فادي أبي سمرا لـ «الشرق الأوسط» : لا أحب التعاون مع المخرج الديكتاتوري

استطاع أن يحجز مكاناً في الدراما العربية رغم دخولها متأخراً

فادي أبي سمرا لـ «الشرق الأوسط» : لا أحب التعاون مع المخرج الديكتاتوري
TT

فادي أبي سمرا لـ «الشرق الأوسط» : لا أحب التعاون مع المخرج الديكتاتوري

فادي أبي سمرا لـ «الشرق الأوسط» : لا أحب التعاون مع المخرج الديكتاتوري

في كل مرة يطل فيها الممثل فادي أبي سمرا في عمل درامي يسرق انتباه المشاهد تلقائياً بحضوره وأدائه المميزين. ورغم أن غالبية أدواره تنبع من شخصية الرجل الشرير أو القاسي، فإن ذلك لا يسرق من وهجه كممثل. فمتابع أي عمل يشارك فيه ينتظره بحماس كي يستمتع بحضوره الأخاذ. وكما في «2020» و«صالون زهرة» و«للموت»، فإن فادي أبي سمرا تقمص شخصية الشرير والرجل العنيف والنصاب بأسلوبه الخاص. أعطى لكل شخصية سمتها الخاصة وقولبها على طريقته، فاختلفت أدوات الشر في كل منها.
فما هو سرّ أدائه المتنوع رغم دورانه في فلك واحد ألا وهو الشر؟ يرد أبي سمرا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تراكمات المهنة وتجاربها المتعددة تؤلف عند الممثل مدرسة أخرى. عندما أقوم بهذا النوع من الأدوار أنفصل نهائياً عن عالمي الحقيقي. أصبح في منطقة أخرى، حينها لا أستطيع أن أقدم أنصاف الأمور. أعيش الشخصية بحذافيرها وأتقمصها وكأنها تسكنني بالفعل. أذهب إلى موقع التصوير وأنا أحمل أدوات الدور وأغراضه كاملين. قد أكون دربت نفسي من دون أن أدري على هذا السلوك، ولا شك أن شغفي بالمهنة يقف وراء ذلك».
يأخذ أبي سمرا أداءه دائماً إلى مكان مختلف، حتى ولو كان مطبوعاً بالشر في غالبية الأوقات. برأيه لكل كركتر خطوطه وأدواته حتى لو لم تختلف هويته. «أحب التنويع، ولذلك تأتي الشخصيات التي أجسدها حتى في عالم الشر لا تشبه بعضها، وأرسم لكل منها قالباً خاصاً بها. وأتمنى أن أترك دائماً هذا الأثر الإيجابي عند المشاهد، لأنه الأمر الأساسي الذي يهمني في مشواري».
يقدم فادي أبي سمرا اليوم دور خليل العسل في مسلسل «من إلى”، وذلك ضمن شخصية محورية في العمل. وهو من كتابة بلال شحادات وبطولة قصي الخولي وفاليري أبي شقرا وإخراج مجدي السميري. يجسد دور رجل عصابات يتعامل مع الناس بفضل سلطة بناها لنفسه من المال والسلاح. ويشير الممثل اللبناني إلى أن الحلقات المقبلة تحمل مفاجآت كثيرة وأنه ابتداء من الحلقات 24 و25 (يتألف المسلسل من 30 حلقة) ستأخذ الأحداث سياقاً مثيراً.
السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تكون طبيعة العلاقة بين ممثل يملك كل هذه المقومات والتجارب المتراكمة، والمخرج الذي يعمل معه؟ أفلا يشعر الممثل أحياناً بأنه قادر على تأدية المهمتين بفضل خبرته الطويلة؟ يوضح أبي سمرا في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة هذا الأمر يولد عندي القلق الدائم، ولذلك أستبق الأمور وأقوم بجلسات طويلة مع المخرج كي نتفاهم على كل شيء. كأنني أنفذ معه تفاهماً معيناً نقرب من خلاله وجهات النظر. وفي عملنا لا بأس من تقديم اقتراحات من قبل الطرفين، فهذا يثري العمل ككل. أنا شخصياً لا أحب التعاون مع مخرج ديكتاتوري، وحتى الساعة لم أتعامل بعد مع واحد من هذا النوع. فجميع الذين تعاونت معهم منفتحون ومبدعون. يصغون إلى الآخر باهتمام، وإذا ما اقتنعوا بوجهة نظر الممثل فهم لا يتوانون عن تبنيها. صحيح أني أتعدى أحياناً على مهمة المخرج، ولكني أحرص أن أوصل رأيي بأسلوب لائق. وهو أمر متبادل يمكن أن يبادلني به المخرج فأستفيد من ملاحظاته، مما ينعكس إيجاباً على أدائي. فهذه المساحة المشتركة بين المخرج والممثل يجب أن تحضر ليثمر عنها النجاح».
يرى فادي أبي سمرا أن البعد الإخراجي يسكن الممثل مرات عدة من حيث لا يدري، خصوصاً إذا ما سبق وعمل في هذا المجال ضمن التلفزيون أو المسرح. فهو صاحب تجارب في هذين المضمارين وسبق وعمل في مجالي الكتابة والإخراج المسرحي والتلفزيوني أيضاً. «يخطر على بالي القيام بهذه المهمة في أعمال الدراما ولكن الأمر يتطلب كمية شغف أخرى تختلف عن التمثيل. وبما أني أعشق التمثيل فلا أفكر بتاتاً بهذا الأمر».
الممثل والمخرج والمنتج فادي أبي سمرا الحاصل على شهادة ماجستير في الفنون المسرحية وهو خريج الجامعة اللبنانية، استطاع أن يحجز مكاناً له في الدراما العربية رغم دخولها متأخراً. ففي الماضي القريب لم تكن تقنعه نصوص وموضوعات الأعمال الدرامية. وعندما لمس التغيير فيها دخل مجال التمثيل ومن بابه العريض. منذ اشتراكه في «دقيقة صمت» مجسداً دور أدهم الذي يعاني من عقد نفسية، طبع المشاهد بأدائه المختلف. ومن بعدها كرت السبحة ليقدم أدواراً رسخت في ذاكرة المشاهد. فجسد شخصية هولو في مسلسل «الهيبة» وأمين في «للموت» وفواز في «صالون زهرة» وسلطان في «باب الجحيم» ووليد في «شتي يا بيروت».
وأخيراً أطل في الفيلم السينمائي اللبناني «بيروت هولدم»، فماذا عن هذه الشخصية، وهل تختلف تحضيرات الممثل بين عمل سينمائي وآخر درامي؟ يرد: «إن جورج في (بيروت هولدم) صاحب شخصية مرحة ومحبة تلطف الجو بحضورها. يومها وعندما قرأت النص أحببت الشخصية فلمستني عن قرب. وعندما عرض علي المخرج ميشال كمون هذه الشخصية كان يحضر في حياتي في تلك الفترة أشخاص يشبهونها. فاستوحيت منهم خطوطها الرئيسية التي تتوجها الفطرة فاستمتعت في أدائها».
وعن الفرق بين التمثيل التلفزيوني والسينمائي يقول: «قد يختلف الأداء المسرحي لأن الخشبة تتطلب نبرة صوت أعلى ولغة جسد حرة. أما في التلفزيون والسينما فالأمر يتشابه إلى حد كبير مع فرق أن الأداء يكون أكثر وضوحاً في الدراما. فالتلفزيون باب يشرع أمام الجميع ومن دون استئذان كونه ضيفاً دائماً في البيوت. أما السينما فأنت تقصدين وجهتها ويكون القرار مبنياً عن سابق تصور وتصميم. ولعبة التمثيل هنا متشابهة تطبعها الشعبية أكثر على الشاشة الصغيرة».
أخيراً استقبل اللبنانيون بحماس خبر الإعلان عن قرب تصوير الجزء الثالث من مسلسل «للموت». فهذا العمل الذي حقق شهرة واسعة وصلت العالم الغربي خضع منتجه جمال سنان مرة أخرى لرغبة الناس وقرر تنفيذ جزء ثالث منه. فكيف استقبل فادي أبي سمرا هذا الخبر وهو الذي يجسد شخصية أمين الطريفة فيه؟ يرد: «هذه المهمة عندها صعوبات كثيرة تبدأ مع قلم الكاتب الذي عليه أن يبذل مجهوداً كبيراً لكتابة أحداث لا تشبه ما قبلها وتثير التشويق عند المشاهد في الوقت نفسه. والخطورة أيضاً في هذا الموضوع تغلف العمل بأكمله. فتوقع أحداث أقوى تشد المشاهد وبمستوى الأجزاء السابقة نفسها مهمة صعبة تقع على كاهل المؤلف والممثلين معاً. عملية التأليف مع نادين جابر لا تزال في بداياتها. وكممثلين ننتظر وصول النص إلينا للاطلاع على طبيعة أحداثه. فتصوير العمل لن يبدأ قريباً، فيما استعد من ناحية أخرى لدخول استوديوهات التصوير فيما يخص الجزء الثاني من مسلسل «صالون زهرة) مع بداية شهر سبتمبر (أيلول)، وهذه المرة كتابته ستعود إلى كلوديا مرشيليان».
وهل يستمتع الممثل في لقاء شخصية سبق وقدمها؟ «عندما أقدم دوراً سبق وقمت به يكون الأمر مربكاً إلى حد ما لأنك لا تستطيعين التغيير في خطوطه أو بث دم جديد فيه إلا إذا كانت أحداث العمل تأخذه إلى منحى مغاير. فالمطلوب من الممثل أن يستعيد الروح والتصرفات والقالب العام للدور نفسه. وهذا الأمر يتطلب مجهوداً منه لأن عليه وضع المهارات نفسها في إطارها العام. أستمتع في عودة اللقاء بيني وبين شخصية سبق وقدمتها، تماماً وكأني ألتقي شخصاً أعرفه. فألقي عليه التحية وأحدثه عما ينتظرنا معاً وننطلق بمشوار جديد».


مقالات ذات صلة

ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

الوتر السادس ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

تعود الفنانة المصرية ساندي لعالم التمثيل بعد غياب دام 9 سنوات من خلال فيلم «تاج»، وقالت ساندي إنها تحمست للعودة مجدداً للتمثيل من خلال تقديم فيلم عن «أول سوبر هيرو عربي» والذي يقوم ببطولته الفنان المصري تامر حسني. وأوضحت ساندي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنها لم «تكن تتوقع أن تُعرض عليها هذه الشخصية»، مشيرة إلى أنها «ستغنّي إلى جانب التمثيل بالفيلم، وكشفت الفنانة المصرية عن تطلعها لطرح أغنية خليجية في الفترة المقبلة، إلى جانب اهتمامها بمشروعها التجاري المعنيّ بالديكور والتصميمات». وقالت ساندي «تامر حسني فنان شامل ويتمتع بشعبية كبيرة، وله أسلوب خاص ومميز في العمل وأعماله تحظى بمشاهدات لافتة، وط

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس أحمد فهمي: «سره الباتع» أكبر تحدٍ في مسيرتي الفنية

أحمد فهمي: «سره الباتع» أكبر تحدٍ في مسيرتي الفنية

يرى الفنان المصري أحمد فهمي أن مسلسل «سره الباتع» يعد أكبر تحدٍ فني يخوضه في مسيرته الفنية، بسبب الأجواء التي يدور حولها المسلسل الذي يعرض خلال شهر رمضان. وكشف فهمي خلال حواره مع «الشرق الأوسط» تفاصيل دوره في المسلسل الرمضاني «سره الباتع»، وكواليس مسلسله الجديد «السفاح» الذي سيعرض عقب شهر رمضان، وفيلمه الجديد «مستر إكس» الذي سيطرح في دور العرض عقب عيد الأضحى المبارك. يقول فهمي إنه لم يخطط للمشاركة في مسلسل «سره الباتع»، بعد اتفاقه شفوياً على تقديم مسلسل كوميدي في السباق الدرامي الرمضاني، «وقبل إتمام الاتفاق، تلقيت اتصالاً من المخرج خالد يوسف يطلب الجلوس معي، وحينما جلست معه سرد لي قصة رواية ال

محمود الرفاعي (القاهرة)
الوتر السادس ساشا دحدوح لـ «الشرق الأوسط»: حسي الإعلامي علّمني الحذر

ساشا دحدوح لـ «الشرق الأوسط»: حسي الإعلامي علّمني الحذر

تسير الممثلة اللبنانية ساشا دحدوح بخطوات ثابتة في مشوارها التمثيلي. فتأتي خياراتها دقيقة وبعيدة عن التكرار. أخيراً تابعها المشاهد العربي في «دهب بنت الأوتيل». فلفتت متابعها بأدائها المحترف كامرأة تمت خيانتها. فتحاول استعادة شريك حياتها بشتى الطرق. وفي موسم رمضان تشارك في عملين رمضانيين وهما «للموت 3» و«النار بالنار». وتؤدي أيضاً فيهما شخصيتين مختلفتين عن دورها في مسلسل «دهب بنت الأوتيل». وتشير دحدوح إلى أن هذه الدِقة في خياراتها ترتبط ارتباطاً مباشراً بشخصيتها. فهي تتأنى في أي شيء تقوم به وتدرسه حتى الاقتناع به. «ما يهمني أولاً أن أرضي نفسي فلا أقدم على خطوة ناقصة».

الوتر السادس خلال حضورها المؤتمر الصحافي الخاص بعرض فيلم «الهامور» بمصر (الشرق الأوسط)

فاطمة البنوي لـ «الشرق الأوسط»: أميل إلى الكوميديا السوداء

اعتبرت الفنانة السعودية فاطمة البنوي شخصية «جيجي» التي قدمتها في فيلم «الهامور» مزيجاً من شخصيات واقعية عديدة في المجتمع، وقالت في حوارها مع «الشرق الأوسط» إن السينما السعودية تشهد تطوراً كبيراً وإن صانع الفيلم السعودي كان متعطشا لتلك اللحظة وجاهزا لها ليقدم إبداعاته، وأشارت البنوي إلى أن هناك تقصيراً في تسويق الأفلام السعودية داخل المملكة، منوهة بأنها ستبدأ تصوير فيلم «أحلام العصر» خلال أيام. وحضرت فاطمة البنوي عرض فيلم «الهامور» بالقاهرة، الذي تجسد من خلاله شخصية «جيجي» الزوجة الثانية للبطل، والتي تستهدف الحصول على أمواله، وتتخلى عنه في النهاية، وتتنقل البنوي حاليا بين مصر والسعودية لمتابعة

انتصار دردير (القاهرة)
الوتر السادس المطرب المصري رامي صبري (فيسبوك)

رامي صبري: أرقام «يوتيوب» ليست المؤشر الوحيد للنجاح

قال الفنان المصري رامي صبري إن ألبومه الجديد «معايا هتبدع» كان بمنزلة تحد فني كبير له، لاستكمال مشواره الغنائي بنجاح.

محمود الرفاعي (القاهرة)

فاديا طنب الحاج لـ«الشرق الأوسط»: حزينة أنا على بلدي لبنان

تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
TT

فاديا طنب الحاج لـ«الشرق الأوسط»: حزينة أنا على بلدي لبنان

تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)

عندما طلب رعاة دار الأوبرا السويسرية من السوبرانو فاديا طنب الحاج إلقاء كلمة وإنشاد أغنية عن بلدها، تملّكتها مشاعر مؤثرة جداً. كانت تلبي دعوة إلى العشاء من قبلهم في جنيف؛ حيث شاركت في العمل الفني «إحسان». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لتلك المناسبة اخترت أداء أغنية (لبيروت). وسبقتها بكلمة مختصرة توجَّهتُ بها إلى الحضور عن لبنان. كنت متأثرة جداً، وخرجت الكلمات من أعماقي تلقائياً. فلا أبالغ إذا قلت إنها من أكثر المرات التي أحزن بها على وطني لبنان. وبعد تقديمي الأغنية راح الحضور يصفّق تأثراً، كما خرج منهم مَن يشكرني على اختياري لهذه الأغنية».

تقول أنها تعلّمت الانضباط من فريق {إحسان} (فاديا طنب الحاج)

فاديا طنب الحاج وُجدت على مسرح دار أوبرا جنيف للمشاركة في العمل الفني الكوريغرافي «إحسان». وهو من تصميم العالمي، المغربي الأصل سيدي العربي الشرقاوي. تعاونها معه يعود إلى سنوات طويلة. وطلب منها مشاركته العرض الفني الذي ألّفه تكريماً لوالده الراحل على مدى 6 حفلات متتالية أُقيمت هناك.

وتوضِّح لـ«الشرق الأوسط»: «سبق وتعاونت معه في عمل بعنوان (أوريجين). وقمنا بجولة فنية تألفت من نحو 90 حفلة. استمتعت بالعمل مع سيدي العربي الشرقاوي. فالتجربة في عام 2008 كانت جديدة عليّ. حتى إني ترددت في القيام بها بداية. ولكنني ما لبثت أن أُعجبت بنصوص عمله وبرقصات تعبيرية يقدمها فريقه. وهو ما حضّني على تكرار التجربة أكثر من مرة».

يشتهر سيدي العربي الشرقاوي بفرقته لرقص الباليه الأوبرالي. وقد نال لقب «بارون» للنجاحات الكثيرة التي حققها. وقد أقام واحدة من حفلاته في مهرجانات بعلبك. كان ذلك في عام 2012 وتعاون فيها مع فاديا طنب الحاج.

فاديا طنب الحاج تؤدي في {إحسان} أغان بلغات مختلفة (الفنانة)

يحكي العرض الكوريغرافي «إحسان» قصة حزينة، استوحاها الشرقاوي من واقع عاشه. فوالده رحل من دون أن يودّعه، لا سيما أن قطيعة كانت حاصلة بينهما لسنوات، فرغب في التصالح مع ذكراه من خلال هذا العمل. كما يهدي العمل لشاب مغربي قُتل في بلجيكا ويُدعى إحسان. فالحفل برمّته يدور في أجواء المعاناة.

وتتابع فاديا طنب الحاج: «في كلمتي عن لبنان ذكرت المرات التي هدمت بها بيروت. وفي كل مرة كانت تقوم وتنفض عنها غبار الردم. وهذه المرة التاسعة التي تتعرّض فيها للدمار. وجمعتُ كل هذه الأحاسيس عن مدينة أحبها في كلمتي. وشرحتُ لهم أنها أغنية استعار الرحابنة لحنها من يواخين رودريغيز. وكلامها يكّرم بيروت بوصفها أرضاً للسلام والصلابة».

الجميل في أعمال الشرقاوي اتّسامها بالعمق. فهو يختار ألحاناً من موسيقيين عالميين كي يرقص فريقه على أنغامها. في «إحسان» اختار ملحناً تونسياً لغالبية لوحاته الراقصة. وكذلك تلون العمل موسيقى مغربية وأخرى إسبانية. تشرح طنب: «مرات أغني بالبيزنطية والسريانية. فهذا الخليط من الموسيقى ضمن لوحات راقصة تعبيرية رائعة ينعكس إيجاباً على المغني».

فريق «إحسان» يتألف من نحو 50 شخصاً، وتسير السوبرانو اللبنانية بين راقصي الباليه مرات وهي تغني، ومرات أخرى تقف على منصة عالية كي تؤلف مشهدية غنائية فردية يرقص الفريق على أنغامها.

عرض الباليه {إحسان} على مسرح دار أوبرا جنيف (فاديا طنب الحاج)

اعتادت فاديا الحاج على إحياء حفلات الغناء بوصفها نجمةً مطلقةً تقف وحدها على المسرح. ولكن في «إحسان» تبدّلت المشهدية تماماً. وتعلّق: «بوصفنا مغنين تتملّكنا الأنانية إلى حدّ ما عندما نعتلي المسرح. وهذا الأمر سائد عند الفنانين في الشرق العربي. وأعدّ (الإيغو) عندي متواضعاً جداً نسبة إلى غيري. ولكن في أعمال مثل (إحسان) نتعلّم كثيراً، وأهمها الانضباط، فنلمس مدى الجهد الذي يتكبدّه الراقصون للقيام بمهمتهم على أكمل وجه. تمارينهم تطول من الصباح حتى بعد الظهر. يكررون اللوحة الراقصة أكثر من مرة. أما نحن المغنين فنعدّ مدللين نسبة إليهم، ورغم كل هذا التعب فإننا نراهم متحمسين وفرحين ولا يتذمرون. كل هذه المشهدية زودتني بدروس تتعلق بالصبر والانضباط والتنظيم».

تروي قصصاً عدة لامستها من هذه الزاوية: «أذكر إحدى الراقصات أُصيبت بجروح في أثناء الرقص. ولكنها بقيت تكمل لوحتها مع زملائها حتى النهاية متجاوزة أوجاعها. إنهم يرقصون على آلامهم وهذا الأمر علّمني كثيراً».

فاديا طنب الحاج وقفت على أشهَر المسارح العالمية، وكانت نجمةً متألقةً لحفلات في أوروبا وأميركا. فماذا عن تجربتها مع «إحسان»؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «هناك انصهار يحصل بين طاقتي وطاقتهم. أحياناً يتطلّب مني الأمر الإبطاء في الغناء. وهو ما جرى معي في موشح أؤديه في الحفل. فالتفاعل والمشاركة يحضران بقوة بيني وبينهم. كما أن أي انتقاد سلبي أو إيجابي يُكتَب عن العمل يطالني معهم. وهو ما يحمّلني مسؤولية أكبر، لا سيما أن فريق كورال يواكبني مرات في أغانيّ».

قريباً تستكمل فاديا طنب الحاج جولتها مع الشرقاوي لتشمل بلداناً عدة. ومن بينها ألمانيا والنمسا وباريس (مسرح شاتليه) وروما وكندا. وتتابع: «العمل ضخم جداً ويتطلّب ميزانية مالية كبيرة. وهو ما يدفع بالشرقاوي لتنظيم أكثر من جولة فنية. وكما أوروبا سنمرّ على تركيا، وقد تشمل بلدان الخليج».

لن تشارك السوبرانو اللبنانية هذا العام في حفلات «بيروت ترنم» وتوضح: «في هذه الفترة أحضّر لأعمالي المقبلة. ومن بينها حفلة أقدمها في بلجيكا. وللقيام بهذه التدريبات أتبع أسلوب حياة خاصاً يشمل حتى طريقة غذائي. ولذلك في موسم الأعياد هذا العام أرتاح كي أكون جاهزة لحفلاتي المقبلة».