كالنسمة الهادئة تطل الممثلة فاليري أبو شقرا في مسلسل «من... إلى» إلى جانب الممثل قصي الخولي، ونخبة من وجوه الشاشة المعروفة. أداؤها المشبع بالسكينة المعبرة يترك أثره عند مشاهد أي عمل تشارك فيه. وفي المسلسل المذكور تلوّن أبو شقرا أداءها الرومانسي المعروفة به بآخَر من نوع الأكشن والإثارة. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «رغبت بهذا التغيير حتى إني كنت أريد المزيد منه. ولكن النص جاء بهذا الإطار ووافقت عليه بعد أن وجدت في هذا التغيير فرصة أقتنصها. كنت مصرة على هذا التغيير بعيداً عن الرومانسية، وسعدت بتجسيد شخصية (مي) التي ألعبها».
وعن الهدوء الذي يلفّ أداءها تعلّق: «هذا الهدوء الذي تتحدثين عنه ينبع من خطوط الشخصية التي ألعبها، فأنا أقرأ النص جيداً وأطبّقه حسب وجهة نظري. ولا شك أني أضع فيه الكثير من شخصيتي الحقيقية فأنا هادئة بطبعي».
ملصق مسلسل «من... إلى»
في مسلسل «من... إلى» تقدم فاليري أبو شقرا مشاهد تطلبت منها العنف وحمل السلاح. فهل تمرّنت عليها سلفاً؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لم يحصل تمرينات حقيقية أو كبيرة، ولكن عندما علمت بخطوط الشخصية لجأت إلى الزميل فادي أبي سمرا، ومعه رحنا نرسم تفاصيل الدور والأدوات التي يحتاج إليها. فصّلنا الشخصية وخيطناها معاً، وهو ما ساعدني كثيراً على تشربها بشكل معمق».
بتواضع قلما تتمتع به نجمات الشاشة تعترف فاليري أبو شقرا بلجوئها إلى صديق زميل كي تغب من خبراته وتتحكم في الشخصية التي تتقمصها. «ولماذا لا أتحدث عن هذا الموضوع خصوصاً إذا كان الزميل الذي لجأت إليه يتمتع بخبرات ومستوى تمثيلي كفادي أبي سمرا. ملاحظاته شكّلت إضافة للشخصية واستفدت كثيراً منها. وهذه التدريبات التي أجريتها معه انعكست إيجاباً عليّ، وأنا أفتخر بخبرات ممثلين محترفين وهو أمر يُغني مسيرتي. فأمثاله يملكون تاريخاً طويلاً في عالم التمثل ويتمتعون بخبرات عالية وأدوات تمثيلية لا أملكها فينقلونها لي وأكون ممتنة لهم».
وتخبرنا فاليري عن علاقتها الحديثة بفادي أبي سمرا، المشارك أيضاً في المسلسل: «لم يسبق أن تعاونت معه أو شاركته في عمل درامي. ولكن عندما جلسنا معاً نتحدث عن المسلسل وعن شخصيتي بالتحديد، تعرفت إليه عن كثب ووُلدت بيننا هذه الشراكة التي أعتز بها».
سبق لفاليري أن وقفت إلى جانب قصي الخولي في مسلسل «لا حكم عليه»، ويشكل «من... إلى» تجربتها الثانية معه، فماذا تقول عنه؟ «مجرد الوقوف أمام قصي الخولي يشكل مسؤولية كبيرة بحد ذاته. إذ على الممثل الذي يشاركه المشهد أن يدرس خطواته جيداً، لأنه يملك أدوات تفاجئك مرات. فهو محترف بكل ما للكلمة من معنى وعنده حضور قوي جداً، مما يتطلب من مشاركه أن يكون على نفس المستوى. هذا الأمر ولّد عندي التحدي لأنه محترف وموهوب معاً. أحياناً يقوم برد فعل غير مدرج في النص، فيبكي من دون أن يكون ذلك مذكوراً، أو يخرج أحاسيس تكمل الشخصية فهو من النوع الذي يلحق بأحاسيسه إلى آخر مدى، فيزود الشخصية بالعفوية التي تميزه. أستوحي الكثير منه ويحفزني على تقديم الأفضل، وهذه العناصر مجتمعة تشجعني على الوقوف إلى جانبه من دون تردد».
تقدم أبو شقرا في «من... إلى» مشاهد عنف
تغيرت فاليري أبو شقرا منذ بدايتها في عالم التمثيل حتى اليوم، وهو أمر يلمسه متابعها عن كثب. أصبحت أكثر نضوجاً، تعرف كيف تتحكم بمشاعرها لأن تراكم خبراتها علمها الكثير. «في كل عمل جديد أقدمه أشعر بالتغيير، هذا الذي تتحدثين عنه. فهناك إضافات يمارسها عليَّ تنوع الشخصيات التي ألعبها. فالممثل مهما كان محترفاً، يعمل دائماً على تطوير أدائه».
تأخذ أبو شقرا الأمور بإيجابية، حتى الملاحظات والنصائح تعطيها نفس الصبغة لأن هذه المهنة برأيها تتمحور حول عدة وجهات نظر يجب الأخذ بها وعدم تجاهلها. «إذا لم يحترم الممثل هذه القواعد الثابتة، فهو لن يتقدم أو يحرز تطوراً فيبرز أكثر».
هكذا هي فاليري أبو شقرا صريحة وهادئة إلى أبعد حدود، تعترف بما لها وما عليها من دون إحراج. وهو ما ينعكس على أدائها الطبيعي والذي يبرز بشكل ملحوظ في مشاهد تجمعها مع الممثل جوزف ساسين الذي يجسد دور والدها الأبكم. فهي تحاكيه وتغمره بحنان كبيرين، كأنه والدها الحقيقي. أحياناً تطبطب عليه وتعزّيه بكلام الابنة العطوفة التي لا يهمها سوى راحة والدها. فهل تسترجع مواقف من حياتها مع والدها، كي تتمتع بهذه القدرة على الإقناع؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «طبعاً أسترجع مواقف عدة يمكنها أن تسهم في إثراء المشهد وطبعه بالعفوية الصادقة. فالممثل كي يكون صادقاً عليه التمتع بهذه الميزة، والتجارب الحقيقية تلهمه وتسهم في إبراز قدراته».
رغبت فاليري أن تبين هذه الناحية الحنونة من شخصية «مي» العنيفة التي تجسّدها. «لأن المسلسل فيه الكثير من العنف والإثارة، أردت هذه المساحة منفصلة عن باقي أحداثه. ركزت عليها ولعبتها بحذر، كي أوصل للمشاهد متانة العلاقة بين (مي) ووالدها، وبأن قصتها معه لا تشبه ما يجري حولها، وهي مقدسة إلى حدٍّ كبير».
تؤدي فاليري في هذا العمل أوجهاً مختلفة للمرأة، نراها أحياناً تجسد شخصية المرأة العنيفة وفي أخرى الداعمة والصديقة الوفية. وفي مشاهد عنيفة نراها تقتل من دون رحمة. «أحببت هذا التنوع في خطوط الشخصية وتؤلف محتوى امرأة مختلفة عن غيرها. فهي تحارب الجميع مرات من أجل تحقيق مصلحتها ومرات أخرى في سبيل مصلحة الآخرين. كل ذلك يبرز القوة التي يمكن أن تتمتع بها المرأة بعيداً عن الضعف الذي يلصقونه بها».
وعن العلاقة المبهمة التي تدور بينها وبين صديقها عمار (وسام صليبا) تقول: «هكذا أرادها الكاتب وقدمناها، وسام وأنا، كما هي غامضة تترك علامات استفهام لدى المشاهد. ولكن في النهاية يكتشف أنها ترتكز على حب من طرف واحد يعترف به عمار لها في الحلقة 20».
على بال فاليري أبو شقرا تماماً، كمتابعها، أن يشاهدها في أدوار جديدة لا تشبه تلك التي سبق وقدمتها في إطار العاشقة والمغرمة. وتعلق: «تراودني فكرة لعب أدوار أخرى، وأنا أنتظرها بفارغ الصبر وما زلت أبحث عنها. وفي (من... إلى) حاولت التغيير إلى حد ما. وفي الوقت نفسه تدغدغني فكرة لعب دور المرأة الشريرة أو المتسلطة وابنة الشارع الشعبية. فأنا أصبحت جاهزة لها ومستعدة لتقديمها، ولكني لا أتذمر من عدم عرض دور من هذا النوع عليّ بعد، فربما هذا الأمر يأتي لصالحي وفي الوقت المناسب سأقوم بهذه الأدوار».
وماذا عن دور المرأة الطريفة، هل يراودك تقديمه؟ «لا أعرف إذا كانت لديّ الجهوزية له ولكن بالتأكيد أستطيع أن أجتهد وأجسده».
فاليري التي انتُخبت ملكة جمال لبنان في عام 2015 حضرت حفل الانتخاب الأخير الذي نظّمته محطة «إل بي سي آي». فهل برأيها معايير الجمال تغيرت منذ انتخابها حتى اليوم؟ توضح لـ«الشرق الأوسط»: «الجمال اليوم موجود بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الميديا ككل. والناس تآلفت مع الجمال بعد أن صارت تراه بكثرة فهناك وعي واضح حول هذا الموضوع منها. ولكن لملكة جمال لبنان مواصفات يجب أن تتمتع بها إلى جانب الجمال كالذكاء وسرعة البديهة لأنها تمثل بلدها في مناسبات عالمية ومحلية.
هناك بعض الأشخاص الذي يعتقدون بأن ملكة الجمال يجب أن تكون جميلة فقط، وهو أمر غير صحيح. عليها أن تكون جميلة نعم ولكن ليس بالضرورة فائقة الجمال. فمهمتها لا ترتكز على قامتها الجميلة وشعرها وملامح وجهها فقط، بل أيضاً على قدرات ذهنية أخرى».
انشغالها بعائلتها الصغيرة يمنع فاليري من متابعة أعمال درامية كثيرة ولكن ما علق في ذهنها من مشاهد رأتها على وسائل التواصل هو مسلسل «صالون زهرة»: «لقد بدت فيه نادين نسيب نجيم رائعة والشخصية التي لعبتها تشبهها، بطبيعتها الطريفة وخفة ظلها. العمل حقق نجاحاً كبيراً، وأتمنى نفس النتيجة للجزء الثاني الذي يحضر له».