إيسي مياكي... نجا من قنبلة هيروشيما ليبث «الجمال والفرح» بتصاميمه

إيسي مياكي (أ.ب)
إيسي مياكي (أ.ب)
TT

إيسي مياكي... نجا من قنبلة هيروشيما ليبث «الجمال والفرح» بتصاميمه

إيسي مياكي (أ.ب)
إيسي مياكي (أ.ب)

أحدث مصمم الأزياء الياباني إيسي مياكي، الذي توفي عن 84 عاماً، تغييراً كبيراً في عالم الموضة الباريسي بابتكاراته الطليعية، واتسمت الملابس التي حملت توقيعه بطابعها العملي المريح، وكان يقول إن دافعه هو أن توفر قطعه «الجمال والفرح»، هو الذي كان شاهداً، في طفولته، على أهوال القنبلة الذرية في مسقطه هيروشيما.
وكان مياكي ضمن موجة من المصممين اليابانيين الشباب شملت أيضاً ري كواكوبو ويوجي ياماموتو، طبعت بصماتهم عالم الموضة في العاصمة الفرنسية منذ منتصف سبعينات القرن الفائت، بعدما برز قبلهم كينزو تاكادا وهانا موري.
وطوال حياته المهنية العالمية التي امتدت أكثر من نصف قرن، ابتكر الملابس المريحة و«أزياء التكنولوجيا»، معتمداً مقاربة بسيطة بدلاً من الضخامة التي يتصف بها تصميم الأزياء الراقية.
ومما ابتكره مثلاً مجموعة «بايتس بليز» (Pleats Please)، وهو عبارة عن قطع ملابس مطوية بشكل دائم ولا تتجعد، محدثاً مفهوماً قديماً يقوم على توفير الانسيابية والراحة.
واستكملت المثلثات المستقبلية الطابع لحقيبة مياكي الهندسية الشكل «باو باو» عدداً كبيراً من الملابس الأنيقة، وصنع أكثر من 100 سترة سوداء للمؤسس المشارك لشركة «آبل» ستيف جوبز.

وأبهر مياكي أيضاً جمهور عروض الأزياء بمفهومه A - POC (المكون من الأحرف الأولى لعبارة «قطعة من القماش بالإنجليزية)، باستخدام برمجة الكومبيوتر لإنتاج ملابس من قطعة قماش واحدة، بدلاً من خياطة أكثر من قطعة لوصل بعضها ببعض.
قال مياكي عام 2006 بعد فوزه بجائزة كيوتو المرموقة، «منذ العصور القديمة، في اليونان أو أفريقيا، بدأت كل ثقافة (صنع الملابس) من قطعة واحدة من القماش أو الجلد».
وكان إيسي مياكي الذي ولد في 22 أبريل (نيسان) 1938 في هيروشيما (غرب اليابان) في سن السابعة عندما ألقت الولايات المتحدة في 6 أغسطس (آب) 1945 أول قنبلة ذرية في التاريخ على مسقط رأسه، مما أسفر عن مقتل 140 ألف شخص وتَسبب بصدمة نفسية عميقة للناجين تركت أثرها على حياتهم.
وتوفيت والدة إيسي بعد ثلاث سنوات من إلقاء القنبلة بسبب مضاعفات تعرضها للإشعاعات.

ومع أن قنبلة هيروشيما جعلته يعرج طوال حياته، نادراً ما تحدث عن هذا الحدث الذي شكل صدمة عميقة في حياته، لكنه خرج ذات مرة عن صمته في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2009 يدعو إلى نزع السلاح النووي. وكتب فيه: «عندما أغمض عيني، ما زلت أرى أشياء ينبغي ألا يعيشها أحد: ضوء أحمر ساطع، وبعد وقت قصير سحابة سوداء، ثم الناس يركضون في كل اتجاه في محاولة يائسة للهرب». وأضاف: «أتذكر كل شيء. بعد ثلاث سنوات، ماتت والدتي بفعل تعرضها للإشعاع».
وفي هذا المقال، حض مياكي الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما على زيارة هيروشيما، وتحققت أمنيته عام 2016 عندما قام الرئيس الأميركي آنذاك برحلة تاريخية إلى المدينة.
وكتب مياكي: «لقد حاولت أن أضع ذكرياتي وأفكاري ورائي، ولو لم ينجح ذلك، وفضلت التفكير في الأشياء التي يمكن إنشاؤها، لا تدميرها، والتي تجلب الجمال والفرح».
ما إن تخرج مياكي في جامعة تاما للفنون الجميلة في طوكيو، حتى انتقل إلى باريس عام 1965 حيث درس في معهد الغرفة النقابية الباريسية لتصميم الأزياء.
وعمل المصمم الناشئ بإدارة غي لاروش وجيفنشي، لكن شخصيته المهنية طُبعت أيضاً بالحركة الطلابية الضخمة في مايو (أيار) 1968.
وقال مياكي لشبكة «سي إن إن» عام 2016، إن اجتياح الاحتجاجات العاصمة الفرنسية جعله يدرك أن «العالم كان ينتقل من الحاجة إلى الأزياء الراقية (الهوت كوتور) المخصصة لقلة من الناس إلى عناصر ذات طبيعة عالمية أكثر كالجينز وقمصان التي - شيرت».
وأسس الصمم الياباني استديو «مياكي ديزاين» في طوكيو عام 1970، وبعد ذلك بوقت قصير افتتح أول متجر له في باريس.
وبحلول الثمانينات، بلغت مسيرته المهنية ذروتها، وكان يستخدم في تصاميمه مواد متنوعة، من البلاستيك إلى الأسلاك المعدنية وحتى الورق الياباني الحرفي.
واعتزل مياكي تصميم مجموعاته الباريسية في مطلع القرن الحالي، ومنذ ذلك الحين منح سلسلة من المصممين الشباب الموهوبين فرصة عمرهم. لكنه واصل الإشراف على علامته التجارية، واستمر هوسه بالتكنولوجيا.
ويحظى مياكي بتقدير كبير في فرنسا التي زار وزير ثقافتها السابق جاك لانغ طوكيو عام 2016 لمنحه وسام جوقة الشرف خلال معرض استعادي كبير.
ووصف لانغ مياكي في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بأنه «رجل ذو إنسانية عميقة، منفتح على كل شيء». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «إيسي مياكي باحث ومكتشف ومخترع حقيقي ابتكر واستخدم مواد وأقمشة جديدة لم يرها العالم من قبل».


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)

5 فوائد سحرية لعادات النوم الصحية

النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
TT

5 فوائد سحرية لعادات النوم الصحية

النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)

ربما سمعتَ من قبل عن أن النوم يوصف بأنه «حبة سحرية للجسم السليم»؛ فمع الكمية المناسبة والتوقيت والجودة، يمكن أن يفعل العجائب: تقوية جهاز المناعة، وتحسين نسبة السكر في الدم، وحتى تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وقد توصلت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين من المعاهد الوطنية للصحة وجامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة، إلى فائدة خامسة للنوم من حيث تأثيره على مستويات ضغط الدم لدى الرجال والنساء.

وجدت نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سليب (Sleep)» أن النساء اللاتي قضين وقتاً أطول في النوم العميق - المرحلة الثالثة والأعمق من النوم - كنّ أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم إلى المستويات الطبيعية مقارنة بالنساء اللاتي قضين وقتاً أقل في هذه المرحلة. وفي الوقت نفسه، كان لدى الرجال الذين يستيقظون كثيراً بعد النوم ضغط دم أعلى من الرجال الذين استيقظوا بشكل أقل.

قالت الدكتورة ماريشكا براون، مديرة المركز الوطني لأبحاث اضطرابات النوم في المعهد الوطني للقلب والرئة والدم التابع للمعاهد الوطنية للصحة: «النوم أمر بالغ الأهمية للصحة العامة والرفاهية».

وأضافت في بيان صادر الثلاثاء: «بدأت الأبحاث في الكشف عن كيفية مساهمة خصائص النوم، مثل الوقت الذي يقضيه الشخص في كل مرحلة من مراحل النوم أو عدد مرات استيقاظه ليلاً، في التحكُّم بضغط الدم، وكيف يمكن أن يؤثر الجنس والنوع على هذه النتائج، ولكن لا تزال لدينا أسئلة لا إجابات عنها».

استخدم الباحثون بيانات النوم في المنزل لأكثر من 1100 بالغ في البرازيل لم يكن لديهم انقطاع النفس النومي المعتدل إلى الشديد، وهي حالات معروفة بالفعل بأنها مرتبطة بارتفاع ضغط الدم، على الرغم من أن بعض المشاركين كانوا يعانون من انقطاع النفس النومي الخفيف.

تراوحت أعمار المشاركين في البحث بين 18 و91 عاماً، و64 في المائة منهم نساء.

سجل الباحثون ليلة نوم واحدة باستخدام تخطيط النوم، وهو اختبار تشخيصي يقيس وظائف الجسم المختلفة، مثل موجات المخ ومعدل ضربات القلب أثناء النوم، باستخدام أجهزة استشعار موضوعة في جميع أنحاء الجسم.

وفي صباح اليوم التالي، أخذوا قراءات ضغط الدم وعينات الدم الصائم لقياس مستويات الدهون، تحديداً الكوليسترول الكلي، وكوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة، وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، والدهون الثلاثية. وحلّلوا البيانات معاً، وأيضاً وفق الجنس.

ووثقت دراسات عدّة على مدى عقود من الزمان دوراً حاسماً للنوم في معدلات ضغط الدم، وبالتالي صحة القلب. ووجدت دراسة أجريت عام 2018 أن الأشخاص الذين ناموا أقل من 7 ساعات كان لديهم ضغط دم أعلى مقارنة بمن ناموا 7 ساعات على الأقل.

من جانبها، قالت كريستين كنوتسون، الأستاذة المساعدة في علم الأعصاب والطب الوقائي في كلية فاينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن الأميركية الباحثة المساعدة في الدراسة: «نعلم أن النوم مهم جداً لصحة القلب. لذا، نحاول معرفة المزيد عن هذا الارتباط، وكيف يمكن ربط النوم بالاختلافات بين الجنسين التي نراها في أمراض القلب والأوعية الدموية»؛ فعلى سبيل المثال، يرتبط ارتفاع ضغط الدم بشكل أقوى بالنوبة القلبية لدى النساء مقارنة بالرجال.

قالت كنوتسون إن نتائج الدراسة الحالية يمكن أن توجه العمل المستقبلي الذي يستكشف الآليات الأساسية التي قد تجعل النوم العميق على وجه الخصوص أكثر قيمة للنساء. وهذا بدوره قد يؤدي إلى علاجات جديدة تعمل على تعزيز مرحلة النوم هذه لدى النساء.

وأوضحت أن الدراسات التجريبية قد تختبر ما إذا كانت بعض التعديلات في عادات النوم يمكن أن تؤدي إلى تحسينات في ضغط الدم، وهو ما شدّدت عليه براون، قائلة: «مثل هذه الدراسات تؤكد على الطبيعة الحاسمة للنوم في الإدارة السريرية لارتفاع ضغط الدم».