النازحون من حمص يعيشون ظروفا بالغة القسوة

اليأس دفعهم إلى أكل أوراق الأشجار.. والقطط والديدان

النازحون من حمص يعيشون ظروفا بالغة القسوة
TT

النازحون من حمص يعيشون ظروفا بالغة القسوة

النازحون من حمص يعيشون ظروفا بالغة القسوة

حتى الأشجار دائمة الخضرة جردت من أوراقها هذا الشتاء، في المناطق المحاصرة من مدينة حمص، هكذا وصف النازحون السوريون الذين تمكنوا من مغادرة المدينة خلال الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة والتي جرى تمديدها ثلاثة أيام أخرى، وحالة اليأس الشديد دفعتهم إلى أكل أوراق الأشجار والبحث عن النباتات وأكل القطط وديدان الأرض.
اتفاق المساعدات، الذي سمح للمدنيين بالفرار ووصول المساعدات إلى الأحياء التي يسيطر عليها المتمردون في المدينة القديمة من حمص، حيث كانت الإمدادات الغذائية شحيحة خلال العام ونصف الماضيين ومعدومة لعدة أشهر، وقدمت أملا ضئيلا في وقت لا تزال الجولة الثانية من محادثات السلام في جنيف تشهد فيه طريقا مسدودا، فعقب محادثات هامشية مع الولايات المتحدة وروسيا أول من أمس، اعترف مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي بأن «الفشل هو العنوان الرئيس». لكنه وصف اتفاق حمص، وتمديد وقف إطلاق النار هناك، باعتباره تطورا إيجابيا، وأعرب عن أمله في إمكانية تكراره في أماكن أخرى، ولكن من دون الحاجة إلى «معجزة لخروج شعبنا على قيد الحياة» - في إشارة إلى الاستهداف المتعمد لقوافل المساعدات بقذائف الهاون.
كان من بين النازحين أبو نزار (72 عاما)، الذي عاش جل حياته في المدينة القديمة، مع الدفعة الأولى من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم قبل أسبوع. وقتل واحد من جماعته برصاصة في المعدة على يد قناص، بينما كانوا يعبرون أرضا مفتوحة تحيط بها مركبات الأمم المتحدة.
كان أبو نزار يائسا، إذ لم تكن تلك أول محاولة له لمغادرة البلاد. وقال إنه حاول الهرب قبل سبعة أشهر، عبر نفق يستخدم لتهريب الإمدادات الغذائية الثمينة للمنطقة، القوات الحكومية السورية فجرت النفق وانهار جزئيا، بينما كان في الداخل. وبعد إغلاق الأنفاق، ازداد الوضع سوءا، فلم يتمكنوا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، من الحصول على الخبز والقمح أو الأرز.
وتتهم المعارضة الأسد باستخدام أساليب التجويع بوصفه سلاحا في الحرب، وتقول الأمم المتحدة إن نحو 200 ألف مدني يعيشون تحت الحصار في جميع أنحاء البلاد.
وقال أبو نزار، الذي استخدم كنيته فقط لأسباب أمنية في مقابلة على «سكايب»: «كنا نأكل الديدان. كان الأمر مثيرا للغثيان، ولكننا اضطررنا لأكلها».
وقال نازح آخر، أبو جلال تيلاوي إنه اضطر لأكل القطط، وأنه لو بقيت هناك قطط في حمص القديمة، لما غادر موطن أجداده». وقال النازح البالغ من العمر 64 عاما، وقد بح صوته من الانفعال وهو يتحدث: «إن القنابل لم تتمكن من إخراجنا، ولكن الجوع هو الذي انتصر. كان الناس يأكلون العشب، وكنا أشبه بقطعان الحيوانات».
ومع تسليم برنامج الغذاء العالمي أول شحنات الغذاء هذا الأسبوع، قال ماثيو هولينجورث، مدير الشأن السوري في الوكالة، إنه لم ير مثل مشاهد العوز هذه. وقال: «كان الناس يعيشون في أقبية منازلهم ويزحفون بينهم في أنفاق».
وحتى الآن جرى إجلاء ما يقرب من نصف المدنيين الذين يقدر عددهم بنحو 2500 شخص والمحاصرين في البلدة القديمة.
ونتيجة هذه الظروف المعيشية بالغة السوء سيضطر مئات من الرجال بين 15 و55 عاما، وفقا لبنود الاتفاق، الخضوع لاستجواب من قبل قوات الأمن السورية قبل مغادرته.
وقال أبو جلال إن أمن الدولة حاولوا أخذه للاستجواب، ولكن مسؤولي الأمم المتحدة تدخلوا لإنقاذه. وأضاف: «صرخ عليهم وقال لهم إننا رجال كبار السن ولا يمكن القبض علينا. ومن ثم تمكنا من مغادرة البلاد».
ولكن حتى أولئك الذين ظلوا في المدينة يخشون من أن تعاود الكرة نفسها مرة أخرى. ففي أثناء خروجهم، يجري منحهم الاختيار إلى أي الأماكن التي يرغبون في الذهاب إليها، حيث يختار الكثيرون منهم حي الواعر، الذي يقع جزئيا تحت سيطرة الثوار.
لكن أبو جلال قال إن الطعام هناك نادر أيضا، وقال إنه عندما حاول مغادرة المنطقة لشراء البقالة هذا الأسبوع عاد من نقطة تفتيش الحكومة. وقال: «قلت للناس أن يبدأوا في تربية القطط والكلاب لأنك لا تعرف متى ستحتاج إلى أكلها. فما إن يتوقف العالم عن مراقبة الوضع، سيتكرر الأمر هنا مجددا».
* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ {الشرق الأوسط}



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.