ما هو المرض الغامض للفرعون «سبتاح»... قدم حنفاء أم شلل أطفال؟

دراسة أسترالية حديثة استبعدت التشخيص الأشهر

مقبرة الفرعون سبتاح (مشروع رسم خرائط طيبة)
مقبرة الفرعون سبتاح (مشروع رسم خرائط طيبة)
TT

ما هو المرض الغامض للفرعون «سبتاح»... قدم حنفاء أم شلل أطفال؟

مقبرة الفرعون سبتاح (مشروع رسم خرائط طيبة)
مقبرة الفرعون سبتاح (مشروع رسم خرائط طيبة)

كما أن حياة الفرعون «سبتاح»، كانت مليئة بالجدل والمراوغات، فإن مرضه أيضاً حير العلماء، حتى أن دراسة دولية، نشرتها مؤخراً دورية «العلوم العصبية»، لم تجد أفضل من حالته لتكون نموذجاً للمشاكل المرتبطة بتشخيص الأمراض في العالم القديم.
وينتمي سبتاح، للأسرة التاسعة عشر (نحو 1200 قبل الميلاد)، والذي وصل إلى الحكم بمساعدة مستشاره «باي»، وهو في سن العاشرة، ثم قام لاحقاً بإصدار قرار بإعدام مساعده، بعد أن نما إلى علمه تفاخره علناً، بأنه كان صاحب الفضل في وصوله للحكم.
ولا يعرف لهذا الملك هوية أب، وكانت هوية نسبه بالنسبة للأم محل جدل لسنوات، حيث كان الاعتقاد في البداية أن «تيا» زوجة الملك سيتي الثاني، هي أمه، ولكن تم اكتشاف اسم والدته في منحوتة بمتحف اللوفر بفرنسا، تضم اسمه إلى جانب اسم والدته «سوتايليا»، والتي رأى بعض العلماء، أنها لم تكن مصرية الأصل، لأن اسمها ذو أصول كنعانية.
ودفن هذا الملك بعد وفاته في وادي الملوك بالمقبرة «47»، ولكن المومياء اختفت من هذه المقبرة، وعثر عليها عام 1898 ضمن 18 مومياء مخبأة بمقبرة «أمنحتب الثاني»، وأجرى عالم التشريح الأسترالي «جرافتون إليوت سميث» في عام 1905. تشريحاً للمومياء، رجح على إثره أن «سبتاح» كان مصاباً في قدمه اليسرى بـ«القدم الحنفاء».
والقدم الحنفاء، هي تشوهات خُلقية بالقدم تظهر منذ الولادة، حيث تكون قدم الطفل ملتوية عن شكلها الطبيعي، وذلك لأن الأنسجة التي تربط العظام بالعضلات والتي تُعرف بالأوتار أقصر من المعتاد.
واستبعدت دراسة لاحقة أجريت بالأشعة السينية عام 1968، تشخيص «القدم الحنفاء»، واستندت إلى أن هناك ضمور وقصر، ملاحظ في الساق اليمنى، يرجح بشكل أكبر الإصابة بشلل الأطفال.
وأجرى هذه الدراسة «والتر وايتهاوس»، اختصاصي الأشعة بجامعة ميتشيغان الأميركية، ونشرت نتائجها عام 1973. وأشار فيها إلى أن قصر الساق اليمنى وضمور الأنسجة الرخوة يشير إلى وجود مرض عصبي عضلي في مرحلة الطفولة، وقال إن شلل الأطفال أحد الاضطرابات التي تؤدي إلى مثل هذه النتائج بشكل عام.
وحظي تشخيص وايتهاوس باهتمام كبير، حتى بات التأريخ لمرض شلل الأطفال يتوقف عند حالة الملك الفرعوني «سبتاح».

 مومياء الفرعون سبتاح وقدمه التي آثارت جدلا لم يحسم

ومالت دراسة لاحقة نشرت عام 1978 وأجراها «دزيرزيكراي روغالسكي»، من الأكاديمية البولندية للعلوم، إلى التشخيص الأول، وهو أنه كان مصاباً بـ«القدم الحنفاء»، نظراً لأن وجود مرض شلل الأطفال في مصر القديمة غير مؤكد، وهناك أدلة محدودة على وجوده في العصور القديمة بشكل عام، ورغم ذلك ظل تشخيص «شلل الأطفال» لـ«والتر وايتهاوس»، هو الأكثر تداولاً.
واستعرضت أحدث دراسة نشرت في عدد أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من دورية «العلوم العصبية»، تحت عنوان «المرض المراوغ للفرعون سبتاح... مشاكل قديمة وآفاق مستقبلية»، هذه الدراسات السابقة، وأعلن باحثوها الذين ينتمون إلى جامعة فليندرز الأسترالية، ومركز أبحاث علم الإنسان الطبي الشرعي وعلم الأمراض القديمة وعلم الآثار الحيوي في مدينة أفولا بإيطاليا، والمعروف اختصاراً باسم (فاباب)، أنهم يميلون إلى تشخيص «جرافتون إليوت سميث» عام 1905، الذي أيده البولندي «دزيرزيكراي روغالسكي»، وهو أن الملك سبتاح أصيب بـ«القدم الحنفاء».
ويقول الباحثون في دراستهم إن الطرف السفلي المحنط بالساق اليسرى (المنطقة من الفخذ حتى أصابع القدم) تشير في رأيهم إلى أنه أصيب بأحد أنواع القدم الحنفاء، والتي تكون فيها القدم أكثر تقوساً، كما يدخل الكعب للداخل.
وأشاروا إلى أن عضلة «الظنبوب» الخلفية تلعب دوراً مهماً في إجبار القدم على اتخاذ مثل هذا الشكل المعطل.
وعضلة الظنبوب، هي عضلة صغيرة مركزية موجودة في الجانب الخلفي للساق، وتقع بين عظمتي الشظية والساق في الجزء الأسفل من الساق، وتتحدر لأسفل للتواصل مع مختلف العظام الأخرى من خلال الكاحل.
ويطالب الباحثون بإجراء إجراء تحليل نسيجي مفصل لحسم التشخيص، لا سيما أن الأنسجة العضلية للملك سبتاح محفوظة بشكل جيد، واستبعدوا في الوقت الراهن إمكانية تنفيذ الاقتراح الذي قدمه آخرون، بالبحث عن المادة الجينية الخاصة بفيروس شلل الأطفال في المومياء لحسم التشخيص.
ويقول فرانشيسكو ماريا جالاسي، من كلية الآثار بجامعة فليندرز الأسترالية ومركز أبحاث (فاباب) بإيطاليا، وأحد الباحثين المشاركين بالدراسة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن التحليل النسيجي سيظهر التغيير المرضي المحتمل (الضمور) أو الألياف العضلية، وبالتالي السماح بمعرفة المزيد عن الحالة.
وأوضح أن التحليل الجيني لن يؤتي بثماره في الوقت الراهن، لأن فيروس شلل الأطفال هو أحد فيروسات الحمض النووي الريبي (RNA)، وهذا النوع من المادة الوراثية عرضة للتلف سريعاً في البيئة، لذا فإن استعادته تمثل بالفعل مشكلة، لا سيما أننا نتعامل مع بقايا بشرية يعود تاريخها إلى آلاف السنين.
وأضاف أنه «من أجل إثبات معاناة شخص في الماضي من شلل الأطفال، وذلك قبل الحالة الأولى المعترف بها دولياً، وهي حالة الكاتب الأسكوتلندي الشهير (والتر سكوت)، المتوفى في 21 سبتمبر (أيلول) 1832. فإن الباحثين يحتاجون إلى الجمع بين الأبحاث التشريحية والتاريخية والأرشيفية»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه «لا يمكننا استبعاد أنه، في المستقبل، قد تظهر تقنيات متطورة تسمح بدراسة الحمض النووي الريبي القديم».
وعن أسباب اهتمامهم بحالة الملك «سبتاح» على وجه التحديد، قال: «كانت إعادة تقييم حالة سبتاح جزءاً من اهتمام أوسع بالمومياوات الملكية المصرية القديمة، حيث ندرس مشاكل التشخيص بأثر رجعي في علم الأمراض، وقمنا بتسليط الضوء على هذه الحالة كحالة نموذجية».
ويضيف أن «هذه الدراسات، لا سيما التي تدرس الأمراض المعدية القديمة، تسمح لهم بإعادة بناء المسار التطوري للبشر في تفاعلهم مع الأمراض، وتطوير نموذج للتنبؤ بما سيحدث في المستقبل، استناداً على ما حدث في الماضي».



ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.