سكينة فؤاد لـ («الشرق الأوسط»): السيسي تجاوز مخططات داخلية وخارجية لتدمير الدولة خلال عامه الأول في الحكم

مستشارة الرئيس المصري السابق اعتبرت التوازن بين محاربة الإرهاب والحفاظ على الحريات أمرًا صعبًا.. لكن لا بد من تداركه مستقبلاً

سكينة فؤاد
سكينة فؤاد
TT

سكينة فؤاد لـ («الشرق الأوسط»): السيسي تجاوز مخططات داخلية وخارجية لتدمير الدولة خلال عامه الأول في الحكم

سكينة فؤاد
سكينة فؤاد

مع مرور عام كامل على انتخاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التقت «الشرق الأوسط» بالكاتبة سكينة فؤاد، مستشارة الرئيس السابق المستشار عدلي منصور، لتقييم الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر، باعتبارها أحد القادة السياسيين الذين أصدورا إعلان 3 يوليو (تموز) 2013 بالاشتراك مع الجيش المصري، والذي كان يقوده السيسي آنذاك، وبموجبه تم التوافق على «خارطة طريق» سياسية تسير عليها البلاد في الفترة المقبلة، في مرحلة ما بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
تقول سكينة فؤاد إن السيسي، الذي نصب رئيسا للبلاد في الثامن من يونيو (حزيران) العام الماضي خلفا لمنصور، بعد أن فاز بنحو 97 في المائة في الانتخابات أمام منافسه الوحيد حمدين صباحي، واجه تحديات صعبة وتجاوز مخططات داخلية وخارجية إرهابية للقضاء على الدولة، معددة أبرز إنجازاته خلال العام الأول، ومنها كسر احتكار أميركا لتسليح الجيش المصري، وإعادة علاقات مصر الخارجية لمكانتها وكذلك البدء في تنفيذ مشروعات اقتصادية عملاقة.
وأشارت مستشارة الرئيس السابق إلى أن التوازن بين محاربة الإرهاب وصيانة الحريات أمر صعب جدا، لكنها تثق أن هذا المطلب سيكون من أهم المطالب التي ستتحقق خلال العام الثاني، وكذلك فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية.
وحذرت فؤاد السيسي من وجود عناصر مدمرة تتحدى «دولة 30 يونيو»، يجب أن تكون محل اهتمام شديد في العام الجديد، كما أكدت أن السيسي يريد استكمال خارطة الطريق وإجراء الانتخابات البرلمانية قبل نهاية العام الحالي، وأنه يتمنى أن يجد أصوات معارضة إيجابية تختلف بينما تبني وتصحح المسار في الوقت ذاته.
وفيما يلي أهم ما جاء بالحوار..
> كيف تقيمين العام الأول من حكم الرئيس السيسي لمصر.. وهل يتماشى ما حققه مع التوقعات التي كانت منشودة للمواطنين وأبرزها بسط الأمن في البلاد وتحقيق تنمية اقتصادية ملموسة؟
- بداية يجب أن نعلم أن هذا العام كان مليئا بالتحديات الصعبة، فقد تولى السيسي السلطة بميراث تجريف للبلاد استمر عشرات السنوات، مع مخططات داخلية وخارجية إرهابية وجماعات إرهابية في تزايد، اضطرت الجيش المصري أن يشن حربا جديدة لتحرير أرض سيناء. تلك المخططات ينفق عليها مليارات.. لكن الأمور بدأت تتكشف، وباتت التحديدات واضحة ومعلنة لحرق مصر. الوقائع والتهديدات موثقة. يمكننا أن نطلق عليها «عام مواجهة الإرهاب»، وكذلك مواجهة الفساد والتجريف الذي تم للثورات الطبيعية والبشرية التي تمتلئ بها مصر.
> وهل نجحت تلك المخططات في وقف مساعي إعادة بناء الدولة كما وعد الرئيس في حملته الانتخابية؟
- على الإطلاق.. فالدولة في مواجهة كل هذا الإرهاب، كانت تقوم بخطط البناء وتدشين المشروعات، في مقدمتها مثلا مشروع قناة السويس الجديدة، بأهميته الكبيرة، والذي سيفتتح في أغسطس (آب) المقبل، والبرنامج التنموي الذي يشمله فيما يتعلق بمشروع تنمية محور قناة السويس والذي تقدر إيراداته بـ100 مليار دولار سنويا. علينا أن نتصور هذا العائد على التنمية في مصر، وعلى إقامة العدالة الاجتماعية المستهدفة الآن وبشدة.
خلال عام السيسي الأول، تم كسر احتكار أميركا لتسليح الجيش المصري.. وأجريت صفقات أسلحة لم تتم خلال الـ30 سنة الماضية. إضافة إلى مشروعات الطاقة، ومنها تخفيف أزمة الكهرباء عبر إضافة 360 ميغاوات جديدة على الشبكة، في مواجهة عمليات تدمير لمحطات وأبراج الكهرباء.
الدولة حاليا تعمل في لحظة واحدة على مواجهة عمليات الهدم والتخريب بالبناء والمشاريع العملاقة.
> رغم تلك النجاحات.. لا يمكن إغفال الانتقادات الكثيرة الموجهة إلى مصر والتي تتعلق بانتهاكات الحريات العامة وحقوق الإنسان، وتزايد عمليات الاعتقال والحبس والقتل أيضا؟
- دون شك، فإن أهم ما نبه إليه الرئيس السيسي أكثر من مرة ويدركه جيدا، هو التوازن بين محاربة الإرهاب والحفاظ على الأمن وبين صيانة الحريات وحقوق الإنسان المصري. لكن الجميع يعرف، وكذلك أي دولة في العالم واجهت الإرهاب، أن الأمر صعب جدا وأن التوازن بين الأمن والحريات يحتاج لوقت.. لكن أثق أن هذا المطلب سيكون من أهم المطالب التي ستتحقق خلال العام الثاني، وإذا كانت هناك تجاوزات حدثت في العام الأول، وسط هذا المشهد العبثي الذي لا يصدق من تخريب وتدمير، فإنه يجب أن تتغير الصورة في العام الجديد.
ويكفينا أن الرئيس السيسي بدأ عامه الثاني بالاعتذار قبل يومين عن انتهاكات بعض أفراد الشرطة للمحامين، وهي ثقافة (الاعتذار) جددها الرئيس السيسي أكثر من مرة. ومن هنا علينا أن نؤكد أن مصر يجب أن تحلق بأجنحة العدل والقانون والأمن الذي لا يطغى على الحريات.
> هل من أمور أخرى، تحتاج إلى تركيز أكثر في سياسة الرئيس السيسي خلال الفترة المقبلة؟
- مطلب تطبيق العدالة الاجتماعية أصبح ملحا جدا، لأننا كنا في اقتصاد مدمر وأوضاع اجتماعية بالغة السوء، مع تزايد الفقر والأمية والمرض وانهيار الخدمات خاصة في الريف وصعيد مصر، علما بأن في مصر أثرياء نهبوا ثروات البلد في الفترة السابقة ولم يمدوا أيديهم للوطن حاليا، بينما قام أشقاء عرب بذلك وقدموا مساعدات لمصر. وقد استبشرنا خيرا بقرار السيسي قبل أيام بإلغاء الزيادة المقررة للكهرباء على الفئات الفقيرة. ولذلك أثق أنه على أوليات العام الجديد سيكون تحقيق العدالة الاجتماعية.
> رغم شعبيته الكبيرة.. ما زال البعض يتحدث عن وجود مؤامرات تحاك ضد السيسي من مراكز قوى سياسية لتشويه صورته، كيف ترين ذلك؟
- أعظم أرصدة الرئيس السيسي هو الظهير الشعبي الذي اختاره وكلفه في هذا المنصب، فهو يمتلك عشرات الملايين أهم من أي ظهير سياسي.. لكن السؤال هو كيف يتم تقوية هذا الظهير ودعمه؟ وهذا ما يجب أن يعمل عليه الرئيس خلال الفترة المقبلة.
ومنذ تولي السيسي وأنا أقول له «لن يهادنك فاسد أو لص أو صاحب مصلحة أضير أو صاحب مكاسب محرمة أسقطت»، هناك عناصر قوى مدمرة تتحدى دولة 30 يونيو، وهذا ما يجب أن يكون محل اهتمام شديد في العام الجديد. حتى لا يتصور أحد أن دولة 30 يونيو يمكن أن تعيد أي رمز من رموز الماضي؛ خاصة ممن أضيروا ومن تربحوا على حساب هذا الوطن.
في نفس الوقت، يجب أن نعلم أنه ليس كل من ينتمي للنظام الأسبق (حسني مبارك) مدانين، لكن يجب أن يدرك جميع المسؤولين أيضا أن مصر تمتلئ بالكفاءات الجديدة وأصحاب الفكر، وبها ثورة بشرية من العلماء يجب أن يمثلوا مصر الجديدة في تلك المرحلة.
> لماذا تعثر تشكيل برلمان جديد حتى الآن وفق خارطة الطريق المعلنة؟
- أعلم جيدا أن السيسي يريد استكمال خارطة الطريق وتشكيل البرلمان بانتخابات نزيهة، وعلى لجنة الانتخابات التي تعثرت أكثر من مرة أن تنتهي من إعداد القوانين اللازمة لذلك، لأننا لا يمكن أن نكون عاجزين عن وضع قانون لا يطعن عليه أمام المحكمة الدستورية. وقد أكد السيسي أكثر من مرة أنه سيكون لدينا مجلس نواب منتخب قبل نهاية العام الحالي.
وأتمنى في البرلمان المقبل أن يكون هناك تمثيل حقيقي للثورة وأهدافها وكل الرموز التي مثلتها وكل القوى التي تعبر عنها، لأنه البرلمان الأخطر في تاريخ مصر.. وألا يختطف من الذين يريدون أن يعرضوا مصر لتجربة أليمة جديدة، عندما تتقدم مصالحهم الخاصة على حضارة وثقافة المصريين وسعيهم لإقامة دولة ديمقراطية حديثة.
> هل يُحَجِم النظام الحالي المعارضة السياسية؟
- إيماني الثقافي أن المعارضة التي تبني وتختلف على أسس وتصحح المسار هي جزء من النظام الديمقراطي وجزء من قوته ودعمه. والسيسي يتمنى أن يجد أصوات تختلف معه لكن وهي تبني، وتقول أسباب موضوعية تساعد على تصحيح المسارات.. وأثق أن رئيس لديه هذا الرصيد الشعبي وجاء بتكليف من الشعب لا يخشى أي نقد موضوعي بناء إيجابي.
> كيف ترين وضع المرأة حاليا باعتبارك مستشارة شؤون المرأة لدى رئيس مصر السابق؟
- هناك مؤسسات رسمية وأهلية ومدنية تعمل بإخلاص في مصر للنهوض بوضع المرأة، وهناك كوادر نسائية هائلة أتمنى أن يشاركوا في الانتخابات المقبلة بقوة.. والتشريعات الصادرة مؤخرا زادت من نسبة تمثيل السيدات في قوائم البرلمان والمعينين أيضا. أضف إلى ذلك أن هناك ركيزة مهمة وهي دستور 2014 الذي اعتبر تمثيل المرأة جزءًا هامًا في المجالس المحلية والشعبية وإدارة المحليات. وعلى القوى النسائية أن تقف وراء مشاركة المرأة في الانتخابات؛ خاصة على المقاعد الفردية، لأن ثورة 25 يناير (كانون الثاني) وبعدها 30 يونيو والانتخابات الرئاسية والاستفتاء على دستور 2014، كلها كان عمودها الفقري هو المرأة المصرية.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».