إحباط جلوس «خبيرة تجميل» على كرسي المذيع في مصر

«الأعلى للإعلام» أوقف برنامجها بعد «رفض واسع»

إيمي كمال (فيسبوك)
إيمي كمال (فيسبوك)
TT

إحباط جلوس «خبيرة تجميل» على كرسي المذيع في مصر

إيمي كمال (فيسبوك)
إيمي كمال (فيسبوك)

أثار مقطع دعائي أُذيع على قناة «الشمس» الفضائية المصرية، جدلاً واسعاً في البلاد، بعدما ظهرت خبيرة تجميل تدعى إيمي كمال، والشهيرة باسم «إيمي تاتو»، مقدمة لأحد البرامج. وعقب بث الفيديو الترويجي للبرنامج، ضج جمهور «السوشيال ميديا» في مصر بالرفض والانتقادات، قبل أن تتفاعل نقابة الإعلاميين المصرية مع الخبر، إذ أكد الدكتور طارق سعدة، نقيب الإعلاميين وعضو مجلس الشيوخ، في تصريحات صحافية أن إيمي كمال لا يمكن لها أن تعمل مقدمة برامج، لأنها لم تحصل على عضوية النقابة، أو حتى تصريح مزاولة المهنة.
وبعد ساعات قليلة على ظهور الردود الغاضبة، أحبط المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، جلوس إيمي كمال على كرسي المذيع، وأصدر قراراً بوقف البرنامج، وأوضح في بيان له مساء الأربعاء أن «تحركه جاء بعد تلقيه شكاوى عديدة حول خرق البرنامج للأكواد الإعلامية ومخالفة شروط الترخيص الصادر للقناة، كما تقرر تحويل المسؤول القانوني للتحقيق في المخالفات المنسوبة للقناة.
الواقعة التي بدأت وانتهت خلال 24 ساعة فقط، لم تُثِر حفيظة مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، بل فتحت المجال للحديث مجدداً عن معايير العمل الإعلامي، وظهور مؤثري مواقع التواصل على الشاشات المصرية.
يرى فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي، والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، أن «ثمة تسميات تتداخل وتسبب اختلاط مفاهيم العمل الإعلامي»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أمام تسميات يجب التفرقة بينها، حيث توجد فروق كبيرة بين 3 أنماط، المؤثر، وصانع المحتوى، والإعلامي، فالمؤثر يرتبط بتحقيق شهرة على الفضاء الإلكتروني، وعادة ما يميل هذا الشخص إلى أهداف تجارية، بينما لا يرتبط صانع المحتوى بالشهرة وعدد المتابعين، بل يرتكز على تقديم محتوى يلبي احتياجات الجمهور من وجهة نظره، قد يكون محتوى تعليمياً أو صحياً أو حتى يقدم وصفات طهي ونصائح حياتية، بينما يقف الإعلامي في منطقة بعيدة عن المجالين السابقين، فقد يقدم محتوى من خلال وسائل الإعلام التقليدية، حتى وإن حظي بشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويُشترط فيه الخلفية الأكاديمية والإلمام المعرفي بمعايير العمل الإعلامي وآليات التقديم التلفزيوني».
ويعلق مستشار الإعلام الرقمي على واقعة «إيمي تاتو» قائلاً: «يتوقع بعض صُناع الإعلام أن الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي تحقق للشخص جماهيرية مُسبقة، تضمن نجاحه إذا انتقل لوسائل الإعلام التقليدية، لكنه رهان لا يمكن أخذه في الاعتبار، لأن المرور للجمهور يعتمد على حرفية الشخص في هضم معايير تقديم المحتوى على وسيلة كاشفة مثل التلفزيون».
ويتوقع رمزي ظهور المزيد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي على التلفزيون خلال المرحلة المقبلة، «غير أنها ظاهرة لن تثبت جدواها وستختفي سريعاً». على حد تعبيره.
من جهتها، علقت خبيرة التجميل إيمي كمال على الضجة التي لاحقت المقطع الدعائي لبرنامجها «ضي القمر» وكتبت عبر حسابها على «فيسبوك»: «قبلت تجربة تقديم برنامج بناءً على طلب كثير من السيدات، بهدف عرض معلومات تخص جمال المرأة، ورفضت عروضاً للتمثيل والظهور الإعلامي». وأضافت: «حب الناس لا يحتاج إلى شهادات أو تدريبات».
ورغم اعتراف إيمي كمال بـ«عزمها تقديم البرنامج» قبل حدوث الضجة، نفى رئيس قناة «الشمس»، في تصريحات صحافية تقديم إيمي لبرنامج عبر قناته، قائلاً: «ستكون ضيفة إحدى الفقرات في أحد البرامج المختصة بالتجميل».
ووفق المهندس عمرو قورة، متخصص في شؤون الإعلام، فإن ما حدث كان هدفه «الفرقعة الإعلامية»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «علينا أن نفرق بين ظهور مشاهير السوشيال ميديا على محطات تلفزيونية تُدار بنظام تأجير ساعات البث، وأخرى مهنية تنتقي من يمثلها ويظهر على شاشتها، لا سيما أن الشهرة وحدها لن تصنع إعلامياً». ويُحمّل قورة وسائل الإعلام مسؤولية منح البعض شرعية الظهور من خلال تغطية أخبارهم.
ويوضح: «وسائل الإعلام التقليدية باتت تنقل أخبار أي شخص شهير على مواقع التواصل الاجتماعي وتسهم في نشر تفاصيل الحياة الشخصية دون أي معايير مهنية، من ثم تمهد لاحقاً إلى ظهورهم كنجوم.
وعن توقعه لنجاح مثل هذه التجارب يقول قورة: «فضول المتابعين قد يدفعهم إلى المتابعة في الحلقات الأولى، بينما الاستمرارية تتطلب مهارة وحرفية لا أعتقد أنها تتوفر لدى مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي». ويضيف: «البرامج الإخبارية الأميركية تعرض يومياً فقرات تحت اسم (الترندات) لتغطية الأبرز على مواقع التواصل، ويتم تناولها بأسلوب سلس وبسيط وربما ترفيهي، لذلك أرى أن هذه هي المساحة المناسبة لفتح قنوات تواصل بين وسائل الإعلام التقليدية، لا سيما التلفزيون، وبين مواقع التواصل الاجتماعي، بينما أكثر من ذلك ربما يأتي بنتيجة عكسية ويحقق خسارة مزدوجة، تطول الوسيلة الإعلامية والشخص المؤثر الذي قد يفقد متابعيه بسبب عدم ملائمته للمحتوى التلفزيوني».
جدير بالذكر أن انتقال مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي إلى شاشة التلفزيون والسينما ليس الأول من نوعه في مصر، فقد حقق مؤثرون نجاحاً من خلال تجاربهم التمثيلية، بينهم هلا رشدي، صانعة محتوى عرفها الجمهور أولاً على منصات التواصل ثم شاركت في مسلسل «مكتوب عليا» في رمضان الماضي، كذلك، الطفل عبد الرحمن طه، الذي اشتهر بمقاطع كوميدية تجمعه بوالدته، ثم قدم تجربته في التمثيل للمرة الأولى من خلال مسلسل «الكبير أوي» في موسمه السادس، بالإضافة إلى شريف فايد، مدون السفر، وأحمد رمزي، صانع محتوى ترفيهي، وكذلك حسين نصار الذي اشتهر بتقليد الداعية مبروك عطية.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».