احتمال تأجيل الانتخابات التونسية وارد جداً

احتمال تأجيل الانتخابات التونسية وارد جداً
TT

احتمال تأجيل الانتخابات التونسية وارد جداً

احتمال تأجيل الانتخابات التونسية وارد جداً

> يلاحظ مراقبون في تونس راهناً أن صناع القرار داخل مؤسسات الحكم والمعارضة والنقابات والمجتمع المدني ترصد وتتابع باهتمام المواقف المتناقضة الصادرة عن واشنطن وبروكسل وباريس وبرلين ولندن وروما والجزائر من مشروع «الجمهورية الجديدة» الذي يعمل عليه الرئيس قيس سعيد، وأيضاً من الانتخابات البرلمانية التي من المقرر أن تنظم في آخر عام 2022 الجاري بعد تعديل القانون الانتخابي القديم.
وبالفعل، فتحت مختلف وسائل الإعلام التونسية حوارات حول سيناريوهات تنظيم هذه الانتخابات أو تأجيلها، شملت رسميين ومستقلين ومعارضين وشخصيات عربية ودولية. ولقد أوحت هذه الحوارات بأن «تأجيل» الانتخابات البرلمانية احتمال «وارد جداً. أما السبب وراء ذلك فهو أن تنظيم الاقتراع العام في ظل المشهد السياسي الحالي سيفرز برلماناً جديداً «متشرذماً سياسياً» وتتحكم فيه أساساً ثلاثة أطراف كبرى، هي: أنصار الرئيس قيس سعيد، ومنظومة ما قبل 2011 بزعامة حزب عبير موسي (زعيمة الحزب الدستوري الحر)، ومنظومة العشرية الماضية بقيادة أحزاب «النهضة» و«النداء» و«تحيا تونس» و«قلب تونس».
من ناحية أخرى، قد تكرس الانتخابات هذه – وفق المراقبين – تأثيراً متزايداً لقيادات النقابات العمالية اليسارية والقومية العروبية و«الاتحاد العام التونسي للشغل» في المشهدين البرلماني والسياسي المقبلين. ويجمع المراقبون على أن «رموز الدولة»، بما في ذلك «قيادات المؤسسة العسكرية والأمنية التي ساندت بقوة قرارات 25 يوليو 2012 الاستثنائية»، وأيضا الإطاحة بالبرلمان وحكومة هشام المشيشي، و«تهميش دور النقابات والأحزاب وحركة النهضة»، لا يريدون إعادة إنتاج «نفس المشهد السياسي والبرلماني».
في هذا السياق بالضبط، فهم المراقبون الرسائل الواضحة التي صدرت أخيراً عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وعدد من أعضاء الكونغرس الأميركي والبرلمان الأوروبي، والتي أكدت على «حياد المؤسسة العسكرية في تونس خلال المرحلة القادمة» وعلى «مدنية الدولة». وتزامن ذلك مع إعلان هذه المرجعيات نفسها وبوضوح عن معارضتها ما اعتبرته «تغول النقابات»، وعن إعلان مساندتها لشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنوك الأوروبية بما فيها اعتماد «إصلاحات اقتصادية اجتماعية» تهدف إلى إيقاف «نزيف أموال الدولة» بسبب عشرات آلاف الإضرابات التي شهدتها تونس منذ «يناير 2011»، وكلفتها أعباء مالية، وتسببت في تراكم عجز موازنة الدولة، وارتفاع نسب المديونية والتضخم والبطالة والفقر.
في ضوء هذا كله من بين الأسئلة التي تفرض نفسها على الجميع اليوم هو... هل ستقبل الأطراف التي نجح الرئيس سعيد في إضعافها، وبينها النقابات والأحزاب وجماعات «الإسلام السياسي»، بموازين القوى الجديدة... أم ستعمل على استغلال الأزمات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية المعقدة والمتراكمة، فتفجر اضطرابات جديدة بعد موسم الإجازات الصيفية وإعادة فتح الجامعات والمدارس في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؟
ثم إنه في حال «تمردت» قيادات النقابات والأحزاب وقيادات «الإسلام السياسي»... هل سترد السلطة بصورة مباشرة، فتمضي في «المواجهة الشاملة»، أم تقرر من جديد أن تغير أولوياتها وسياساتها بالتفاعل مع «توصيات» الاتحاد الأوروبي وكبار شركائها في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية؟
في كل الحالات يبدو أن «سيناريو» تفعيل دور المؤسستين العسكرية والأمنية قد يفرض نفسه... وإن كان الشعار لا يزال «حياد الجيش» و«ضمان مدنية الدولة».


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».