الليبيون يستكملون الانتخابات المحلية رغم الانقسام السياسي

تشمل 12 بلدية وتبدأ من ترهونة غرباً

جانب من الدعاية للانتخابات البلدية في غرب ليبيا (اللجنة المركزية للانتخابات المحلية)
جانب من الدعاية للانتخابات البلدية في غرب ليبيا (اللجنة المركزية للانتخابات المحلية)
TT

الليبيون يستكملون الانتخابات المحلية رغم الانقسام السياسي

جانب من الدعاية للانتخابات البلدية في غرب ليبيا (اللجنة المركزية للانتخابات المحلية)
جانب من الدعاية للانتخابات البلدية في غرب ليبيا (اللجنة المركزية للانتخابات المحلية)

تغاضت اللجنة المركزية للانتخابات المحلية في ليبيا عن الانقسام السياسي الحاصل بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، وأعلنت عن انطلاق التحضير للعملية الانتخابية في 12 بلدية بغرب البلاد، من بينها ترهونة (95 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة طرابلس)، دون تحديد موعد الاقتراع بعد.
وسبق واعتمدت وزارة الحكم المحلي في حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، 116 بلدية على مستوى ليبيا. وأجريت الدورة الأولى من الانتخابات البلدية في نهاية 2013 و2014. وخلال عامي 2019 و2020، أعيد انتخاب معظم البلديات في الدورة الثانية، وبموجب القانون تنتهي ولاية المجالس البلدية غير القابلة للتجديد خلال أربعة أعوام.
وقالت اللجنة المركزية للانتخابات المحلية، إن التجهيز لانتخاب المجلس البلدي في مدينة ترهونة انطلق أمس، كما «بدأ العد التنازلي لاستئناف العملية الانتخابية لباقي البلديات المستهدفة كافة».
ومنذ بداية النزاع على السلطة بين حكومتي الدبيبة وباشاغا، دخلت البلديات دائرة الصراع بينهما، إذ سعى الأول إلى احتوائها لقطع الطريق على محاولات غريمه باشاغا إلى استمالتها.
وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، كانت وزارة الحكم المحلي بحكومة باشاغا، دعت عمداء البلديات في مختلف أرجاء ليبيا إلى عدم التعامل مع حكومة الدبيبة، والامتثال لقرارات حكومتها.
وكانت اللجنة المركزية بدأت مراسم الحملة التوعوية بالعملية الانتخابية من داخل ترهونة خلال اليومين الماضيين، بمشاركة عدد من أعضاء اللجنة ومديري مكاتبها ووحداتها، إضافة إلى فرق من حركة الكشاف والمرشدات، والهلال الأحمر، ومنظمات المجتمع المدني. وتضمنت الحملة تعليق اللافتات التوعوية، وترقيم مراكز الاقتراع المعتمدة، وتوزيع المطويات والملصقات، التي تحث المواطنين على التسجيل بسجل الناخبين وشروطه.
وأشارت اللجنة المركزية في مؤتمر صحافي، عقدته أمس (الثلاثاء)، إلى أن العملية الانتخابية التي أُعلن عنها ببلدية ترهونة تعد إيذاناً لانطلاق عملية انتخاب المجالس البلدية في 11 بلدية أخرى، ستُجرى تباعاً وفق خطتها المزمع تنفيذها حتى عام 2025.
ونوهت اللجنة بأنها تستهدف استكمال انتخابات جميع مجالس البلديات، لافتة إلى أنها بجميع إمكاناتها على جاهزية تامة لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية للبلديات، «متى كانت الظروف ملائمة، وذلك وفق الإمكانات المتاحة، وتوفير الدعم الفني واللوجستي».
وحثّت اللجنة في مؤتمرها الصحافي «مواطني ترهونة وجميع البلديات المستهدفة على التسجيل في سجل الناخبين، الذي لا يزال متاحاً أمام المواطنين، والمشاركة في العملية الانتخابية سواء ناخبين أو مرشحين وفق نظام القائمة المغلقة المطلقة»، مشيدة بدور المنظمات المجتمعية وحركة الكشاف وجميع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، في تضافر جهودها ومشاركتها في إنجاح الانتخابات المحلية، وتقديم مزيد من الدعم حتى يتحقق مبدأ التبادل السلمي للسلطة وتفعيل الإدارة المحلية».
وعبّرت اللجنة المركزية عن أملها في «اختيار الأصلح من القوائم المرشحة من القادرين على تقديم الخدمات والتنمية لبلدياتهم»، متمنية أن تقدم بلدية ترهونة المثل الأعلى في هذا الشأن، وأن يشارك أهلها بفاعلية في اختيار الشخصيات القادرة والفاعلة، وتقديم أفضل الخدمات لأهلها».
وحثّت اللجنة المواطنين على الإسراع للتسجيل في سجل الناخبين من خلال إرسال رسالة نصية تحتوي على الرقم الوطني والمركز الانتخابي إلى رقم جوال مخصص لهذا الغرض.
وسبق وأعلن الصادق الحراري، رئيس اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية المكلف، في مؤتمر صحافي، أن 43 بلدية انتخبت مجالسها البلدية، فيما يجري حالياً الاستعداد لإجراء الانتخابات في باقي البلديات.
وأشار إلى أن عدد البلديات التي فُتح بها سِجّل ناخبين بلغ 43 بلدية، وسيُفتح سجل للناخبين لـ30 مجلساً بلدياً، منها بلديات ستنتخب لأول مرة وأخرى تنتخب للدورة الثانية.
ولفت رئيس اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية إلى أن سجّل الناخبين لمدينة بنغازي سيفتح يوم 24 من الشهر الجاري، استعداداً لإجراء الانتخابات البلدية لأول مرة منذ 2012.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم