الجيش اللبناني يحيي الذكرى الـ77... «بأي حال عدت يا عيد؟»

أزمة مالية غير مسبوقة تدفع بكثير من جنوده إلى أعمال جانبية ومحاولة الفرار والهجرة

الجيش اللبناني يحيي الذكرى الـ77... «بأي حال عدت يا عيد؟»
TT

الجيش اللبناني يحيي الذكرى الـ77... «بأي حال عدت يا عيد؟»

الجيش اللبناني يحيي الذكرى الـ77... «بأي حال عدت يا عيد؟»

يحيي الجيش اللبناني الاثنين عيده السابع والسبعين باحتفالات تشوبها الغصة نتيجة، ما آلت إليه أوضاع العسكريين جراء الأزمة المالية غير المسبوقة التي يرزح تحتها البلد ككل، مما أفقد رواتبهم قيمتها وأجبرهم على طلب تسريحهم أو الفرار أو ممارسة جزء كبير منهم أعمالاً خارج دوام الخدمة العسكرية لتأمين القوت اليومي لعائلاتهم، ولسان حالهم يقول: بأي حال عدت يا عيد؟».

وتتكئ القيادة العسكرية منذ فترة على المساعدات التي تصلها من كل حدب وصوب لتأمين صمود العناصر بعدما نفضت السلطة السياسية يدها من الموضوع مع اقتراب مرحلة نفاد احتياطات مصرف لبنان.

ويتقاضى الجندي اللبناني راتباً تبلغه قيمته نحو مليون و296 ألف ليرة، مما كان يساوي 864 دولاراً قبل انهيار سعر الصرف، ليصبح اليوم عند مستوى 44 دولاراً على أساس سعر صرف 29 ألفاً للدولار الواحد. ويتصاعد الأجر في أعلى الهرم إلى اللواء ليصبح 8 ملايين و455 ألفاً، أي نحو 291 دولاراً اليوم بعدما كان 5637 دولاراً.

ومنذ نحو شهرين يتقاضى العسكريون راتباً إضافياً وينتظرون مساعدات أخرى تجعل رواتبهم قادرة على إعالة عائلاتهم، أبرزها المبلغ الشهري المقطوع الذي كانت قد أقرته الحكومة وقيمته مليون و200 ألف ليرة لبنانية، أي نحو 42 دولاراً أميركياً لكل عنصر أمني.

ويقول ر. ك (30 عاماً)، وهو جندي في الجيش إنه «رغم المبالغ الإضافية التي يحصل عليها العناصر منذ أشهر فإنها تبقى دون قيمة تذكر، لذلك يسعى كثيرون لتقديم أوراق تسريحهم ويطمحون لمغادرة البلاد». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أنا مثلاً بت أعمل في أحد المطاعم بدوام ليلي وأضطر لأستيقظ صباحاً للتوجه إلى مركز خدمتي ومعظم من أعرفهم داخل المؤسسة يقومون بالمثل وإلا لما كنا تمكننا من الصمود حتى يومنا هذا».

وبات انتقال العناصر إلى مراكز عملهم مشقة كبيرة مع الارتفاع غير المسبوق في سعر البنزين مع انعكس تلقائياً ارتفاعاً كبيراً في تعرفة باصات النقل الخاصة بغياب وسائل النقل العام في لبنان.

ولعل أبرز الإجراءات المتخذة منذ انفجار الأزمة المالية الاقتصادية عام 2019. وهي إجراءات لم تعرفها المؤسسة العسكرية يوماً، هي: التغاضي عن قيام العسكريين بأعمال أخرى خارج دوام عملهم، تقليص أيام وساعات الخدمة للحد الأدنى، زراعة الأراضي المحيطة بالثكنات وتوزيع مردودها على العناصر وعائلاتهم، الموافقة على طلبات تسريح العديد من الضباط والعناصر، وقد وصلت الأمور مؤخراً لحد طلب مساعدات من شركات خاصة لتأمين الغذاء للعناصر.

وارتأت القيادة العسكرية أن تتخذ «77... وما مننكسر» شعاراً لعيد الجيش هذا العام، «للتأكيد أنه رغم كل الصعوبات التي تمر بها المؤسسة فهي كانت وستبقى صامدة»، على حد تعبير مصدر عسكري. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مهام كبيرة ملقاة على عاتق الجيش اليوم في ظل أوضاع صعبة جداً يرزح تحتها، وبخاصة مالياً ومعيشياً، لكن إرادة الصمود والتحدي تبقى هي الأساس، خاصة أننا على يقين أنها شدة وستزول».

وتعوّل القيادة على الحصول على مبالغ مالية من الخارج لدعم العناصر ورفع رواتبهم باعتبار أن كل المساعدات التي تصلها من الدول هي بمعظمها طبية وغذائية، إضافة لمساعدات مالية من لبنانيين مقيمين ومغتربين يتم تخصيص معظمها لتغطية طبابة العسكريين وعائلاتهم.

وأعلنت دولة قطر مطلع شهر يوليو (تموز) الماضي عن مساهمة بقيمة 60 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني. وكشفت معلومات «الشرق الأوسط» أنه يتم وضع الآلية اللازمة لتوزيع هذه الأموال على العناصر. وتُعتبر الولايات المتحدة الأميركية الداعم الأبرز للجيش بالأسلحة والعتاد والتدريبات العسكرية.

ويبلغ عديد الجيش اللبناني 74 ألفاً، وفي عام 2017 اتخذ قرار بوقف التوظيفات في القطاع العام، إلا أنه وبإطار «التوظيفات العشوائية غير القانونية»، التي سبقت الانتخابات النيابية عام 2018 تم توظيف نحو 5 آلاف عنصر أمني معظمهم في المؤسسة العسكرية.

ويُحمّل العميد المتقاعد جورج نادر السلطة السياسية مسؤولية ما وصل إليه حال الجيش، ويقول: «بدل تقديم الدعم للمؤسسة العسكرية في هذه الأزمة رأينا دعماً عشوائياً لمواد كان مصيرها التهريب والسوق السوداء»، منبهاً لخطورة استمرار الوضع على ما هو عليه. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بات راتب العنصر لا يكفي لشراء الخبز لعائلاته، لذلك بات الجميع يبحث عن مصدر دخل آخر، وهو أمر وإن كنا ندرك أنه لا غنى عنه اليوم، إلا أنه خطير إذ يفقد العنصر تركيزه خلال الخدمة العسكرية». وشدد نادر على وجوب «الاستنفار لتأمين صمود الجيش الذي يبقى وحيداً العمود الذي يتكئ عليه الوطن، وإذا ما اهتز هذا العمود عندها يسقط السقف وتكون الكارثة»



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.