فرنسا ترفع عديد قواتها في أفريقيا الوسطى إلى ألفي رجل

خمس دول أوروبية تتجه لإرسال جنود لضمان الأمن ببانغي مطلع مارس

فرنسا ترفع عديد قواتها في أفريقيا الوسطى إلى ألفي رجل
TT

فرنسا ترفع عديد قواتها في أفريقيا الوسطى إلى ألفي رجل

فرنسا ترفع عديد قواتها في أفريقيا الوسطى إلى ألفي رجل

أعلنت فرنسا أمس عزمها تعزيز قواتها المنتشرة في جمهورية أفريقيا الوسطى بـ400 جندي إضافي، ليصل العدد الإجمالي لجنودها هناك إلى ألفي رجل. ودعت أيضا شركاءها الأوروبيين إلى تسريع نشر جنودهم في هذا البلد الذي تتزايد فيه أعمال العنف يوميا.
واتخذ الرئيس فرنسوا هولاند هذا القرار في ختام اجتماع لمجلس الدفاع المصغر عقد أمس في قصر الإليزيه. وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن «المجلس أخذ بعين الاعتبار نداء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى تعبئة المجتمع الدولي، وكذلك قرار الاتحاد الأوروبي القيام بعملية عسكرية في أفريقيا الوسطى». وأضاف البيان أن هولاند «قرر رفعا مؤقتا لعدد الجنود الفرنسيين المنتشرين في أفريقيا الوسطى إلى ألفين»، مضيفا أن «الجهد الإضافي المتمثل في نشر 400 جندي يشمل الانتشار المبكر لقوات قتالية وقوات درك فرنسية ستشارك لاحقا في العملية العسكرية للاتحاد الأوروبي فور انتشارها». كما دعا الرئيس الفرنسي «الاتحاد الأوروبي لتسريع نشر قوة (يوفور)، ومن ضمنها قوة الدرك الأوروبية». وسيكون مقر هذه القوة التي تعرف باسم «يوفور - جمهورية أفريقيا الوسطى» في لاريسا في اليونان، وستركز عملها بشكل خاص في العاصمة بانغي لفرض الأمن في منطقة مطار مبوكو الذي يضم مخيما ضخما يعيش فيه أكثر من 70 ألف شخص.
وتنشر فرنسا حاليا 1600 جندي في إطار «عملية سانغاريس العسكرية» التي بدأت مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأفادت مصادر دبلوماسية بأن عدد الدول الأوروبية التي سترسل جنودا للمشاركة في العملية العسكرية للاتحاد الأوروبي قد يكون أكبر من المتوقع. ويمكن أن «يشارك في العملية نحو 900 عسكري» أي أكثر من الـ500 الذين كانوا متوقعين حسب موقع «بروكسل 2» المتخصص في شؤون الدفاع الأوروبي.
وإضافة إلى فرنسا، هناك خمس دول من الاتحاد الأوروبي عرضت المشاركة في قوة «يوفور - جمهورية أفريقيا الوسطى»، حسبما أفاد دبلوماسي أوروبي. وهذه الدول هي بولندا واستونيا ولاتفيا والبرتغال ورومانيا وربما إسبانيا أيضا. وقد تبدأ القوات الأوروبية (500 جندي لضمان أمن مطار بانغي ودعم القوات الفرنسية والقوة الأفريقية) في الوصول مطلع مارس (آذار) المقبل.
وتعاني أفريقيا الوسطى التي تشهد انتشارا كبيرا لمجموعات مسلحة تعيث فسادا ونهبا لا تسيطر الدولة فيه على شيء، من «تطهير عرقي»، وفق منظمة العفو الدولية. ورأت المنظمة الحقوقية أنه بعد أعمال العنف التي تورط فيها عناصر «سيليكا» المسلمون على مدى عشرة أشهر، باتت الميليشيات المسيحية المعروفة باسم «انتي بالاكا» تمثل «أكبر أعداء السلام» الآن. ونزح نحو مليون شخص من أصل 4.6 مليون نسمة من ديارهم إلى الطرقات والمخيمات بحثا عن اللجوء. وقال المفوض الأعلى للاجئين أنطونيو غوتيريس إنها كارثة إنسانية «لا توصف»، وهي متواصلة رغم انتشار سبعة آلاف جندي أجنبي (1600 فرنسي و5400 عسكري من قوات الاتحاد الأفريقي لجمهورية أفريقيا الوسطى) الذين أقرت لهم الأمم المتحدة مطلع ديسمبر التدخل لاستعادة النظام والأمن، ورغم ملايين الدولارات التي وعدت بها الدول المانحة لإخراج هذا البلد من الهاوية.
وأمام الفوضى أجمعت كل الأطراف (المجتمع الدولي والحكومة الانتقالية في أفريقيا الوسطى والمنظمات غير الحكومية) على نقطة هي أنه لا بد من مزيد من العسكريين والشرطيين على الأرض لاستعادة النظام والأمن كأولوية الأوليات قبل إعادة بناء ما يشبه الدولة والإدارة. وقالت جينفييف غاريغوس، رئيسة فرع فرنسا في منظمة العفو الدولية «هناك حاجة ملحة جدا إلى القوات. قلناها منذ البداية، وقالت الأمم المتحدة إنه لا بد من تسعة إلى عشرة آلاف رجل». وانتقدت منظمتها في تقرير رد القوات الدولية على «التطهير العرقي» الذي يستهدف المسلمين المدفوعين إلى الهجرة من ميليشيات «انتي بالاكا»، واعتبرته ردا «متهاونا جدا».
وكثفت هذه الميليشيات التجاوزات منذ استقالة الرئيس ميشال غوتوديا الذي كان ينتمي إلى حركة سيليكا التي نصبته رئيسا في مارس 2013، في العاشر من يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال تيري فيركولون، المتخصص في بلدان وسط أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن المشكلة هي أن «الجميع يريد التخلص من أزمة أفريقيا الوسطى الساخنة ويمررها إلى الآخر».
وتصطدم دعوة فرنسا للمجتمع الدولي لنشر قوات حفظ سلام أممية بعقبات، أهمها ضرورة تبني مجلس الأمن الدولي لقرار جديد، وتردد دول غربية مثل الولايات المتحدة (لأسباب مالية) وأخرى أفريقية مثل تشاد وتوغو المقحمتين أصلا في أفريقيا الوسطى بأعداد كبيرة من الجنود في القوة الأفريقية. واعتبرت غاريغوس أنه فضلا عن ذلك لن يجري تنفيذ عملية كهذه قبل الصيف أي عندما «يكون فات الأوان».



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.