ميليشيات الحوثي وصالح تمنع دخول سفن الإغاثة إلى عدن والضالع

المجاعة تفتك بعائلة كاملة وتزايد الوفيات بحمى الضنك.. وأطباء بلا حدود تستقبل 100 جريح في 24 ساعة

يمنيون من محافظة إب يحملون غالونات فارغة على أمل ملئها بالماء بعد تفاقم الأزمة السياسية والانسانية في اليمن نتيجة الحصار الحوثي ومنعهم لشحنات الإغاثة (غيتي)
يمنيون من محافظة إب يحملون غالونات فارغة على أمل ملئها بالماء بعد تفاقم الأزمة السياسية والانسانية في اليمن نتيجة الحصار الحوثي ومنعهم لشحنات الإغاثة (غيتي)
TT

ميليشيات الحوثي وصالح تمنع دخول سفن الإغاثة إلى عدن والضالع

يمنيون من محافظة إب يحملون غالونات فارغة على أمل ملئها بالماء بعد تفاقم الأزمة السياسية والانسانية في اليمن نتيجة الحصار الحوثي ومنعهم لشحنات الإغاثة (غيتي)
يمنيون من محافظة إب يحملون غالونات فارغة على أمل ملئها بالماء بعد تفاقم الأزمة السياسية والانسانية في اليمن نتيجة الحصار الحوثي ومنعهم لشحنات الإغاثة (غيتي)

تتفاقم الأزمة الإنسانية في عدن والضالع وأبين ولحج بشكل مستمر، فعلى الرغم من الجهود الإغاثية المعلنة فإن الميليشيات الحوثية وقوات صالح تحول دون وصول هذه المساعدات الإنسانية إلى السكان المحليين الذين يعانون من وطأة الحرب والحصار معا، فهذه عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية للبلاد لم تصلها غير 4 سفن إغاثية، وتلك الضالع المخنوقة برا لم تسمح هذه الميليشيات فيها بعبور 12 شاحنة إغاثة إنسانية تحمل على متنها 6000 سلة غذائية فقط، ومع ضآلتها توقفت عند حدودها الشمالية وتحديدا في مدينتي دمت وقعطبة، وبدعوى أنها ذاهبة إلى الدواعش والتكفيريين في جبهة أقل ما يقال عنها إنها خالية من التنظيم الإرهابي.
هذه الميليشيات والقوات الانقلابية ما فتئت مطالبة بهدنة إنسانية، كما تمارس أبشع صور الحصار، تجاه مدينة عدن والمدن الجنوبية المحيطة بها، فالخضراوات والمواد التموينية ممنوعة من الدخول لعدن، فضلا عن قطع المياه عن مناطق الشيخ ودار سعد والمنصورة بسبب منع وصول الديزل لمضخات بئر ناصر. كما أن رواتب آلاف العائلات لم تصرف منذ ثلاثة أشهر.
وقال الفريق الإنساني لاتحاد المجموعات الجنوبية إن معاناة المجتمع في محافظات الجنوب تزداد تفاقما بمضي الأيام واستمرار حالة الحرب والحصار. وأضاف الفريق في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن «أعداد ضحايا الحرب والحصار في ارتفاع مستمر، في مناطق الجنوب خاصة، فالحرب تسببت في حدوث حالات جوع ومرض بين النساء والأطفال والشيوخ وكبار السن». ولفت الفريق إلى أن «الوضع الإنساني في مناطق الجنوب صعب للغاية، وفي تدهور دائم، في ظل استمرار الاقتتال في عدد من المدن وفي أوساط الأحياء وانعدام المواد الغذائية، وبالتزامن مع أزمة خانقة في المشتقات النفطية، وانقطاع متواصل للتيار الكهربائي».
وأشار الفريق الإنساني إلى أن «ما يقدمه بعض من هم محسوبون على الشرعية من أعذار واهية لمنع توصيل المساعدات الإنسانية إلى مناطق الجنوب ما هو إلا عذر أقبح من ذنب، وأن هناك تعاونا مشتركا وواضحا وشفافا مع بعض وسائل الإعلام، حيث نرى أن هناك تضليلا إعلاميا مفتعلا وتقليلا من حجم الكارثة التي تعيشها محافظات الجنوب».
وقال الفريق الإنساني «إن ما دفعنا للتحدث والخروج عن صمتنا هو الكيل بمكيالين الذي يمارس من قبل بعض من يتغنى باهتمامه بالوطن والمواطن، وبالأصح من الذين انعدمت لديهم الإنسانية، بل وتبين لنا مصرع ضمائرهم، ففي الوقت الذي تعيش فيه عدة مناطق جنوبية كارثة إنسانية، وتتزايد معاناة أبناء المناطق المنكوبة وتتفاقم أوضاعهم، وتتعمق مأساتهم نتيجة الإهمال المتعمد، تتضافر جهود الكثير من المحسوبين على الشرعية للقضاء على أي أمل لوصول الإغاثة إلى النازحين في الجنوب ولهدف في نفس يعقوب، إذ أشارت التقارير إلى أن كل سفن المساعدات الإنسانية التي وصلت ذهبت إلى ميناء الحديدة، والتي قدر عددها حسب التقارير الواصلة إلينا بأكثر من مائة سفينة، مقابل 4 سفن فقط وصلت إلى مناطق النزاع في الجنوب واستقبلها ميناء عدن».
وفي ختام تصريحه، ناشد الفريق الإنساني لاتحاد المجموعات الجنوبية إنزال المساعدات الإنسانية إلى عدن ولحج عن طريق الجو لضمان وصولها والتنسيق مع الجمعيات الجنوبية التي تعمل على إغاثة الشعب بإمكانيات شحيحة.
إلى ذلك، فجعت مدينة الشيخ عثمان في محافظة عدن، الاثنين الماضي، بموت عائلة بكاملها جوعا. وقال سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إن العائلة المكونة من أم وأربعة أبنائها وشقيقتها (ثلاث فتيات لا يتجاوز عمر أكبرهن 12 سنة، وولد في العاشرة من عمره، إلى جانب خالة الأطفال ذات الثلاثين عاما) قضت نحبها جراء المجاعة. وأضاف السكان في أحاديثهم أنه ونتيجة للحصار المفروض على عدن من الميليشيات وأتباع الرئيس المخلوع وما ترتب عليه من انعدام للغاز والكهرباء والماء، لقيت الأسرة حتفها. وأشار هؤلاء إلى أن الحادثة الواقعة في حي الشهيد عمر قد أصابتهم بصدمة كبيرة، كما أصابت سكان مدينة الشيخ عثمان عامة بالذهول والحسرة، إذ إنها لم تكتشف سوى بعد أن طفحت رائحة الموتى إلى خارج المسكن، وهو ما استدعى من عاقل الحي فتح الباب ليتم العثور على المأساة المروعة التي هزت المدينة. ولفت السكان إلى أنه وبعد العثور على أفراد الأسرة وقد تعفنت جثثهم كانت المفاجأة الأكبر أن الأهالي تفقدوا المنزل ولم يجدوا فيه وجبة غذاء، وهو ما اعتبروه سببا لوفاة أفراد العائلة تحت وطأة المجاعة.
وفي غضون ذلك، كان ائتلاف الإغاثة الشعبية قد أصدر بيانا وصف فيه الحالة الإنسانية في عدن بالحرجة للغاية. وقال البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن الوضع الإنساني في عدن لا يزال في مستوى حرج للغاية، نظرا لازدياد كبير في أعداد النازحين الذين يعانون نقصا حادا في متطلبان إيوائهم، فضلا عن شحة كبيرة في المواد الغذائية، وكذا حاجة السكان الملحة والكبيرة إلى توفير بعض أنواع الأدوية، ومحاليل مكافحة الأوبئة، وأجهزة تشخيص حمى الضنك، وبعض الأمراض المعدية. وأورد بيان الائتلاف ملخصا عن الوضع الإنساني والإغاثي في عدن، أوضح فيه أن الهدنة الإنسانية لم تستفد منها عدن كثيرا، فقد ظلت وتيرة الأعمال الإغاثية في عدن متدنية، وظلّت موانئ عدن الرئيسية مغلقة أمام البواخر الكبيرة. وتساءل البيان عن السبب الذي حال دون وصول البواخر الإغاثية إلى موانئ عدن أسوةً بميناء الحديدة، كذلك خلال أيام الهدنة ظل مطار عدن الدولي مغلقا أمام أي حمولات إغاثية، وخلال فترة الهدنة تم منع عبور القاطرات المحملة بالمواد الغذائية من مخازن المعلا إلى المناطق المكتظة بالنازحين في مديريات عدن، علما بأنه تم السماح بعبور عدد كبير من القاطرات المحملة بالمواد الغذائية من مخازن المعلا إلى المحافظات الأخرى، كذلك تم منع عبور القاطرات المحملة بالمواد الغذائية إلى عدن القادمة من المحافظات الأخرى. وأكد أن كل هذا حدث في وقت لم يتوقف فيه النزوح داخل عدن وخارجها.
وحول المتطلبات الإنسانية والإغاثية قال الائتلاف بضرورة توفير المواد الغذائية ..«فعلى الرغم من الجهود المبذولة في توفير الغذاء من عدد من المؤسسات الإغاثية المحلية والإقليمية فإن الحاجة كبيرة جدا لتوفير الغذاء لعدد 200 ألف أسرة شهريا، ومع ازدياد عدد النازحين من مناطق التماس إلى المناطق الآمنة هناك حاجة ملحة لإيواء نحو 600 ألف نازح وتوفير ما يلزمهم من الفرش والأغطية ووسائل الطبخ والأواني، وهناك حاجة ماسة لكميات كبيرة من الأدوية، وكذا لإجلاء مئات الجرحى الذين تقتضي حالتهم سفرهم إلى خارج البلاد، وكفالة نقلهم وعلاجهم، ومع ظهور أعراض إصابات لحمى الضنك ووفاة 112 حالة من إجمالي 1084 حالة، هناك حاجة ماسة للأدوية والأمصال، وإلى مكافحة هذا الوباء، كذلك هناك حاجة لأجهزة تشخيصية لهذه الأمراض السارية، وهناك حاجة ماسة لمستشفى عائم يستطيع نقل الجرحى إلى جيبوتي بحرًا من ثم سفرهم جوًا.
وكانت أسعار المواد والسلع الأساسية قد شهدت ارتفاعا غير مسبوق، حيث ارتفعت الأسعار إلى أربعة أضعاف بسبب الحصار المفروض من قبل الميليشيات وقوات صالح، وترتب على ذلك فقدان تام أحيانا للمشتقات النفطية.
وفي سياق ذي صلة، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود في عدن أول من أمس عن استقبالها أكثر من 100 جريح بينهم نساء وأطفال نتيجةً للقصف العنيف على حي البساتين السكني في المدينة. ومنذ 19 مارس (آذار)، استقبلت المنظمة أكثر من 2.500 جريح في اليمن، بينهم أكثر من 1.800 في عدن وحدها. وفيما يتدهور الوضع في المدينة الواقعة جنوب البلاد، لا تستطيع فرق المنظمة التحرك ضمن المدينة لتوفير الرعاية الصحية للجرحى، في حين أن كثيرا من المرضى غير قادرين على الوصول إلى المستشفى.
وفي هذا الصدد، قال تيري غوفو، منسق مشروع أطباء بلا حدود في عدن: «استقبلنا في غضون الساعات الـ36 الماضية أكثر من 130 جريحا معظمهم من البساتين، عقب تعرض هذا الحي السكني للقصف الذي طال أيضا جنازة كانت تقام هناك. المستشفيات في عدن ملأى، وبعضها تضع الفرش خارج أبوابها لإيواء المرضى. ونحن قلقون بشأن المرضى الذين لا يسعهم الحصول على الرعاية، في حين أن المرضى الموجودين في المستشفيات خائفون من مغادرتها».
وتدير منظمة أطباء بلا حدود بشكل مستقل مستشفى لجراحة الطوارئ يقع ضمن مجمع مستشفى الصداقة في مديرية الشيخ عثمان في عدن. كما تدعم المنظمة مجمع كريتر الطبي، وتدير عيادات جراحية متنقلة للمرضى الذين لا يتمكنون من الوصول إلى مستشفى أطباء بلا حدود، إلا أن الذهاب إلى أجزاء أخرى من المدينة محفوف بمخاطر هائلة. وأضاف غوفو: «مُنعت فرقنا عدة مرات من التحرك ضمن المدينة واستقبال شحنات المساعدات الطبية من الميناء. وإننا بحاجةً إلى منحنا حرية الوصول كي نتمكن من توفير الرعاية الطبية لمن هم في حاجةٍ إليها».
ولا يعاني المدنيون في عدن من جراء القتال فحسب، إنما يعانون أيضا نتيجة عزلتهم وحصارهم وسط جبهات القتال.
وقال حسن بوسنين، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في اليمن: «هناك نقص في الغذاء وغاز الطبخ والوقود والأدوية، كما أن النظام الصحي ينهار، والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة لا يتمكنون من الحصول على أدويتهم، في حين أن الجثث في الشوارع، والمدينة أضحت مكبا مفتوحا حيث تملأ النفايات الطرق». وأضاف بوسنين: «من المهم للغاية أن يتم رفع الحصار على الغذاء والأدوية وإنشاء قنوات تسمح بالوصول جوًا وبحرًا وبرًا دون معوقات، من أجل تأمين ما يحتاجه السكان للبقاء على قيد الحياة».
وكانت مجموعة من المنظمات الإنسانية الدولية دعت قادة العالم لإيجاد حل دائم للأزمة الراهنة في البلاد لحماية الملايين من المدنيين قبيل بدء محادثات السلام حول اليمن الأحد المقبل في جنيف. ومن جهته، قال هانيبال أبي وورقو، مدير مكتب المجلس النرويجي للاجئين في اليمن: «إن هذا الصراع يعرض الملايين لخطر الموت والجوع وتفشي الأمراض»، كما أضاف: «من غير المقبول أن يظل العالم جالسا وهو يشاهد كارثة إنسانية بهذا الحجم تنتشر في اليمن».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.