اشتكى وفد من أعضاء مجلس النواب الليبي، وممثلون عن المجتمع المدني في جنوب ليبيا إلى بعثة الأمم المتحدة ما يعانيه سكان مناطقهم من «إقصاء وتمييز ونقص الخدمات الحكومية»، داعين إلى إجراء تحقيق في ملابسات انفجار ناقلة الوقود في بلدية «بنت بية» منتصف الأسبوع الجاري.
ووسعت حادثة انفجار الصهريج، التي خلفت تسعة قتلى، و56 جريحاً من بلدية «بنت بية»، وأخرى في منطقة مجاورة من موجات الغضب المتزايد بين المواطنين وفي الأوساط الاجتماعية هناك، وجددت مطالبهم للعمل على مساواة مناطقهم النائية بباقي المدن الليبية.
ونقل الوفد البرلماني والممثلون عن المجتمع المدني من جنوب ليبيا إلى بعثة الأمم المتحدة في البلاد جانباً من أزمات مناطقهم، وذلك خلال اجتماعهم بالقائم بأعمال رئيس البعثة، رايزدون زنينغا، مساء أول من أمس (الأربعاء)، معربين عن مخاوفهم من «تهميش وإهمال الجنوب».
وتظاهر عشرات المواطنين من أسر ضحايا انفجار شاحنة الوقود قبالة مبنى بلدية «بنت بية» مساء أول من أمس، احتجاجاً على «الأداء الضعيف» للقيادات المحلية هناك، وأضرموا النار في سيارة كانت تنتظر بجوار مدخل البلدية. بينما حمّل عمداء بلديات بالجنوب حكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة مسؤولية تردي أوضاعهم المعيشية في عموم إقليم (فزان)، وعدم توفر الوقود المُدعم، وهو الأمر الذي عبر عنه عضو مجلس النواب عن مدينة سبها، مصباح أوحيدة، بقوله: «تجاور منطقة بنت بية في وادي الآجال حقول النفط، بينما أهلها متعطشون إلى لتر بنزين بالسعر الرسمي».
وأرجع أوحيدة جانباً من أزمة نقص الوقود في الجنوب إلى «تجار الأزمات المعينين من طرابلس وبنغازي، الذين يقتاتون على تهريب الوقود للجماعات الإجرامية والإرهابية في الصحراء»، حسب قوله.
من جانبه، رأى المحامي علي إمليمدي، الذي ينتمي إلى بلدة «بنت بية» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن جزءاً من حل أزمة نقص الوقود في مناطقهم «يتطلب توفير الأمن، والسيطرة على الحدود الليبية للحد من التهريب؛ والقضاء على السماسرة والمحطات الخاصة التي تحجب الوقود عن المواطنين لتبيعه بأسعار كبيرة».
وبخصوص زيارة وفد الجنوب، قالت البعثة الأممية في بيانها إن الوفد «طلب دعمها في مناصرتهم لتحقيق التوزيع العادل للموارد بجميع أنحاء البلاد، وزيادة إشراك أبناء الجنوب الليبي في العملية السياسية وأجهزة الدولة والمؤسسات الوطنية».
ويعاني الجنوب الليبي منذ إسقاط النظام السابق عام 2011 من نقص الخدمات الحكومية، وشح الوقود، وارتفاع الأسعار بشكل كبير، وتزايد معدلات مستوى البطالة. وسبق أن اشتكى مشايخ وأعيان فزان من تعرض مدن الجنوب لـ«التجويع والإقصاء والتهميش» على أيدي الحكومات المتعاقبة، محذرين من تعرض المنطقة إلى «تغيير ديموغرافي ممنهج»، وطالبوا بـ«التوزيع العادل للثروة بين الليبيين»، مؤكدين أن ليبيا «تسع الجميع دون إقصاء أو تهميش».
في سياق ذلك، رأى القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية أن «الانتخابات الوطنية، التي ينبغي إجراؤها في أقرب وقت ممكن بحسب مطلب 2.8 مليون ليبي سجلوا أسماءهم للتصويت، من شأنها أن تُنتج مؤسسات شرعية وخاضعة للمساءلة، تعطي الأولوية للقضايا التي أثارها وفد الجنوب».
وقدّم القائم بأعمال رئيس البعثة التعازي لأهالي ضحايا الانفجار، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل. وأكد جهود الأمم المتحدة المستمرة لمعالجة مخاوف المواطنين في جنوب ليبيا، كما شجع الحاضرين على رفع أصواتهم أيضاً عبر القنوات المناسبة. معربا عن قلق البعثة عقب إحاطة الوفد حول منع هبوط طائرة أُرسلت لتقديم الإسعافات الأولية، والإجلاء الطبي للمصابين بحادث الناقلة؛ وأيّد دعوة الوفد لإجراء تحقيق كامل.
وكانت مجموعة من الشبان الغاضبين بالجنوب قد أقدمت على غلق الطريق، الرابط بين مدينتي سبها وأوباري أمام السيارات المتجهة إلى حقلي الفيل والشرارة النفطيين بالمنطقة، بعد يوم من حادثة انفجار الصهريج، في وقت تصاعدت فيه الدعوات المطالبة بضرورة تقاسم الموارد النفطية لتخفيف المعاناة عن سكان الجنوب. ويأتي ذلك وسط تحذير من «حراك فزان» بإقدامه على إغلاق جميع حقول النفط المتواجدة في الجنوب «إن لم تسارع السلطات برفع الظلم عنهم بتوفير الوقود والسيولة النقدية، والخدمات الحكومية».
سكان الجنوب الليبي يشتكون للبعثة الأممية «التهميش والإهمال»
طالبوا بـ«التوزيع العادل» للموارد... ومساواة مناطقهم النائية بباقي المدن
سكان الجنوب الليبي يشتكون للبعثة الأممية «التهميش والإهمال»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة