رأى عدد من خبراء الأمن أن مصادرة وثائق حكومية أميركية سرية، من منتجع الرئيس السابق دونالد ترمب، في مارالاغو، تسلط الضوء على مخاوف الأمن القومي المستمرة التي يشكلها الرئيس السابق ومنزله، الذي أُطلق عليه اسم «البيت الأبيض الشتوي».
ويخضع ترمب لتحقيق اتحادي حول انتهاكات محتملة لقانون التجسس، الذي يجرّم تقديم المعلومات لدولة أخرى، أو إساءة التعامل مع معلومات دفاعية أميركية، أو تبادلها مع غير المخولين بذلك، وفقاً لأمر التفتيش القضائي.
وعندما كان رئيساً، كشف ترمب أحياناً عن معلومات، بغض النظر عن حساسيتها. وفي بداية فترته الرئاسية، قدم، بشكل عفوي، معلومات بالغة السرية لوزير الخارجية الروسي حول عملية من المقرر تنفيذها ضد تنظيم «داعش»، أثناء وجوده في المكتب البيضاوي، حسب ما قال مسؤولون أميركيون في ذلك الوقت.
ولكن في منتجع مارالاغو، الذي يشهد فناء ناديه حضور أعضاء من النخبة حفلات زفاف وعشاء يملأها المرح، تبدو المعلومات الاستخباراتية الأميركية معرضة للخطر بشكل خاص. وبينما وفرت الخدمة السرية الأمن المادي للمكان، أثناء تولي ترمب الرئاسة، وتواصل هذا الدور حتى الآن، فإنها ليست مسؤولة عن فحص هؤلاء الضيوف.
قالت ماري ماكورد المسؤولة السابقة في وزارة العدل إن مذكرة التفتيش الصادرة عن وزارة العدل تثير مخاوف متعلقة بالأمن القومي. وأضافت: «من الواضح أنهم اعتقدوا أن استعادة هذه المواد إلى فضاء آمن أمر مهم جداً... حتى مجرد الاحتفاظ بوثائق سرية للغاية في مخزن غير لائق يخلق تهديداً كبيراً للأمن القومي، لا سيما بالنظر إلى مارالاغو التي يرتادها زوار أجانب وغيرهم ممن قد تكون لهم صلات بحكومات أجنبية ووكلاء أجانب».
وقال ترمب، في بيان على منصته للتواصل الاجتماعي، إن السجلات «رُفعت عنها السرية» ووُضعت في «مخزن آمن».
غير أن ماكورد قالت إنها لا ترى «مبرراً معقولاً لقراره الواعي برفع السرية عن كل (وثيقة) منفردة منها قبل رحيله». وأضافت أنه بعد رحيله عن المنصب، لم تعد لديه القدرة على رفع السرية عن المعلومات.
وتشكل مصادرة عملاء مكتب التحقيقات الاتحادي، يوم الاثنين الماضي، لمجموعات متعددة من الوثائق وعشرات الصناديق، ومنها معلومات حول شؤون الدفاع بالولايات المتحدة، وإشارة إلى «الرئيس الفرنسي»، سيناريو مخيفاً لمجتمع الاستخبارات.
وقال ضابط سابق في الاستخبارات الأميركية: «بيئة التعامل الحذر مع المعلومات بالغة السرية مخيفة جداً... إنها كابوس».
لم تقدم وزارة العدل معلومات محددة حول كيفية ومكان تخزين المستندات والصور، ولكن جرى توثيق نقاط الضعف العامة للمنتجع بشكل جيد.
وفي إحدى الوقائع البارزة، اجتمع ترمب، في عام 2017، مع رئيس الوزراء الياباني آنذاك شينزو آبي على مائدة عشاء في الهواء الطلق، بينما كان الضيوف يتحركون في القرب ويسمعون ويلتقطون الصور التي نشروها لاحقاً على «تويتر».
وتخلل العشاء تجربة صاروخية لكوريا الشمالية، وكان الضيوف يسمعون، بينما كان ترمب وآبي يفكران فيما سيقولان رداً على ذلك. وبعد إصدار بيان، حضر ترمب حفل زفاف في نادي المنتجع.
وقال مارك زيد المحامي المتخصص في قضايا الأمن القومي: «ما رأيناه هو أن ترمب كان متساهلاً في الأمن، لدرجة أنه كان يعقد اجتماعاً حساساً بشأن موضوع حرب محتمل في مكان يمكن فيه لموظفين حكوميين غير أميركيين المراقبة والتصوير... كان من السهل على أن يكون بحوزة أحدهم أيضاً جهاز يتنصت على ما كان يقوله ترمب ويسجله أيضاً».
وأنشأ مساعدون في البيت الأبيض غرفة آمنة في مارالاغو لإجراء المناقشات الحساسة. كان هذا هو المكان الذي قرر فيه ترمب شن غارات جوية على سوريا لاستخدامها أسلحة كيميائية، في أبريل (نيسان) 2017.
وجرى اتخاذ هذا القرار بينما كان ترمب يستعد لتناول العشاء مع الرئيس الصيني الزائر شي جينبينغ. وعندما كان يتناول قطعة من كعكة الشوكولاته، أبلغ ترمب شي بالضربات الجوية.
وفي عام 2019، قالت السلطات إنها ألقت القبض على امرأة صينية اجتازت نقاط التفتيش الأمنية في المنتجع بينما كان في حوزتها وحدة ذاكرة عليها برمجيات «ضارة»، واتهمتها بدخول ملكية خاصة محظورة والإدلاء بمعلومات كاذبة للمسؤولين.
وبادر جون كيلي، رئيس موظفي البيت الأبيض آنذاك، بمحاولة وضع قيود على مَن يمكنهم الدخول إلى ترمب في مارالاغو، لكن جهوده باءت بالفشل، لأن ترمب رفض أن يتعاون في هذا الأمر.
خبراء: الوثائق السرية في منتجع ترمب «كابوس أمني»
خبراء: الوثائق السرية في منتجع ترمب «كابوس أمني»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة