«البروفايل»... بوابة عبور الزبائن إلى مطاعم مصرية فاخرة

ترفض وتقبل الرواد بعد مراجعة حساباتهم ودون ذكر أسباب

أحد المطاعم الفاخرة في مصر الجديدة
أحد المطاعم الفاخرة في مصر الجديدة
TT

«البروفايل»... بوابة عبور الزبائن إلى مطاعم مصرية فاخرة

أحد المطاعم الفاخرة في مصر الجديدة
أحد المطاعم الفاخرة في مصر الجديدة

بينما كانت منّة علي، الطالبة بجامعة الإسكندرية تستعد لخوض تجربة مختلفة بعد انتهاء العام الدراسي الأخير، وللاحتفال بعيد ميلاد إحدى صديقاتها، بمطعم «فاخر» في الساحل الشمالي المصري، فوجئت بطلب إدارة المطعم بضرورة إرسال بروفايل الحسابات الخاصة بهن، على «فيسبوك» و«إنستغرام» لاستكمال إجراءات الحجز الإلكتروني، مع تعبئة استمارة تسجيل بها الاسم وجهة العمل، والإقامة، أو الدراسة.
وبعد فترة من الانتظار سُمح لمنّة بالدخول مع بعض صديقاتها، في حين تم رفض أخريات، من بينهن صاحبة عيد الميلاد.
ورغم تمتع مصر بعدد كبير من المطاعم الفخمة التي تمتاز بتصاميمها المميزة العصرية وإطلالاتها الخلابة، فإن مزيداً من الضوابط تُفرض يوماً بعد يوم على الراغبين في التردد عليها في إطار اتباع سياسة انتقائية دقيقة للزائرين؛ إذ تلجأ بعض هذه المطاعم إلى اختيار روادها بموجب الاطلاع على بروفايل حسابات التواصل الاجتماعي، وترفض وتقبل من تريد من دون ذكر أي أسباب.
تقول منّة «بعدما شعرت بالملل من مطاعم مدينة الإسكندرية لكثرة التردد عليها، فكرت في قضاء يوم ممتع مع صديقاتي بمطعم يقع في منطقة (هاسيندا وايت) ويطل على شاطئ البحر مباشرة»، وتضيف «كنت سأشعر بالخجل لو تم رفضي، وأعتقد أن ذلك كان شعور القائمة القصيرة التي رُفضت من صديقاتي، حيث أعربن عن استيائهن من الأمر، رغم قدرتهن على دفع ثمن الطعام باهظ الثمن - زجاجة المياه الصغيرة بـمائة جنيه مصري، والبيتزا الصغيرة بـ800 جنيه، (الدولار الأميركي يعادل نحو 19 جنيهاً مصرياً)».
ويضم الساحل الشمالي الغربي لمصر، منتجعات سياحية فاخرة تبدأ من الإسكندرية (شرقاً، وتمتد إلى مدينة الضبعة غرباً) بمحاذاة شاطئ البحر المتوسط، وتجتذب الشاليهات والفيلات التي يزيد سعر بعضها على مائة مليون جنيه مصري أثرياء مصريين.
وترى منّة، أن «الأمر يرتبط بتمسك المطعم بزوار ينتمون إلى فئة مجتمعية شديدة الثراء، أو تفضيلهم لقاطني قرى سياحية بعينها، فبعد ترددنا أكثر من مرة على المطعم، عرفنا أنه حين ينظم حفلات لكبار النجوم مثل عمرو دياب ومحمد رمضان وأحياناً لفنانين أجانب، فإن شروطه لا تقف عند هذا الحد، إنما قد تمتد لتشمل نوع ولون الملابس أيضاً».
حازم علام، مدير سابق لأحد مطاعم الساحل الشمالي الفخمة التي تنتهج السياسة نفسها، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس شخصياتنا وميولنا، فلماذا يستنكر البعض إرسال بروفايله الشخصي على مواقع التواصل إلى إدارة الحجز». ويبرر هذا الاتجاه بقوله، إنه «ليس بدعة كما يردد البعض، بل يتماهى مع ضوابط مشابهة تضعها إدارة المنتجعات الكبرى، ومنها على سبيل المثال إرسال أحد الملاك الـQr cod للسماح لضيوفه بدخول القرى السياحية، فهو نوع من الانتقاء الذي يتناسب معها، وهكذا أيضاً الحال بالنسبة لهذه المطاعم، فمن حق زائريها الاستمتاع بالراحة والخصوصية، لا سيما الفتيات اللواتي يرتدين ملابس البحر في الغالب، إضافة إلى أبناء المشاهير».
ووفق تقرير أصدرته مؤسسة «هينلي آند باتنرز»، العام الحالي، فإن «مصر يوجد بها نحو 17 ألف مواطن مليونير يمتلكون مبلغ مليون دولار على الأقل، إضافة إلى 880 شخصاً يمتلكون أكثر من 10 ملايين دولار».
ولفت التقرير الدولي إلى أنّ «الثروة في مصر تراجعت 23 في المائة في آخر 10 سنوات، وأنّ الثروة الخاصة في أيدي الأغنياء بمصر قُدرت بنحو 307 مليارات دولار، لتأتي بذلك في المرتبة الثانية الأكثر ثراءً في القارة السمراء بعد جنوب أفريقيا (651 مليار دولار) وقبل نيجيريا (228 مليار دولار)».
ومن الساحل إلى مطاعم الأحياء الراقية بالقاهرة، ظهر أيضاً هذا الاتجاه، فلا تستطيع بدء إجراءات الحجز في مطعم شهير بالزمالك، قبل إرسال رابط البروفايل على «فيسبوك» أو «إنستغرام» للتمكن، في حال الموافقة، الاستمتاع بإطلالة لا تفوت على النيل، وتناول طبق من قائمة مُعدة بعناية في تجربة تذوقية مميزة من الدجاج الآسيوي وسمك السلمون فيليه ولحم العجل البارميزان والروبيان كاري المغموس في صلصة حليب جوز الهند مع الأناناس أو ريزوتو مع السلطعون والكالاماري، وقد تزداد السعادة أثناء مصادفة نجوم السينما والتلفزيون ممن يترددون على المكان وتظهر صورهم على الصفحة الرسمية للمطعم.
وفي فندق «ذا غابرييل هوتيل» بقلب حي مصر الجديدة (شرق القاهرة) يوجد مطعم فاخر آخر، يفرض الشرط نفسه مع إرسال صور شخصية أيضاً، والالتزام بـ«ملابس سباحة مناسبة» لكل من ينتوي زيارته، كما أنه لا يقبل بدء إجراءات الحجز حين يحاول أي شخص التواصل معهم قبل أن يعرّفه بقائمة الممنوعات، وتشمل الشخص السينغل أو ارتداء gym wear أو أي غطاء للرأس».
وتعليقاً على هذا الاتجاه، يقول الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس المساعد بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «تلجأ بعض المطاعم إلى اتخاذ بعض الإجراءات الغريبة مع مرتاديها، وبصرف النظر عن الأهداف وراء ذلك، فإنها تتضمن ابتزازاً مادياً لمرتادي المكان من خلال إيهامهم بأنهم طبقة مميزة لمجرد السماح لهم بالدخول وأن عليهم المحافظة على هذا المكسب الوهمي من خلال الموافقة على كل قرارات المطعم، خصوصاً فيما يتعلق بالأسعار ومقابل الخدمة المبالغ فيه».
ويشدد حجازي على أن «مثل هذا الاتجاه يفتح الباب على مصراعيه في مجتمع يعاني من الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع معدلات الفقر أمام ظهور الطبقية مرة أخرى، ومن ثم الوصول للنتيجة الحتمية، وهي العنصرية التي تعطي الحق للبعض بدخول بعض الأماكن وتمنعه عن الآخرين لأسباب طبقية بحتة، وكنتيجة حتمية أيضاً؛ لذلك سوف يسود التمرد والحقد الطبقي؛ وهو ما يهدد أمن المجتمع وسلامته؛ لذلك يجب أن يكون هناك قانون يمنع مثل هذه الممارسات لخطورتها».
في المقابل، تؤكد منّة، أن «المكان رائع ووجهة مفعمة بالمرح والانطلاق والرقي، حيث الاستمتاع بالموسيقى والرقص، وتناول أطباق لذيذة مثل (بان كيك بلو بيري) والمشروبات الطازجة المنعشة في الصباح، وعلى الغداء تتنوع اختياراتنا ما بين المشاوي والمأكولات البحرية والسلطات والأطباق القادمة من مطبخ البحر المتوسط».
مشيرة إلى أن «زيارة أي مطعم فاخر من مطاعم الساحل مكلفة للغاية، فهو يتضمن رسماً لدخوله كما أن أطباقه ومشروباته مغرية للغاية؛ لذلك قد يتكلف الشاب آلافاً عدة من الجنيهات ليقضي ساعات عدة فيه».



«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».