هدوء حذر في طرابلس عقب اشتباكات عنيفة

«المركزي» الليبي يؤكد التزامه بـ«شفافية الإنفاق»

الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي والمبعوث الأميركي لدى البلاد
الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي والمبعوث الأميركي لدى البلاد
TT

هدوء حذر في طرابلس عقب اشتباكات عنيفة

الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي والمبعوث الأميركي لدى البلاد
الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي الليبي والمبعوث الأميركي لدى البلاد

عاد الهدوء الحذر إلى العاصمة الليبية طرابلس، أمس، بعد ساعات من إحباط الميليشيات التابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ثاني محاولة فاشلة على التوالي تنفذها ميليشيات محسوبة على غريمه فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية، بهدف السيطرة على عدة مقرات لتمكينها من ممارسة عملها داخل المدينة.
وأظهرت لقطات مصورة انتهاء المعارك مؤقتاً وخلو طريق المطار ومناطقه من الميليشيات وعودة الحياة إلى طبيعتها بشكل شبه طبيعي، بعدما توقفت صباح أمس، الاشتباكات المسلحة التي اندلعت مساء أول من أمس، بالقرب من مقر الدعوة الإسلامية بين ميليشيات تابعة للواء أسامة الجويلي المقرب من باشاغا، وميليشيا ما يعرف باسم «القوة الوطنية المتحركة» الموالية لحكومة الدبيبة.
وبعد ساعات من اقتتال عنيف بين هذه المجموعات باستخدام أسلحة ثقيلة وخفيفة، تمكنت ميليشيات الدبيبة من التصدي لهجوم ميليشيات الجويلي، التي سعت للسيطرة على معسكر عبد الرحيم الرميح الملقب بـ«العلم» قرب إحدى محطات الوقود بطرابلس.
وبثت وسائل إعلام محلية لقطات لما قالت إنه انسحاب لميليشيات الجويلي من أمام مقر الدعوة الإسلامية ومحيطها، بعدما تدخلت عناصر تابعة «للواء 444 قتال» الموالي لحكومة الدبيبة لوقف الاشتباكات، إثر وساطات.
ونفت «فرقة الإسناد» الأولى التابعة لـ«العلم» في فيديو مصور، سيطرة ميليشيات الجويلي على المقر، فيما قالت «القوة المتحركة» إنها تصدت للهجوم، تزامناً مع رصد سكان وناشطين محليين تحليق طائرة بدون طيار فوق منطقتي السراج وعين زارة بالعاصمة.
ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي من المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، أو حكومتي الدبيبة أو باشاغا حول هذه الاشتباكات التي أسفرت بحسب مصادر غير رسمية عن مقتل عنصر وجرح أربعة آخرين بالإضافة إلى احتراق محل تجاري إثر سقوط قذيفة بمنطقة الدريبي.
وتعد هذه ثاني محاولة تقوم بها الميليشيات الموالية لحكومة باشاغا للحصول على موطئ قدم استراتيجي لها داخل العاصمة التي تسيطر عليها حكومة الدبيبة، الذي يرفض بدوره التخلي عن السلطة إلا إلى حكومة منتخبة.
ورغم أن باشاغا المدعوم من مجلس النواب، استقر مؤقتاً في سرت بوسط البلاد، يسعى لدخول طرابلس بشكل سلمي وعدم اللجوء إلى السلاح، لكن الجويلي، الذي أقاله الدبيبة من منصبه كرئيس سابق لجهاز الاستخبارات العسكرية وأبرز الداعمين لباشاغا، يقود مساعي حثيثة منذ بضعة أسابيع لتمكين حكومة الأخير من بدء عملها داخل طرابلس.
وما زال الجويلي يترأس غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة العسكرية الغربية، التي أعلن المجلس الرئاسي، حلها ضمنياً بإصداره مؤخراً قراراً يقضي بحل جميع غرف العمليات العسكرية المماثلة التي أنشئت من سنوات.
في غضون ذلك، أظهر السفير الأميركي ريتشارد نورلاند، تأييده للصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي باجتماع عقده معه مساء أمس (الجمعة)، وأعرب نورلاند في تغريدة له عبر «تويتر» عقب الاجتماع عن تقديره للجهود التي يبذلها مصرف ليبيا المركزي لتعزيز الشفافية وتقديم معلومات أكبر حول أوجه استخدام الأموال العامة.
بدوره، أكد الكبير، الذي يسعى عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وفقاً لتقارير إعلامية محلية، لإقالته من منصبه، على التزام المصرف المركزي بالمبادرات والممارسات الدولية لتعزيز نزاهة وشفافية الإنفاق العام، مشيراً إلى أنهما بحثا زيادة معدلات الإفصاح للوصول لأعلى معدلات الشفافية، والامتثال للمعايير الدولية، وتعزيز الاستقرار النقدي والمالي.
ونقل المصرف المركزي، عن نورلاند ثناءه خلال الاجتماع، الذي تم بمقر السفارة الأميركية في تونس، على جهود المصرف في رفع هذه المعدلات.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.