وفد المكونات السياسية في صنعاء يغادر اليوم إلى جنيف.. ومطالب بحوار مباشر بين الأطراف

المقاومة الشعبية اليمنية بالجوف تعلن رفضها لـ«جنيف» وتعده محاولة أممية لإنقاذ ميليشيات الحوثي وتفريطًا في دماء الشهداء

وفد المكونات السياسية في صنعاء يغادر اليوم إلى جنيف.. ومطالب بحوار مباشر بين الأطراف
TT

وفد المكونات السياسية في صنعاء يغادر اليوم إلى جنيف.. ومطالب بحوار مباشر بين الأطراف

وفد المكونات السياسية في صنعاء يغادر اليوم إلى جنيف.. ومطالب بحوار مباشر بين الأطراف

تشهد الساحة السياسية اليمنية، ومع اقتراب موعد عقد مشاورات جنيف بشأن اليمن، اتصالات مكثفة فيما بين هذه الأطراف واتصالات مع الأمم المتحدة بشأن طريقة إدارة المشاورات المقررة الأحد برعاية بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة.
وقال مصدر سياسي يمني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن الكثير من القوى اليمنية مجمعة على ضرورة تغيير طريقة المشاورات، وهي طريقة جمع كل طرف في مكان منعزل عن الآخر، وقيام الوسيط الدولي بالاستماع إلى وجهات نظر كل طرف ونقلها إلى الآخر، وتلاقي هذه الآلية في المشاورات انتقادات واسعة. وقال محمد علي أبو لحوم، رئيس حزب العدالة والبناء إن كل الأطراف اليمنية ستشارك، وإن هناك حرصا كبيرا على نجاح المشاورات، وشدد على ضرورة أن يجلس اليمنيون إلى مائدة حوار واحدة، وحصلت «الشرق الأوسط» على مذكرة بعث بها أبو لحوم إلى الأمين العام للأمم المتحدة تتعلق بالتطورات على الساحة اليمنية، يقول أبو لحوم في المذكرة: «لقد رحبنا بدعواتكم المتكررة للأحزاب اليمنية لكي تشارك في مشاورات شاملة دون تسويف، وبنيات حسنة، ودون شروط مسبقة، لقد تكررت هذه الدعوات في عدد من قرارات وبيانات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، ويضيف أنه «ورغم خيبة أملنا بسبب تأجيل تاريخ هذه المشاورات التي ستعقد في جنيف، الذي كنتم اقترحتم أن يكون في 28 مايو (أيار)، لا نزال نؤمن بأن هناك فرصة لحماية اليمن من مستقبل مظلم».
وتؤكد المذكرة على أهمية الدور الذي لعبته دول مجلس التعاون الخليجي والذي ستعلبه، حيث يقول أبو لحوم، في مذكرته لبان كي مون، إن «دول مجلس التعاون الخليجي وقفت بجانبنا على الدوام، واليوم نحن بحاجة إلى ذلك الدعم أكثر من أي وقت مضى لبناء يمن جديد ومستقر»، ويردف أنه «وعلى الرغم من كل شيء فالتهديدات الأخيرة للمنطقة لا تدع أمامنا أي خيار سوى العمل معا، فشعوبنا تستحق هذا منا»، وتشدد مذكرة السياسي اليمني على الترحيب بعقد مشاورات جنيف الشاملة برعاية وتسيير الأمم المتحدة، وتؤكد على أن القوى السياسية اليمنية سوف تلتقي «بنية واستيعاب قبول كل منا الآخر»، وذلك لأنه «حان الوقت لإثبات أننا قادرون على تقديم نموذج رائع للتصالح والتسامح اللذين يحتاجهما اليمن والمنطقة بشكل ملح»، وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أجرى مشاورات مطولة مع أبو لحوم، خلال زيارتيه الأخيرتين إلى صنعاء، باعتباره واحدا من الشخصيات السياسية البارزة على الساحة السياسية اليمنية التي تحظى بقبول لدى كل الأطراف.
هذا وعلمت «الشرق الأوسط» أن طائرة خاصة سوف ترسلها الأمم المتحدة إلى صنعاء، سوف تقل قادة الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية الذين سيشاركون في مشاورات جنيف، ومن المتوقع أن يغادر الوفد اليوم (الجمعة)، إذا لم تحدث أي إشكاليات تؤخر الرحلة إلى غد (السبت)، وذكرت مصادر خصوصا أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يكثف من اتصالاته بالأطراف اليمنية من أجل ضمان عدم وجود أي إشكاليات قد تعرقل انطلاق المشاورات التي تحظى باهتمام دولي.
في هذا السياق، أعلنت الحكومة اليمنية الشرعية أسماء ممثليها في مشاورات جنيف، وقالت مصادر في صنعاء إن الوفد الحكومي يضم الدكتور رياض ياسين وزير الخارجية، عزي الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان، فهد سليم كافين وزير المياه والبيئة، أحمد الميسري أبرز قادة المقاومة الشعبية الموالية لهادي في عدن والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، عبد الوهاب محمد الحميقاني أمين عام حزب الرشاد السلفي، عبد العزيز جباري أمين عام حزب العدالة والبناء، والشيخ عثمان مجلي أحد وجهاء محافظة صعدة.
من جهتها أعلنت المقاومة الشعبية اليمنية في محافظة الجوف أمس (الخميس)، رفضها مؤتمر جنيف المزمع انعقاده يوم الأحد.
وأكدت المقاومة في بيان لها أن «مؤتمر جنيف يعد محاولة إنقاذ أممية لميليشيات الحوثي الانقلابية التي تجاوزت كل الأعراف المحلية والدولية».
وأشارت إلى أن مثل هذه الجهود في ظل استمرار القتل والتدمير والانقلاب على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني «لا يخدم السلم الأهلي ويقوض الدولة ومؤسساتها، وأن المقاومة تؤكد أن الحوار مع هذه الميليشيات لا يعدو كونه مضيعة للوقت وفرصة أخرى لهم لعمل المزيد من القتل والدمار بحق، وعليه نرفض رفضا قاطعا أي محاولات لإنقاذ الميليشيات الانقلابية ومنحها أي حصانة على ما ارتكبوه من جرائم بحق اليمنيين».
وطالبت المقاومة من الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة اليمنية - وفق البيان - بعدم الجلوس مع من تآمروا على الوطن وانقلبوا على كل المعاهدات، واعتبرت التفاوض معهم انتكاسة لجهود المقاومة الشعبية وتفريطا في دماء الشهداء. كما طالبت قوات التحالف العربي بحماية الشرعية وعدم إتاحة أي فرصة للحوثيين قبل عودتهم عن خطواتهم «الانقلابية» والاعتراف بالشرعية ووقف الحرب وتسليم السلاح والانسحاب الكامل من المدن وتنفيذ القرار الأممي رقم 2216.
وكانت المقاومة الشعبية في محافظتي تعز ومأرب، قد أعلنت في الأسابيع الماضية رفضها لمؤتمر جنيف الذي سيجمع الأطراف اليمنية السياسية على طاولة واحدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.