حرارة الأرض للارتفاع وسط تعليق بكين تعاونها مع واشنطن في التغير المناخي

عقبة إضافية أمام سكان الكوكب

تشهد فرنسا حرائق شديدة نتيجة التغير المناخي (أ.ف.ب)
تشهد فرنسا حرائق شديدة نتيجة التغير المناخي (أ.ف.ب)
TT

حرارة الأرض للارتفاع وسط تعليق بكين تعاونها مع واشنطن في التغير المناخي

تشهد فرنسا حرائق شديدة نتيجة التغير المناخي (أ.ف.ب)
تشهد فرنسا حرائق شديدة نتيجة التغير المناخي (أ.ف.ب)

علّقت الصين تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال التغير المناخي، في خطوة يأمل الخبراء في أن تكون مؤقتة بين البلدين الأكثر توليداً للانبعاثات، لتفادي انعكاساتها السلبية على العالم أجمع.
وأتت هذه الخطوة بعد أشهر فقط من إعلان البلدين اتفاقاً غير متوقع لتعزيز التعاون بينهما في مجال المناخ خلال مؤتمر «كوب26» الذي أقيم في مدينة غلاسكو العام الماضي. إلا أن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان هذا الأسبوع، أثارت غضب الصين التي تعد الجزيرة ذات الحكم الذاتي جزءاً من أراضيها، ودفعتها إلى الرد من خلال إجراءات شملت تعليق التعاون مع واشنطن في مجالات حيوية عدة.
ويقول الباحث في مركز «إي3جي» آلدن ميير، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، إن تعليق التعاون بين البلدين في مجال المناخ «أمر مقلق طبعاً ويثير المخاوف». ويضيف: «يستحيل التعامل مع حال الطوارئ المناخية إذا كان أكبر اقتصاد وثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر مولّد للانبعاثات وثاني أكبر مولّد للانبعاثات في العالم، لا يقدمان على أي خطوة (...) ومن المستحسن دائماً أن يتعاونا في ذلك».
وشدد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الجمعة، على أن تعاون البلدين أساسي في «كل المشاكل الضاغطة» على مستوى العالم أجمع.
ويثير تعليق التعاون تساؤلات بشأن تداعياته على مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب27» المقرر أن تستضيفه مصر في نوفمبر (تشرين الثاني).
وسأل لي تشو من منظمة «غرينبيس» البيئية عبر حسابه على «تويتر»: «ما شروط إعادة إطلاق الحوار؟ هل هذه الشروط مناخية أم جيوسياسية؟».
من جهته، يسأل ميير عما إذا كان الإجراء الصيني «تكتيكيا أم خطوة استراتيجية أطول أمداً؟ (...) هل تقول الصين إن التعاون مستحيل طالما بقيت التوترات قائمة بين الصين والولايات المتحدة؟».
وارتفعت حرارة الكرة الأرضية بمعدل يناهز 1.2 درجة مئوية مقارنة بما قبل الحقبة الصناعية، ما أدى إلى مضاعفة موجات الحر والجفاف والفيضانات والعواصف في العالم.
وفي حال عدم التزام الدول بتعهداتها المناخية خصوصاً لجهة انبعاثات غازات الدفيئة، يمكن لحرارة الأرض أن ترتفع بمستوى 2.8 درجة بحلول عام 2100، وفق تقديرات خبراء مناخ أمميين.
وحتى قبل التوتر الراهن بين الصين والولايات المتحدة، كانت الالتزامات الدولية أدنى من المطلوب بسبب عوامل منها الأزمات الاقتصادية الناتجة عن «كوفيد - 19»، والغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبّب بأزمة طاقة عالمية دفعت إلى إعادة تفعيل محطات توليد الطاقة الكهربائية العاملة على الفحم الحجري.
ويرى فرنسوا جيمين، وهو أحد معدّي تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن الخطوة الصينية «كارثة مطلقة للمناخ (...) يمكن مقارنتها بالانسحاب الأميركي من اتفاقية باريس للمناخ» في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
وأعاد خلفه جو بايدن في 2021 الولايات المتحدة إلى الاتفاقية الهادفة إلى خفض مستويات ارتفاع حرارة الأرض بنهاية القرن لما دون درجتين مئويتين، والسعي إلى ألا يتخطى هذا الارتفاع عتبة 1.5 درجة.
ويلحظ خبراء أن الانسحاب الأميركي ترافق مع تراجع في التزامات السياسة المناخية المحلية والخارجية، لكنهم يؤكدون أن الخطوة الصينية مختلفة.
ويوضح ديفيد فاسكو، مدير مبادرة المناخ في معهد الموارد الدولية، أن الإعلان الصيني «بالتأكيد ليس انسحاباً من الساحة العالمية بشأن قضايا المناخ أو رفضاً للتحرك» في سبيله.
ويشاركه هذا الرأي مؤسس مركز «باور شيفت أفريكا» لبحوث الطاقة محمد آدو، إذ إن «دبلوماسية الابتعاد لا تعني أن الصين تتراجع عن التزاماتها»، لا سيما أن بكين «تتقدم على واشنطن بأشواط فيما يتعلق بالتحرك بشأن التغير المناخي» في كثير من المجالات.
وتعهد بايدن بخفض انبعاثات الولايات المتحدة بحلول عام 2030، لما بين 50 و52 في المائة من مستوياتها في 2005، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050. إلا أن طموحاته في هذا المجال تتأثر بالفشل في دفع مشاريع الطاقة النظيفة والمبادرات المناخية في الكونغرس، رغم تحقيق بعض التقدم في هذا المجال خلال الأيام الماضية.
ولا تزال الصين في الصدارة عالمياً على صعيد مستويات انبعاثات غازات الدفيئة، إلا أنها تحتل مرتبة أدنى بكثير من الولايات المتحدة لجهة مستوى الانبعاثات نسبة لعدد السكان. وتعهدت الصين بأن تبلغ ذروة الانبعاثات في 2030 والحياد في 2060.
ويرى ميير أنه حتى في غياب التعاون مع واشنطن «ستمارس ضغوط على الصين من أطراف آخرين مثل الاتحاد الأوروبي والدول الأكثر عرضة» للتأثيرات السلبية لتداعيات التغير المناخي.


مقالات ذات صلة

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

الاقتصاد استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، الذي اختتم أعماله مؤخراً بالرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
بيئة بعد 30 عاماً من السكون... أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو الشمال

بعد 30 عاماً من السكون... أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو الشمال

يتحرك أكبر جبل جليدي في العالم مرة أخرى بعد أن حوصر في دوامة طوال معظم العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

لا تزال المداولات مستمرة في الساعات الأخيرة قبل اختتام مؤتمر «كوب 16» المنعقد بالرياض.

عبير حمدي (الرياض)
العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.