الهجرة غير الشرعية تتصدر أجندة اليمين الإيطالي

سالفيني يعوّل على سياساته المتشددة لتعزير حظوظه في الحملة الانتخابية

زعيم حزب «الرابطة» لدى زيارته لامبيدوسا في 4 أغسطس (أ.ف.ب)
زعيم حزب «الرابطة» لدى زيارته لامبيدوسا في 4 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

الهجرة غير الشرعية تتصدر أجندة اليمين الإيطالي

زعيم حزب «الرابطة» لدى زيارته لامبيدوسا في 4 أغسطس (أ.ف.ب)
زعيم حزب «الرابطة» لدى زيارته لامبيدوسا في 4 أغسطس (أ.ف.ب)

عادت جزيرة «لامبيدوسا»، الرمز العالمي لمأساة الهجرة والمرآة التي تنعكس على صفحتها مشاعر الرفض الأوروبي لهذه الظاهرة، إلى واجهة الحملة الانتخابية الإيطالية التي احتدمت وتيرتها بشكل غير مسبوق، خصوصاً بين الأحزاب اليمينية التي من المفترض أن تخوض الانتخابات المقبلة في ائتلاف يضمّ حزب «إخوان إيطاليا» اليميني المتطرف، وحزب «الرابطة» و«فورزا إيطاليا» التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق سيليفو برلوسكوني.
وكان زعيم «الرابطة» ماتّيو سالفيني افتتح، الخميس، حملته الانتخابية بزيارة إلى هذه الجزيرة التي يطلق عليها «بوابة أوروبا»، والتي نزل على شواطئها عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين خلال العقود الثلاثة الماضية، في حين استقرّ آلاف منهم في قعر مياه المتوسط الفاصلة بين إيطاليا والسواحل الأفريقية. وعاد سالفيني، الذي أثار وجوده على رأس وزارة الداخلية في الماضي جدلاً كبيراً في الأوساط الإيطالية والأوروبية بسبب من مواقفه المتطرفة والعنصرية، ليعلن عزمه على جعل الهجرة محور النقاش السياسي الذي سيدور من الآن حتى الانتخابات العامة أواخر الشهر المقبل. واستعاد الزعيم اليميني المتطرف خطابه المتشدد، كاشفاً عن مجموعة من التدابير القاسية لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، مثل إقفال الموانئ الإيطالية في وجه سفن الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية التي تنشط لإغاثة المهاجرين في مياه المتوسط.
وفي أول مهرجان انتخابي له أمام حشود انقسمت بين مؤيدين لسياسته ومعارضين لها، قال سالفيني «إذا قرر الإيطاليون أن نعود إلى الحكومة، سنفتح أبوابنا فقط للمهاجرين الهاربين من الحروب، الذين لا يزيدون على 15 في المائة من مجموع الذين ينزلون كل عام بالآلاف على شواطئنا». وبعد زيارته إلى مركز استضافة المهاجرين الذي يستوعب 380 شخصاً، لكنه يكتظ بما يزيد على 1500 منذ أشهر، صرّح قائلاً «توجد مروحية إسعاف واحدة في الجزيرة، إذا احتاج إليها أحد المهاجرين لن تكون جاهزة لأي مواطن آخر إذا أصيب بمكروه يقتضي العناية في الخارج».
ويذكر، أن سالفيني، الذي تراجعت شعبيته بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة لصالح منافسته على قيادة المعسكر اليميني زعيمة «إخوان إيطاليا» جيورجيا ميلوني، كان وضع قانوناً صارماً لمكافحة الهجرة خلال وجوده في وزارة الداخلية، ينصّ على إنزال غرامات مالية باهظة بالمنظمات غير الحكومية التي تسعف المهاجرين في عرض البحر، كما ألغى العديد من تدابير الحماية الإنسانية الملحوظة في الاتفاقات الدولية؛ الأمر الذي عرّضه لمحاكمات قضائية ما زال بعضها مفتوحاً إلى الآن، فضلاً عن الانتقادات الشديدة لسياسته من أحزاب المعارضة والمفوضية الأوروبية والكنيسة الكاثوليكية، لكن تمّ إلغاؤها جميعاً بعد خروجه من الحكومة.
وأفادت وزارة الداخلية الإيطالية، بأن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذي نزلوا على السواحل الإيطالية منذ بداية العام الحالي بلغ 42 ألفاً، أي بزيادة ملحوظة عن العام الماضي، حيث بلغ عددهم ثلاثين ألفاً خلال الفترة ذاتها. وكان سالفيني بنى حملته الانتخابية السابقة في العام 2018 على مكافحة الهجرة، واستطاع أن يرفع نسبة التأييد الشعبي له من 6.5 في المائة إلى 17 في المائة.
لكن الاستطلاعات الأخيرة لا تعطي زعيم «الرابطة» أكثر من 12 في المائة، مقابل 24 في المائة لحزب «إخوان إيطاليا» الذي تتزعمه ميلوني التي لم تحصل في الانتخابات السابقة سوى على 4 في المائة. وكانت أحزاب اليمين الثلاثة اتفقت على خوض الانتخابات المقبلة ضمن ائتلاف واحد في جميع المحافظات، على أن يتولّى رئاسة الحكومة، في حال الفوز، زعيم الحزب الذي ينال أكبر عدد من الأصوات، الأمر الذي يدفع بسالفيني إلى لعب جميع الأوراق التي في متناوله للتقدم على ميلوني.
ولا يخفي سالفيني نيته في تولي وزارة الداخلية إذا فاز الائتلاف اليميني في الانتخابات، ليفرض التدابير التي ينادي بها لمكافحة الهجرة واستعادة الشعبية التي فقدها. لكن ميلوني، الواثقة من فوزها بالمرتبة الأولى، سارعت إلى القول، إن التشكيلة الحكومية تناقش في ضوء النتائج الانتخابية وليس قبلها. وتجدر الإشارة إلى أن سياسة «إخوان إيطاليا» لمكافحة الهجرة أكثر تشدداً من سياسة سالفيني؛ إذ كانت تدعو إلى إغراق سفن الإنقاذ التي كان حزب «الرابطة» يفرض عليها غرامات مالية كبيرة، وهي سياسة تحاكي ما تتبعه بولندا والمجر في تحدٍّ سافر للمواثيق والمبادئ الأوروبية.
لكن ظاهرة الهجرة لم تعد بين أولويات الإيطاليين، حيث أظهرت آخر الاستطلاعات، أن الهواجس الرئيسية أصبحت محصورة في غلاء المعيشة، وارتفاع أسعار الطاقة، وتزايد نسبة الفقر بسبب الجائحة.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.