هوليوود تتأهب لـ«عصر الميتافيرس»

هوليوود تتأهب لـ«عصر الميتافيرس»
TT

هوليوود تتأهب لـ«عصر الميتافيرس»

هوليوود تتأهب لـ«عصر الميتافيرس»

سواء أحببتم الأمر أم لا، فإن «الميتافيرس» قادم ولا بدّ لهوليوود أن تحضّر نفسها له.
يعتبر ماثيو بول في كتابه الجديد «الميتافيرس: كيف سيحدث ثورة في كلّ شيء» «The Metaverse: And How It Will Revolutionize Everything»، أنّ هوليوود هي أحد المجالات التي ستطالها هذه الثورة، محاولاً رسم خريطة طريق لـ«الميتافيرس» وتقديم شرحٍ للمعنى المحتمل لهذا العالم الافتراضي الجديد في مستقبل الإنترنت.
يُحكى الكثير عن «الميتافيرس» وكيف سيؤثر على الترفيه، ولو أنّ ماهيّته وتعريفه لا يزالان محاطَين بالكثير من الالتباس. ولكن تبقى الطريقة الأبسط للتفكير بـ«الميتافيرس» باعتباره نسخة مستقبلية من الإنترنت يستطيع المستخدمون عبرها التحرّك بسلاسة في عوالم افتراضية ثلاثية الأبعاد.
تعكف شركات الترفيه حالياً على القيام بالتحضيرات اللازمة ووضع خططٍ لعالم الألعاب. وقد تحدّث بوب تشابيك، الرئيس التنفيذي لشركة «والت ديزني» عن «الميتافيرس» ووصفه بالـ«كانفا» (لوحة القماش الخام الأصلية للرسام من دون رسوم) بالنسبة للمبدعين. من جهتها، وظّفت شركة «بوربانك» المتخصصة بالترفيه أشخاصاً للعمل على «فكرة الجيل التالي من السرد القصصي» التي يستطيع الجمهور من خلالها مثلاً مشاهدة طرقاتٍ تقودهم إلى تجارب في مدن ديزني الترفيهية مرتبطة بما يفعلونه على جهاز التدفّق الإنترنتي «ديزني بلاس».
حوار عن «ميتافيرس»
نشر كتاب «الميتافيرس» حديثاً؛ ولهذا السبب، تحدّثنا مع بول حول معنى الحصول على «ميتافيرس» حقيقي، وما إذا كنّا يجب أنّ نصدّق الوعود التي يطلقها.
> لماذا ألّفت كتاباً عن «الميتافيرس» الآن؟
- بدأت بالكتابة عن «الميتافيرس» بناءً على تجربتي عام 2018 مع لعبة «فورتنايت» ومنصّة «روبلوكس». لم يكن المصطلح «ميتافيرس»، الذي يعود لعام 1992، غريباً بالنسبة لي، ولكنّه كان عبارة عن تجارب دفعتني للاعتقاد بأنّ هذه الفكرة الرائعة والتي تدور في الأذهان منذ زمنٍ بعيد، تتحوّل بالفعل إلى فرصة تجارية عملية.
خلال السنوات الثلاث الماضية، تابعتُ أبحاثي في المجال واستثمرتُ فيه، وأنتجتُ بعض التجارب المرتبطة بهذه الفكرة؛ الأمر الذي ساهم في تأكيد اعتقادي بأنّها وشيكة التحقّق وأنّها بدأت بالفعل تتجلّى أمامنا. بعدها، تعزّز اعتقادي أكثر بعد تصاعد استخدام المصطلح وانطلاقه للعلن بدعم شركات «مايكروسوفت» و«تينسنت» و«فيسبوك» طبعاً.
> تصف الألعاب كـ«روبلوكس» و«فورتنايت» بالنماذج التجريبية لـ«الميتافيرس» التي ساهمت في اعتياد بعض النّاس على فكرة استكشاف العوالم الافتراضية وشراء السلع الافتراضية. كيف سيختلف عالم «الميتافيرس» المكتمل عن هذه الأنظمة؟
- الأمر يشبه مقارنة «ياهو» و«إيه أو إل» (AOL) – شركات مزودة لخدمة الإنترنت - في التسعينات، بإنترنت اليوم إلى حدٍّ ما. يمكننا مثلاً التفكير ببعض حالات استخدام «الميتافيرس» في العمليات الجراحية في الواقع الممتدّ، وتطبيقات المحاكاة الثلاثية الأبعاد والحضور الافتراضي في التعليم، وفي كيفية استخدامه لتشغيل مبنى أو تصميم للبنى التحتية. ولكنّنا غالباً لن نستطيع توقّع كيف سيغيّر «الميتافيرس» المجتمع أو التجارب الاستهلاكية.
يمكننا أيضاً التفكير ببعض التغييرات التمكينية بالمحاكاة الثلاثية الأبعاد في تطبيقات العناية الصحية مثلاً، والعمارة والتعليم. ولكنّ ما تعلّمناه حتّى اليوم هو أنّ معظم هذه التطبيقات غير قابلة للتوقّع.
الترفيه والتسلية
> ما هو دور شركات الترفيه في ابتكار أو تطبيق «الميتافيرس»؟ وما هو مدى استعداد شركات كـ«ديزني» للنجاح في هذا الفضاء الجديد؟
- «ديزني» مذهلة ولو أنّ الكثيرين يتجاهلون خبرتها وارتباطها ومساهماتها في نشأة «الميتافيرس». إذ لم تكن «ديزني» أوّل استوديو عزّز الإنتاج الافتراضي بإكسسوارات رأس للواقع الافتراضي على مستوى عالٍ في «الأسد الملك» «The Lion King» فحسب، بل انتقلت أيضاً إلى الإنتاج الافتراضي الصافي في الأفلام والمسلسلات كـ«ذا ماندالوريان» «The Mandalorian». فقد استخدم الجزء الثاني من السلسلة محرّك «أنريل فور هيليوس» في الوقت الحقيقي، وهو عبارة عن نموذج محرّك أُنتج في سلسلة ديزني «انداستريال لايت أند ماجيك»، التي توظّف محرّك «أنريل إنجاين» في تجارب مختلفة في متنزهاتها الترفيهية. صحيحٌ أنّ ديزني لم تنتج حتّى اليوم ألعابها الإلكترونية الخاصة، ولكن من الواضح جداً أنّها تمتلك الكثير من المهارات التقنية التي يتطلّبها هذا المجال.
ولكن عندما نفكّر بالمستوى الافتراضي للوجود، حيث يكون المستحيل ممكناً، سيرغب الكثيرون منّا على الأرجح باستخدامه لإغناء صلتنا بقصصنا وشخصياتنا المفضّلة.
سيساهم «الميتافيرس»، بصفته وسيلة أخرى للتعبير والاستكشاف والابتكار والسرد القصصي، في تقوية شركات كـ«ديزني» حتّى ولو فتح الباب أمام ازدهار مجالات أخرى لقصصٍ وملكيات فكرية جديدة.
> من هم الفائزون في هذا الفضاء؟
- تُعدّ شركة «إيبيك غيمز» من الأبرز في هذا المجال لأنّها تملك مئات ملايين المستخدمين، بالإضافة إلى خدماتها التشغيلية، ومحرّكات اللعب، وتجارب المحتوى.
أعتقد أنّ واحداً من أكثر الجوانب تعقيداً هنا هو أنّه مع كلّ تحوّل إلى عصر حوسبة جديد، يستحيل علينا تخيّل نجاح أو ازدهار أحد غير اللاعبين المسيطرين، لا سيما أن هذه الشركات تملك آلاف المهندسين وعشرات مليارات الدولارات، بالإضافة إلى المنصات التشغيلية.
رواد جدد
ولكنّ الزمن أثبت أنّ القادة الجدد يفوزون غالباً في النهاية. فقد رأينا في تجارب سابقة أنّ روّاد عصر ألعاب الصالات arcade games – أي أتاري و«بانداي نامكو» – لم يكونوا قادة مرحلة أجهزة اللعب لاحقاً، وأنّ روّاد أجهزة الألعاب لم يستطيعوا قيادة صناعة ألعاب الكومبيوتر، وأنّ أيا من الروّاد المذكورين آنفا لم يتمكّنوا من صناعة «روبلوكس» أو «ماينكرافت» اللتين تعتبران اليوم الأشهر في العالم.
بمعنى آخر، عندما ننظر إلى هذا الوسيط الجديد، أي «الميتافيرس»، سنرى الكثيرين يصمدون، بينما سيتأقلم البعض جزئياً. ولكنّنا سنعلم مع الوقت أن شركات الترفيه الأحدث ستكون غالباً هي الرابحة، على الأقلّ في عالم اللعب الإلكتروني.
> تكتب عن الفرق بين «الميتافيرس» وشبكة «ويب 3»، هذان المصطلحان اللذان يستخدمان غالباً بشكلٍ تبادلي. ما هو الفرق بين الاثنين؟
- يحصل الخلط بين «الميتافيرس» و«ويب 3» لأسباب جيّدة وأخرى سيّئة. فقد وُلد «ويب 3»، في تعريفه ليخلف «ويب 2»، أي الحقبة التي نعيشها حالياً، بينما يوصف «الميتافيرس» بأنّه خليفة الإنترنت.
أنا شخصياً أميّز بين الاثنين من خلال الحديث عن «الميتافيرس» كتجربة ثلاثية الأبعاد يغلب عليها الوقت الحقيقي، بينما يسيطر على الـ«ويب 3» وسلاسل الكتل (بلوك تشين) قواعد البيانات الموزّعة والخوادم والحوسبة.
> تُعدّ الشركات التي تبذل المجهود الأكبر في مجال «الميتافيرس»، كـ«فيسبوك»، من الأقوى في العالم؛ ما يعزز قلقنا من فكرة تحوّل الإنترنت إلى نشاط تسيطر عليه شركات قليلة، وليس فقط على صعيد المحتوى، بل أيضاً على صعيد البنية التحتية؛ الأمر الذي يعدّ نقيضاً لنظام «ويب 3» المثالي واللأمركزي.
- نعم، أعتقد أنّ الشيء الوحيد الذي سنقدّره حقاً هو أنّ الإنترنت ليس منتجاً تسيطر عليه الشركات التجارية. إذ لم تُصمم الشبكة لبيع السلع، ولا لتقديم الإعلانات، ولا لجمع البيانات، بل لتسهيل التعاون بين الباحثين، وهذا الانفتاح والروحية هما اللذان جعلا الإنترنت قوّة إيجابية للمجتمع.
تعدّ البروتوكولات التي بُنيت على أساسها شبكة الإنترنت صالحاً عاماً لا يُستخدم لجني الأرباح. ومع ذلك، يبدو أنّ «الميتافيرس» لن ينمو ويتوسّع بالطريقة نفسها، بل سيكون على الأرجح مبنياً للتجارة بشكلٍ رئيسي.
* «لوس أنجليس تايمز»
- خدمات «تريبيون ميديا»



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».