روسيا تنقل السجالات حول محطة زابوريجيا النووية إلى مجلس الأمن

كييف تطالب بحماية دولية... وموسكو تتهمها بتعمد قصف منشآت خطرة

صورة وزعتها الشرطة الأوكرانية لركام منزل استهدفته غارة روسية في دنيبروبيتروفسك أمس (رويترز)
صورة وزعتها الشرطة الأوكرانية لركام منزل استهدفته غارة روسية في دنيبروبيتروفسك أمس (رويترز)
TT

روسيا تنقل السجالات حول محطة زابوريجيا النووية إلى مجلس الأمن

صورة وزعتها الشرطة الأوكرانية لركام منزل استهدفته غارة روسية في دنيبروبيتروفسك أمس (رويترز)
صورة وزعتها الشرطة الأوكرانية لركام منزل استهدفته غارة روسية في دنيبروبيتروفسك أمس (رويترز)

يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم (الخميس)، جلسة خاصة لمناقشة تطورات الموقف حول محطة زابوريجيا النووية، وذلك بعد تحذير من «خطر حقيقي جداً لحدوث كارثة نووية» بسبب تعرّض المحطة لهجمات متواصلة، تبادل الطرفان الروسي والأوكراني المسؤولية عنها.
وكان مصدر في البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة قد أبلغ وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية أن «روسيا طلبت عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي في النصف الثاني من يوم 11 أغسطس (آب)، نظراً للهجمات الأوكرانية على محطة زابوريجيا وعواقبها الكارثية المحتملة». وبات معلوماً أن البعثة الروسية تسعى إلى أن يقدم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي تقريراً أمام الجلسة.
وحثّ غروسي، أمس (الأربعاء)، الجانبين على ممارسة ضبط النفس، محذّراً من «خطر حقيقي جداً لحدوث كارثة نووية». فيما طالب وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، روسيا، بإعادة السيطرة على المحطة في أوكرانيا فوراً، وهو أمر يبدو من غير المرجح أن تقدم عليه موسكو.
«حافة الهاوية»
كانت الأمم المتحدة قد أعلنت في وقت سابق أنها تعمل على تنظيم زيارة لخبراء الوكالة الدولية للمحطة لدراسة الوضع فيها. فيما أكدت وزارة الخارجية الروسية أنه «يجب على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التأكد من أن بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستزور محطة زابوريجيا النووية». وقال إيغور فيشنفيتسكي، نائب مدير إدارة الخارجية الروسية لمنع انتشار الأسلحة والحد من التسلح: «الآن يعتمد الكثير على الأمانة العامة للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش، لأنه يجب عليه، من بين أمور أخرى، قول كلمة دعم لهذه الزيارة وليس فقط قول كلمته، ولكن أيضاً التأكد من أن هذه الزيارة ستتم. ونحن سنساعده بكل الطرق الممكنة». وأشار إلى أن روسيا على استعداد للتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتفتيش محطة الطاقة النووية. وأضاف: «في وقت من الأوقات كنا مستعدين بالفعل لقبول التفتيش، وتم فعل كل شيء، لكن إدارة الأمن في الأمانة العامة للأمم المتحدة لم تسمح بذلك، ولا يمكن للوكالة أن تتصرف بما يخالف توصيات هذه الدائرة. ولم تتم المهمة، ولكن تم إعداد جميع الخدمات اللوجيستية، وصولاً إلى البرنامج، لقد كانت مفاجأة كبيرة للجميع، بما في ذلك المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي». وكانت «الخارجية» الروسية قالت في وقت سابق إن إدارة الأمن بالأمانة العامة للأمم المتحدة لم توافق على رحلة مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية، ما سمح لكييف بـ«تنفيذ استفزازات في منطقة المحطة».
بدورها، قالت الناطقة باسم الوزارة إن العالم «يسير على حافة الهاوية» في ظل الوضع المتعلق بـ«ضربات كييف على محطة الطاقة النووية». وأضافت ماريا زاخاروفا: «يبدو لي أن الأمانة العامة للأمم المتحدة، التي تتعامل مع مشكلة الطاقة النووية، بما في ذلك عواقب الكوارث التي من صنع الإنسان، بشكل عام، يجب أن تفهم أن العالم يسير على حافة الهاوية. وهذه ليست تجارب خطيرة للعلماء يوظّفونها لصالح العالم والتنمية والبحث عن مصادر طاقة بديلة، ولكن هذه أعمال إجرامية لنظام كييف كجزء من أنشطتهم الخارجة عن القانون تماماً، وهي مدمِّرة، وعواقبها لن تقتصر على حدود جغرافية معينة».
من جانبها، طالبت كييف بفرض منطقة حظر جوي فوق المنشآت النووية والمواقع الحساسة في أوكرانيا، ولمح مسؤولون أوكرانيون إلى ضرورة زج وحدات مراقبة دولية لمراقبة الوضع في هذه المناطق. وهي دعوة رأت فيها أوساط روسية محاولة من جانب كييف لـ«تدويل» ملف المنشآت النووية، واتهمت مصادر روسية كييف بأنها «بعدما فشلت في جذب قوات حليفة للتدخل في المعركة، فإنها تسعى إلى إقناع أطراف دولية بإرسال وحدات دولية إلى منطقة العمليات العسكرية». ووصفت زاخاروفا في وقت سابق الدعوة الأوكرانية لفرض منطقة حظر جوي بأنها «سخيفة».
اتهام أوكراني
وفي سياق الاتّهامات المتبادلة بين كييف وموسكو، قالت أوكرانيا أمس، إن روسيا استغلت موقعها في محطة الطاقة النووية لاستهداف بلدة قريبة بهجوم صاروخي أدى إلى مقتل 13 على الأقل وإصابة الكثيرين بجروح خطيرة. وبلدة مارغانيتس التي تقول أوكرانيا إن روسيا استهدفتها، هي بلدة تزعم موسكو أن القوات الأوكرانية استخدمتها في الماضي لقصف القوات الروسية المتحصنة في محطة زابوريجيا التي تسيطر عليها روسيا منذ مارس (آذار).
وقال فالنتين ريزنيتشنكو، حاكم منطقة دنيبروبتروفسك بوسط أوكرانيا، إن الهجوم الروسي على مارغانيتس تم باستخدام 80 صاروخاً من طراز «غراد». وأضاف أن أكثر من 20 مبنى تضرّر في البلدة الواقعة على الجانب الآخر من نهر دنيبرو. وأردف أن الهجوم نفسه تسبب في تدمير أحد خطوط الكهرباء وترك عدة ألوف من السكان دون كهرباء. وقال إن فندقاً ومدرستين وقاعة حفلات ومبنى البلدية الرئيسي ومباني إدارية أخرى تعرضت للقصف. وتُظهر صور وزّعها مسؤولون أوكرانيون ممراً في مدرسة مليئاً بالركام جراء ما يبدو أنه تعرضها لقصف وتحطم نوافذها، ومبنى سكنياً اخترقه صاروخ.
واتهم أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، روسيا بشن هجمات على بلدات أوكرانية من محطة زابوريجيا لـ«إدراكها أن بلاده لن ترد، لأن الرد سيمثل خطراً»، كما نقلت وكالة «رويترز». وكتب يرماك في منشور على منصة «تلغرام»: «ثمانون صاروخا أُطلقت على مبانٍ سكنية»، في إشارة إلى الهجوم على مارغانيتس.
وتقول أوكرانيا إن نحو 500 جندي روسي مدعومين بمركبات وأسلحة ثقيلة يتمركزون في المحطة النووية، حيث يواصل فنيون أوكرانيون عملهم. في المقابل، تؤكد روسيا أن قواتها تتصرف بمسؤولية، وتفعل كل ما في وسعها لضمان سلامة المنشأة.
حظر الفحم الروسي
على صعيد آخر، دخل قرار حظر الاتحاد الأوروبي وبريطانيا استيراد الفحم الروسي، حيز التنفيذ، اعتباراً من أمس (الأربعاء)، في إطار رزم العقوبات المفروضة على روسيا.
وبموجب القرار الغربي تتوقف المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عن استيراد الفحم الروسي اعتباراً من 10 أغسطس، كجزء من العقوبات المفروضة على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وتعد روسيا واحدة من أكبر موردي الفحم لدول الاتحاد الأوروبي.
ووفقاً لوزارة الطاقة الروسية، ففي عام 2021 زودت روسيا الاتحاد الأوروبي بـ48.7 مليون طن من الفحم، أو 21.8 في المائة من إجمالي الصادرات من هذه المادة الخام، فيما زودت الاتحاد بـ22 في المائة في عام 2020.


مقالات ذات صلة

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس فولوديمير زيلينسكي (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية- رويترز)

ترمب عن الـ«ناتو»: يدفعون أقل مما ينبغي لكي تحميهم الولايات المتحدة

حضّ ترمب أعضاء حلف «الناتو» على زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5 % من إجمالي ناتجهم المحلي، مقابل «حماية الولايات المتحدة».

«الشرق الأوسط» (مارالاغو (الولايات المتحدة))
أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟