مع حلول عصر الجمعة، من المفترض أن يستعيد معسكرا التيار الصدري والإطار التنسيقي مسرح الشارع، مع استمرار الخلافات الحادة بشأن حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة ثانية، وظهور مؤشرات بأن زعيم ائتلاف دولة القانون لا يخطط لمغادرة الحلبة.
ودعا كل من مقتدى الصدر والإطار التنسيقي جمهورهما إلى التظاهر غدا داخل المنطقة الخضراء وخارجها، فيما يحشد التيار لتوسيع نشاطهم الميداني إلى عموم الوسط والجنوب.
وتحوم الشكوك حول بقاء الإطار التنسيقي متماسكاً وأن دعوات النزول إلى الشارع تحظى بإجماع قادته، ولا يحركها المالكي وحلفاء محدودين بمفردهم، ودون تنسيق.
وحتى ساعة كتابة هذا التقرير، تزاحمت البصمات الصوتية في مجموعات «واتساب» من قيادات في التيار والإطار تحث جمهورها على الحضور بأكبر عدد لمناطق الاحتجاج.
ويمكن استشعار القلق لدى صناع القرار بأن العودة إلى استعمال ورقة الشارع ترفع من احتمالات الصدام أو الاحتكاك، ويبدو أن طرفي النزاع لن يمانعا اختصار الأزمة بمواجهة مباشرة.
وسبق الصدر خصومه بالمبادرة حين دعا مجلس القضاء إلى حل البرلمان، وتحديد موعد جديد للانتخابات «وفق شروط سيحددها لاحقاً»، وعزز هذه الدعوة بحملة تواقيع شعبية.
ونشرت منصات تابعة للصدر، نص شكوى قانونية ضد الرئاسات العراقية الثلاث تطلب حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، فيما طالب العراقيين بالتوقيع عليها.
ويهدف التيار الصدري إلى جمع تواقيع مليونية لدعم الشكوى أمام مجلس القضاء العراقي، يقول خبراء إنها «ذات قيمة قانونية تستدعي النظر فيها، وإصدار حكم مناسب».
ويقول مقربون من الصدر، إنه يحاول رفع الضغط على الإطار ليس لإنهاء حالة التردد في اتخاذ قرار التخلص من زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، بل في تثبيت معادلة سياسية جديدة.
وكانت المعلومات المسربة من داخل الإطار التنسيقي، أن قادته لم يتواصلوا مع المالكي، لا سيما بعد خطابه الأخير في مناسبة «عاشوراء»، وأن الأسبوع الذي تلاه لم يصدر أي موقف موحد باسم الإطار التنسيقي.
لكن من الواضح أن إصرار المالكي على عدم التنازل يعود لتواصله المستمر مع طرف إيراني لا يزال يعتقد أن رئيس الوزراء الأسبق، أفضل حلفائه في بغداد، فيما يقول مستشارون سياسيون إن «جهاز اطلاعات الإيراني لا يحمل الود للمالكي».
وفي هذه الأجواء، يكشف مصدر موثوق، أن «المالكي لم يعد يتواصل مع أبرز قادة الإطار، سوى زعيم عصائب أهل الحق، فضلاً عن فصائل شيعية مسلحة».
لكن مشكلة قادة الإطار، الذين يقع عليهم ضغط التخلص من عبء المالكي يرون أن اتخاذ قرار استراتيجي يتطلب وضوحاً أكثر من الصدر، وأن تقديم التنازلات له دون ضمانات واضحة لن يكون سهلاً بالنسبة لهم، وهذا ما يعكس ما يتورطون فيه الآن.
وتواجه الفعاليات السياسية العراقية صعوبات جدية في استدراج الصدر لمنطقة حوار، بهدف الحصول على توضيحات بشأن الخطوة اللاحقة لحل البرلمان، وآلية إجراء الانتخابات، والحكومة التي تدير هذه الأعمال.
ومن المتوقع أن تضغط أطراف سياسية على مجلس القضاء لفتح مسار قانوني جديد، يقدم للصدر مراده في حل البرلمان لكنه يسمح بتأمين مصالح الآخرين، المتضررين من مشروع الصدر.
لكن هذه التكتيكات قد تنهار بينما الصدر يرفع من الزخم القانوني والشعبي ضد المعادلة السياسية القائمة، وإن إدراك هذا الفاعل السياسي قد يدفع الأمور إلى انفلات مواجهات مسرحها الشارع.