السلطات الإيرانية تطلق حملة قمع لخنق الأصوات المعارضة

ناشطون وخبراء يتحدثون عن تصاعد الإعدامات والاعتقالات

مراسم تنصيب رمزية بمكتب خامنئي يحضرها رئيسي قبل أدائه اليمين الدستورية في 3 أغسطس 2021 (موقع المرشد الإيراني)
مراسم تنصيب رمزية بمكتب خامنئي يحضرها رئيسي قبل أدائه اليمين الدستورية في 3 أغسطس 2021 (موقع المرشد الإيراني)
TT

السلطات الإيرانية تطلق حملة قمع لخنق الأصوات المعارضة

مراسم تنصيب رمزية بمكتب خامنئي يحضرها رئيسي قبل أدائه اليمين الدستورية في 3 أغسطس 2021 (موقع المرشد الإيراني)
مراسم تنصيب رمزية بمكتب خامنئي يحضرها رئيسي قبل أدائه اليمين الدستورية في 3 أغسطس 2021 (موقع المرشد الإيراني)

تشهد إيران حملة أمنية تتخللها إعدامات بأعداد غير مسبوقة منذ سنوات، واعتقالات واسعة لمعارضين للنظام استهدف بعضها عدداً من أبرز المخرجين السينمائيين، ومحاكمات لمواطنين أجانب نددت بها عائلاتهم بوصفها صورية.
ويقول ناشطون إنه لم تسلم أي من شرائح المجتمع من حملة القمع المكثفة التي تشنها السلطات؛ إذ طالت الحملة ناشطين في نقابات العمال، وآخرين يعارضون الحجاب القسري، فضلاً عن أتباع الأقليات الدينية.
يأتي القمع تزامناً مع مرور عام على تولي المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية السابق، الحكم خلفاً للرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني. وبعد فوز رئيسي، أصدر المرشد الإيراني علي خامنئي مرسوماً بتعيين وزير الأمن السابق، غلام حسين محسني أجئي، رئيساً للجهاز القضائي، مما أثار مخاوف من تسارع حملة القمع ضد الناشطين السياسيين.

غلام حسين محسني أجئي يصل مقر القضاء الإيراني (أرشيفية-مهر)

ويواجه رئيسي، وخامنئي؛ صاحب كلمة الفصل في النظام، أزمة اقتصادية ترافقت مع سلسلة كوارث؛ بما في ذلك انهيار مبنى أسفر عن سقوط قتلى في عبادان خلال مايو (أيار)؛ مما أشعل احتجاجات نادرة.
وتعود المشكلات الاقتصادية جزئياً إلى العقوبات التي فرضت على البرنامج النووي الإيراني. لكن لا توجد مؤشرات حتى الآن تدل على إمكانية اقتراب القوى الدولية والسلطات الإيرانية من تحقيق اختراق في المفاوضات الرامية لإحياء اتفاق عام 2015 النووي.
وقال خبير الشؤون الإيرانية في «معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية» والجامعة الأميركية في بيروت، علي فتح الله نجاد، إن «الحملة الأمنية الحالية مرتبطة بشكل وثيق بتصاعد الاحتجاجات في إيران».
ولفت إلى أن الاحتجاجات التي خرجت في مختلف أنحاء البلاد خلال ديسمبر (كانون الأول) 2017 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019 تركت بصمتها على القيادة الإيرانية. وبينما كانت الاحتجاجات في أساسها مدفوعة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، فإنها «سرعان ما تحولت إلى سياسية واستهدفت المؤسسة (الحاكمة) برمتها».
وأكد الباحث لوكالة الصحافة الفرنسية أن «المظاهرات الشعبية ما زالت تشكل تهديداً لاستقرار النظام».

بث الخوف

وكان الازدياد الكبير في عدد الإعدامات لافتاً؛ إذ أعدمت إيران في النصف الأول من عام 2022 ضعف عدد الأشخاص الذين أعدمتهم في العام السابق، بحسب منظمة «حقوق الإنسان في إيران» غير الحكومية التي تتخذ في النرويج مقراً لها، وترصد حالات الإعدام على وجه خاص. وسجلت المنظمة 318 عملية إعدام شنقاً نفذت منذ بداية هذا العام.
وقالت «منظمة العفو الدولية» إن إيران تشهد «فورة إعدامات»؛ إذ باتت عمليات الشنق حالياً تمضي بـ«وتيرة مروعة». وذكرت منظمة «حقوق الإنسان في إيران» أن عمليات الإعدام شملت 10 نساء؛ شنقت 3 منهن في يوم واحد هو 27 يوليو (تموز) بعد إدانتهن بتهمة قتل أزواجهن.
في الأثناء، استأنفت إيران أيضاً قطع أصابع السجناء المدانين بالسرقة؛ إذ تعرض منذ مايو (أيار) شخصان على الأقل لهذه العقوبة المنفذة بواسطة مقصلة وضعت خصيصاً لهذا الغرض في سجن إيفين في طهران، بحسب «منظمة العفو».
وفي 23 يوليو، نفذت إيران أول إعدام علني على أراضيها منذ عامين.
ويقول مدير منظمة «حقوق الإنسان في إيران»، محمود أميري مقدم، إن «السلطات تستخدم الإعدامات واسعة النطاق لبث الخوف في المجتمع لمنع أي مظاهرات جديدة مناهضة للحكومة».

رد فعل قمعي تلقائي

وتتنامى حركة داخل إيران وخارجها تستخدم وسم #إعدام_نكنيد (#edam_nakon)؛ أي «أوقفوا الإعدام» تطالب بوقف استخدام عقوبة الإعدام في إيران التي تعدم أشخاصاً سنوياً أكثر من أي بلد في العالم باستثناء الصين.
وكان المخرج محمد رسول آف من بين الشخصيات الأبرز الداعية لوقف الإعدامات. وفاز فيلمه المؤثر المناهض لعقوبة الإعدام «لا وجود للشيطان» بجائزة «الدب الذهبي» في مهرجان برلين السينمائي عام 2020.
لكن أوقف رسول آف مطلع يوليو بعدما نشر مع مجموعة من المخرجين والممثلين رسالة مفتوحة في أواخر مايو تحض قوات الأمن على «إلقاء أسلحتها» في وجه الاحتجاجات.

كرسولوف على شاشة هاتف أثناء تسلمه جائزة مهرجان «برلين السينمائي» (أرشيفية - أ.ف.ب)

واعتقل بعد ذلك المخرج الحاصل على جوائز دولية عدة، جعفر بناهي، الذي منع لسنوات من مغادرة إيران، عندما ذهب بعد يومين للسؤال عن مكان وجود رسول آف وقيل له إن عليه قضاء عقوبة بالسجن مدتها 6 سنوات سبق أن صدرت في حقه.
وينضم هؤلاء إلى معارضين معروفين آخرين خلف القضبان؛ بينهم الناشطة الحقوقية نرجس محمدي؛ التي تخشى مجموعات حقوقية من أن تكون في خطر بسبب مشكلات صحية أخفقت سلطات السجن في علاجها بشكل مناسب.
كذلك، شهدت الحملة الأمنية توقيف عدد من أقارب ضحايا قمع السلطات العنيف لمظاهرات نوفمبر 2019 الذين طالبوا بالعدالة لأفراد عائلاتهم.
وقالت الباحثة المختصة في الشأن الإيراني لدى «هيومن رايتس ووتش»، تارا سبهري فر، إنه «ما من سبب يدعو للاعتقاد بأن عمليات التوقيف تتعدى كونها خطوات خبيثة لردع الغضب الشعبي حيال إخفاقات الحكومة واسعة النطاق»، متهمة الحكومة باللجوء إلى «رد فعلها القمعي التلقائي القائم على توقيف المعارضين المعروفين».

أمر شائن

شهد الشهران الماضيان أيضاً عمليات توقيف استهدفت البهائيين، في إطار ما وصفها «مجتمع البهائيين الدوليين» بـ«أزمة متصاعدة في حملة الحكومة الإيرانية الممنهجة» ضد أكبر أقلية غير مسلمة في البلاد.
وما زال أكثر من 20 مواطناً أجنبياً أو من مزدوجي الجنسية قيد الإقامة الجبرية أو عالقين في إيران، بحسب «مركز حقوق الإنسان في إيران (CHRI)» ومقره نيويورك، في إطار سياسة تصفها عائلاتهم بأنها قائمة على احتجاز الرهائن بهدف انتزاع تنازلات من الغرب.
في يوليو، سمحت إيران للمواطنة الألمانية - الإيرانية ناهيد تقوي بمغادرة السجن للخضوع للعلاج، وأطلقت سراح المواطن الأميركي - البريطاني - الإيراني مراد طاهباز مع وضع سوار إلكتروني للمراقبة في كاحله. لكنهما ما زالا ممنوعين من مغادرة إيران، بينما يقبع في السجن أيضاً مواطن بولندي وآخر بلجيكي إضافة إلى سويدي وفرنسيين اثنين.
ومن بين المسجونين؛ المواطن الألماني جمشيد شارمهد الذي خطف بحسب عائلته في الخليج في يوليو 2020 ويواجه الآن عقوبة الإعدام في محاكمة يتوقع أن تُختتم في الأسابيع المقبلة.

 صورة نشرها القضاء الإيراني من شارمهد بينما ينظر إلى شاشة أثناء عرض صورة من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة على جواز سفره الألماني في محكمة بطهران في 21 يونيو 2022

 

وقالت ابنته غزالة شارمهد لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذه عملية ملفقة هدفها اضطهاد المعارضين والصحافيين الذين يستخدمون حرية التعبير في العالم الحر... السماح بحدوث ذلك أمر شائن».



إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
TT

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وافقت إسرائيل ، اليوم (الأحد)، على زيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في البيان، أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

وانتزعت إسرائيل السيطرة على معظم هضبة الجولان من سوريا خلال حرب عام 1967، قبل أن تضمها إليها عام 1981.

وفي 2019، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن عملية الضم لم تحظَ باعتراف معظم الدول. وتطالب سوريا إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الأخيرة ترفض ذلك متعللة مخاوف أمنية. وباءت جهود سلام كثيرة بالفشل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان اليوم (الأحد)، لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعيها زعماء المعارضة».

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت بالإجماع على خطة تزيد قيمتها على 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في هضبة الجولان.

وأضاف أن نتنياهو قدم الخطة للحكومة «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا ورغبة في زيادة عدد سكان الجولان إلى المثلين».

وقال المحلل في مركز الأبحاث الإسرائيلي (ألما) أبراهام ليفين، المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، إن نحو 31 ألفاً من الإسرائيليين استقروا في هضبة الجولان، وإن كثيراً منهم يعملون في قطاعي الزراعة، الذي يشمل مزارع الكروم، والسياحة.

وأضاف أن هضبة الجولان موطن أيضاً لما يصل إلى 24 ألفاً من الدروز السوريين.

بعيداً عن أي مغامرات غير محسوبة

وكان قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة، في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهية حكم العائلة الذي استمر 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، غير أنها تقول إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

ونددت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع، في مقابلة نشرت على موقع تلفزيون سوريا، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».