كان المهاجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش منزعجاً بالفعل من البلجيكي روميلو لوكاكو، معتقداً أن زميله السابق في مانشستر يونايتد ومنافسه الآن في الدوري الإيطالي الممتاز قد حاول تقديم نفسه على أنه الملك الجديد للعبة. في موسم 2020 - 2021. كان إبراهيموفيتش يلعب في صفوف ميلان باللونين الأحمر والأسود، بينما كان لوكاكو يلعب في صفوف إنتر ميلان باللونين الأزرق والأسود، وكان السويدي قد تألق بشكل ملحوظ في مباراة الديربي الافتتاحية للموسم، حيث سجل هدفين في المباراة التي فاز فيها ميلان بهدفين مقابل هدف وحيد. وبعد المباراة، نشر المهاجم المخضرم، الذي اقترب من عامه الأربعين تغريدة على موقع «تويتر» بطريقته المعتادة قال فيها: «لم يكن ميلان لديه ملك قط، بل لديه رجل خارق».
لم يستغرق الأمر الكثير من الوقت لاشتعال الغضب بينهما عندما التقيا في المرة التالية. ووفقاً لما نشره إبراهيموفيتش في كتابه الجديد، والذي يحمل اسم «أدرينالين: قصصي التي لم تروَ»، فقد بدأ الأمر عندما تشاجر لوكاكو مع أليكسيس سايليمايكرز، لاعب خط وسط ميلان الشاب، في الدقيقة 45 من مباراة الدور ربع النهائي لكأس إيطاليا على ملعب «سان سيرو».
وكان إبراهيموفيتش، بصفته قائداً لفريقه ولاعباً محترفاً بارزاً، يعلم أنه يتعين عليه التدخل، وطلب من لوكاكو أن يصمت، فرد المهاجم البلجيكي قائلاً: «ماذا ستفعل إذا لم أصمت؟» فقال إبراهيموفيتش: «سأكسر كل عظمة في جسدك إذا فتحت فمك».
وتطور الأمر ووصل إلى حد الاشتباك بين اللاعبين وتبادل الشتائم، واستغل إبراهيموفيتش، على حد قوله، نقطة ضعف لوكاكو، وصرخ في وجهه قائلاً: «اذهب واطلب من والدتك أن تفعل لك تعويذة شعوذة».
وبعد أن انتقل لوكاكو من إيفرتون إلى مانشستر يونايتد في عام 2017. بعد أن كان يريد الانتقال إلى تشيلسي في البداية، قال فرهاد موشيري، المساهم الأكبر في إيفرتون، إن اللاعب فعل ذلك بعد تلقيه رسالة شعوذة! وكان موشيري يقصد بذلك أن لوكاكو انضم إلى مانشستر يونايتد بناء على نصيحة والدته. لكن لوكاكو نفى ذلك بشدة.
ووفقاً لإبراهيموفيتش، انتابت لوكاكو حالة من الغضب الشديد بينما كان اللاعبون ينزلون إلى أرض الملعب مع بداية الشوط الثاني، وصرخ في وجهه من مسافة بعيدة قائلاً: «سأضع ثلاث رصاصات في رأسك».
ورغم أن إبراهيموفيتش كان مستعداً لخوض معركة بالأيدي في النفق، فإن ذلك لم يحدث. وخلال الشوط الثاني طُرد إبراهيموفيتش من الملعب بعد حصوله على البطاقة الصفراء الثانية وفاز إنتر ميلان بهدفين مقابل هدف وحيد، بعد أن كان متأخراً بهدف دون رد في الشوط الأول، وكان من سجل هدف التعادل هو لوكاكو.
وفي الشهر التالي، فاز إنتر ميلان على ميلان بثلاثية نظيفة في الدوري الإيطالي الممتاز، ونجح لوكاكو في هز الشباك مرة أخرى. وفي أوائل مايو (أيار)، حسم إنتر ميلان لقب الدوري للمرة الأولى منذ عام 2010. وكتب لوكاكو تغريدة قال فيها: «الإله الحقيقي توج الملك. الآن، يتعين عليك أن تنحني».
كانت هذه الفترة صعبة للغاية بالنسبة لإبراهيموفيتش، حيث تعرض لعدد من الإصابات التي أبعدته عن الملاعب، بينما أصيب اختصاصي العلاج الطبيعي الخاص به بفيروس كورونا. وهنا فكر إبراهيموفيتش على هذا النحو: «هل من الممكن أن يكون لوكاكو قد قام بتعويذة تهدف إلى إيذائي؟»، لكن ما كان واضحاً حقاً بالنسبة له هو رغبته الهائلة في الانتقام.
وقال إبراهيموفيتش: «في داخلي، رأيت أنه يجب علي تسوية الأمور مع لوكاكو خارج الملعب، بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع ماركو ماتيرازي»، في إشارة لخلافه الطويل مع المدافع السابق لمنتخب إيطاليا. وأضاف: «لسوء الحظ، رحل لوكاكو عن الدوري الإيطالي الممتاز [في صيف عام 2021 إلى تشيلسي] ولم نواجههم في دوري أبطال أوروبا. لكن ستكون هناك فرص أخرى».
وستكون هناك فرصة بالطبع الموسم المقبل، مع عودة لوكاكو إلى إنتر ميلان على سبيل الإعارة من تشيلسي، وتمديد إبراهيموفيتش عقده مع ميلان لمدة عام آخر، رغم أنه من المتوقع أن يبتعد عن الملاعب حتى يناير (كانون الثاني) المقبل بسبب إصابته في الركبة. ومن المقرر إقامة ديربي ميلان الثاني في هذا الموسم في عطلة نهاية الأسبوع الأولى من شهر فبراير (شباط).
وأود أن أذكركم هنا بتاريخ إبراهيموفيتش مع ماتيرازي، ففي عام 2005، كان إبراهيموفيتش يلعب بقميص يوفنتوس وأصيب إصابة قوية بعد تدخل عنيف عليه من ماتيرازي، الذي كان يلعب آنذاك في صفوف إنتر ميلان. تعهد إبراهيموفيتش بالانتقام، وفعل ذلك بالفعل في عام 2010 عندما كان يلعب في ميلان أثناء فترته الأولى هناك، بينما كان ماتيرازي لا يزال في إنتر ميلان. في تدخل عادي على الكرة في مباراة الديربي، قفز إبراهيموفيتش نحو ماتيرازي وتدخل عليه بشدة بالكوع، وسقط معه أرضاً لكي يبدو الأمر وكأنه تدخل عادي. لكن ماتيرازي أصيب بشدة ونُقل إلى المستشفى.
وقال إبراهيموفيتش: «هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور في عالمي - لا أنسى أبداً وأنتظر بصبر الوقت المناسب للانتقام. لقد قلت لنفسي مراراً وتكراراً: عندما أضع يدي عليه، سأؤذيه بشدة، حتى يتذكر ما فعله بي. وسأنتقم منه في ضوء النهار، لكي يعرف الجميع دوافعي ونواياي».
وهناك سبب لكتابة كلمة «الأدرينالين» بأحرف كبيرة على غلاف كتاب إبراهيموفيتش، فهذه هي الكلمة التي تحفزه دائماً، والتي تساعده في كل تحدٍ ويحب إذكاؤها من خلال الإيمان بأن هناك شيئاً يجب عليه أن يحسمه. وكان ذلك واضحاً أمام الإنجليز، على سبيل المثال، بعد أن شعر بأنهم لا يحترمونه نظراً لأنه كان يجد صعوبة في التسجيل في مرمى أندية الدوري الإنجليزي الممتاز خلال النصف الأول من مسيرته.
لكن إبراهيموفيتش وضع حداً لهذا الأمر تماماً من خلال إحراز أربعة أهداف دفعة واحدة في مرمى المنتخب الإنجليزي في المباراة التي فازت فيها السويد بأربعة أهداف مقابل هدفين في عام 2012. بما في ذلك هدف استثنائي للغاية. وقال المهاجم السويدي العملاق عن ذلك: «في يوم من الأيام سأبني لنفسي متحفاً وسأزينه بكرة القدم التي سجلت بها هذا الهدف الاستثنائي في مرمى إنجلترا».
ويظهر غرور إبراهيموفيتش بشكل واضح في كل فصل من فصول الكتاب. ورغم أنه بلغ الأربعين من عمره، فإنه لم يُظهر أي إشارة على التراجع عن هذا الغرور، فكثيراً ما يشير إلى نفسه بأنه إله أو ملاك أو رجل خارق، أو يستخدم عبارات مثل «كوكب زلاتان»، ويؤكد على أنه ليس مغروراً أو متغطرساً، وإنما هذه هي الحقيقة!
وكتب إبراهيموفيتش عن زميله السابق في ميلان، هاكان تشالهان أوغلو، الذي انتقل إلى إنتر ميلان الصيف الماضي: «هاكان تشالهان أوغلو طفل رائع. لقد كبر ونضج بشكل كبير، ويعود الفضل في ذلك لي. والآن، فإن التحدي الوحيد الذي يواجهه هو: هل سأتمكن من تحقيق نفس الأشياء دون إبراهيموفيتش؟»
ويتميز هذا الكتاب بأنه مضحك وممتع، ويوجه فيه إبراهيموفيتش مشاعر الحب إلى أعزائه وأحبائه، ولا سيما زوجته، هيلينا، وأبنائه، ماكسيميليان وفنسنت، ووكيل أعماله مينو رايولا، الذي وافته المنية في أبريل (نيسان) الماضي، كما يوجه الانتقادات اللاذعة لأعدائه، ولعل أبرزهم المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، الذي لم يستطع التعامل مع شخصيته في برشلونة، حيث قال إبراهيموفيتش إن «الفيلسوف يفضل اللاعبين الذين يطيعون الأوامر دون مناقشة».
ويركز إبراهيموفيتش على القيم الإنسانية التي يؤمن بها، فيستخدم عبارات مثل كن نفسك، واعط كل شيء، وكن مستعداً للمعاناة والسير على النار، وقاتل من أجل تحقيق أحلامك. في غضون ذلك، يروي المهاجم السويدي العملاق الكثير من الحكايات، ويشرح بالتفصيل الافتقار إلى الانضباط في باريس سان جيرمان، والبيروقراطية الغريبة والتافهة في مانشستر يونايتد.
وأشار إبراهيموفيتش إلى أنه قد خُصم من راتبه 1 جنيه إسترليني لحصوله على علبة عصير فواكه من الحانة الموجودة في فندق الفريق، كما شعر بالملل من مطالبته بإظهار بطاقة هويته وهو في طريقه إلى ملعب التدريب! وقال: «كنت أقول للرجل الذي يقف عند البوابة: اسمع يا صديقي، إنني أجيء إلى هنا كل يوم منذ شهر الآن. أنا أفضل لاعب كرة قدم في العالم. إذا كنت لا تزال لا تعرفني، فأنت تعمل في المكان الخطأ».
ويدرك إبراهيموفيتش جيداً أنه لن يستمر في الملاعب لفترة طويلة، وتظهر عليه علامات الضعف بشكل نادر، وهو يعترف بأنه يشعر بالرعب عندما يفكر في اقترابه من الاعتزال. لكنه الآن يعمل جاهداً على رفع لياقته البدنية، وإحراز المزيد من الأهداف، ومساعدة فريقه على حصد المزيد من البطولات، كما يتطلع بالطبع إلى المواجهة القادمة مع روميلو لوكاكو!