزيز نظام العالم متعدد الأقطاب بشكل جذري»، وأكد أن «نموذج العولمة الحالي للعالم محكوم عليه بالفشل، بغض النظر عن مدى تمسك المستفيدين منه بالوضع الراهن».
في هذا الإطار حدد بوتين لبلاده دوراً جديداً على المستوى الدولي يقوم على «العمل مع الشركاء الذين يشاركوننا التفكير المماثل على تحسين الآليات الراهنة للأمن الدولي وإنشاء آليات جديدة لضمان استقراره».
وشكلت هذه النقطة تطوراً في الموقف الروسي الداعي إلى حشد الشراكات في تحالف مناهض للنظام الدولي الذي تقوده واشنطن، بعد إشارة أولى كان بوتين وجهها الاثنين حول استعداد بلاده لـ«توسيع تسليح الشركاء والحلفاء» وهي إشارة أثارت وفق تحليلات نشرتها وسائل إعلام روسية قلقاً غربياً من توجه بوتين لتكثيف صادرات الأسلحة إلى بلدان تناهض السياسات الأميركية.
واللافت، أن بوتين في إطار حديثه عن الدور الروسي في إنشاء النظام الدولي الجديد، توقف عند عزم بلاده على مواصلة تطوير قدراتها العسكرية والأمنية ووضع مسارات لتوظيف هذا الغرض في خدمة «تعزيز الديمقراطية في العالم والمساهمة في حماية التنوع الثقافي ورفض الإملاءات الخارجية».
أيضاً، كان لافتاً، أن بوتين لم يتطرق كثيراً إلى العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا، وركز غالبية خطابه على رؤيته للنظام الدولي وإخفاق الهيمنة الغربية، في حين اكتفى بإشارة إلى أن «روسيا بدأت عمليتها العسكرية الخاصة بما يتفق تماماً مع ميثاق الأمم المتحدة، حيث كانت أهداف العملية محددة بوضوح ودقة، وهي ضمان أمن الدولة الروسية والشعب الروسي، وحماية سكان دونباس من الإبادة الجماعية».
لكن تتمة هذا الحديث جاءت على لسان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي أعقب بوتين في إلقاء خطاب افتتاحي في المؤتمر، ربط في مقدمته مباشرة بين العملية العسكرية الجارية و«انتهاء الهيمنة القطبية». وقال شويغو، إن «تاريخ 24 فبراير (شباط) (تاريخ اندلاع الحرب) شكل نقطة رمزية لنهاية العالم أحادي القطب».
وأضاف «أصبحت تعددية الأقطاب واقعاً وحقيقة. وقد تحددت أقطاب هذا العالم بوضوح».
واستكمل وزير الدفاع فكرة بوتين حول حشد تحالف يقوم على «التنمية السيادية» وقال، إن الولايات المتحدة سعت إلى زيادة نفوذها في أميركا اللاتينية، في محاولة لجر دول المنطقة إلى مواجهة مع روسيا والصين، مع إطلاق حملات إعلامية مناهضة لروسيا، وإخفاء الحقيقة بشأن العملية في أوكرانيا.
وتابع «اليوم أميركا اللاتينية تواجه تحديات أمنية خطيرة بسبب تطلعات الأميركيين. سياسة واشنطن تهدف إلى كبح تفاعل دول المنطقة مع أي قطب قوي آخر لا تسيطر عليه واشنطن».
وأوضح، أن الولايات المتحدة تحاول الحفاظ على نفوذها في المنطقة «وفقاً لبنود ما يسمى بمذهب مونرو». في الوقت نفسه، أوضح أن «القيم الليبرالية، التي تنظر إليها الولايات المتحدة على أنها اتفاقية للعيش في عالم قائم على قواعدها، تخفي في الواقع الهدف الحقيقي - لبناء وجود عسكري، وبالتالي عرقلة التنمية السيادية للدول».
وأشار إلى أن الفرق الأساسي بين الأقطاب يكمن في أن بعضها يحترم مصالح الدول ذات السيادة، ويأخذ في الاعتبار الخصائص الثقافية والتاريخية للدول والشعوب، بينما يتجاهلها البعض الآخر.
وفي إشارة حملت ما يمكن أن يوصف بأنه إعلان انتصار مسبق، قال شويغو، إن روسيا بدأت تدرس بعناية الأسلحة الغربية التي تم الاستيلاء عليها خلال القتال، مع مراعاة ميزاتها في تكتيكاتها.
وزاد «نأخذ في الاعتبار ميزاتها وصفاتها الخاصة من أجل تحسين أساليب إجراء العمليات القتالية وزيادة فاعلية الأسلحة الروسية».



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.