بطريقة طهي جذابة وسريعة وأسلوب بسيط، تمكنت الشيف المصرية مي أمين، من تفكيك شيفرة الوجبات السريعة الـ«فاست فود»، من خلال وجبات منزلية تتسم بمسايرة العصر وإرضاء مذاقات الصغار والكبار.
فمن خلال متابعة مي، عبر صفتها على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أو مشاهدة برامجها التلفزيوني «من كل بلد أكلة»، ستدرك أنها تقدم بدائل مهمة أكثر صحية وأنفع للأسرة، فقد سبق وأطلقت مبادرة منذ نحو ثلاثة أعوام «اطبخيها ولا تشتريها».
فمع مي يغوص المشاهد في عالم ساحر من وجبات الدجاج المقلي المقرمش، على طريقة «كنتاكي» مع البطاطس وسلطة كول سلو، والبيتزا المليئة بالخضراوات واللحوم والبرغر بالجبن أو التاكو، وتورتيلا الدجاج، وشطائر الهوت دوغ، والكلوب الساندوتش، ولفائف الباذنجان المحشية.
تؤمن بأن الأم هي الطاهي الأول في حياة أي شيف متمرس
تقول مي لـ«الشرق الأوسط»: «الوجبات السريعة قدمت الحل للأسرة العصرية من حيث الوقت والجهد والمذاق فلجأ إليها الكثيرون، ووصل الأمر إلى أن البعض قد اعتمدها بديلاً للطهي المنزلي بسبب الانشغال الدائم»، مضيفة «للأسف يتغاضون عن أضرارها، مثل ارتفاع الدهون المشبعة والسعرات الحرارية باستخدام مكونات رخيصة كاللحوم عالية الدسم والحبوب المكررة، والسكريات، وبعض الخلطات التي تحتوي على مواد كيماوية ومنكّهات صناعية».
وقالت، أمام هذه الإغراءات، جاءتني فكرة «اطبخيها ولا تشتريها»، متابعة «بدأت برصد قائمة الطعام السريع الجاذبة للأسر، لا سيما الأطفال والشباب وجدت أنها تضم عدداً كبيراً من الأكلات التي تحتوي على المكونات اللذيذة مع الروائح الذكية إلى جانب التنسيق المميز للأطباق، فتساءلت لماذا لا أقدم لجمهوري المتابع لبرنامجي التلفزيوني والسوشيال ميديا طعاماً يشبه الـ(فاست فود) و(كأنه جاء للتو من أحد المطاعم الشهيرة)».
أطباق منزلية التحضير
واستكملت «قررت تقديم وصفات تساعد الأم على إعداد أكل المطاعم، لكن مع الاطمئنان لسلامة وصحة المكونات، بجانب التوفير بالميزانية في ظل موجة الغلاء العالمي».
لم تطلق أمين مبادرتها إلا بعد رحلة خاصة لا يعرف أحد من جمهورها شيئاً عنها، وتروي لحظات منها قائلة «قبل أن أبدأ على أرض الواقع تعلمت خلال تلك الفترة المزيد عن المطبخ وأسراره، وتعمقت أكثر في ثقافات الأكل حول العالم، فالمهمة ليست سهلة، لكن الإصرار كان أكبر».
وتقول، إن مرجعيتها في الطبخ كانت واسعة وطويلة اكتسبتها منذ طفولتها «كنت أراقب أمي في المطبخ أثناء الطهي وحين اكتشفت عشقي له ساعدتني، أستطيع أن أجزم أن الأم تمثل الشيف الأول في حياة كثير من الطهاة حول العالم».
مبادرة مي، لاقت استحساناً على أرض الواقع مع تعطل المطاعم العامين الماضيين بسبب جائحة «كورونا» وتوقف المحال عن العمل، وحتى بعد عودتها فإن البعض تخوف من شراء الطعام من المطاعم، وفي ظل هذه الأجواء كان البديل المثالي هو الأطباق المنزلية التي تعمل على خطف قلوب المتعلقين بالـ«فاست فود» كبداية لتغيير عاداتهم الغذائية الخاطئة، ولإقناع الأمهات بأنه من الممكن تحضير هذه الأطباق في المنزل.
حتى الحلوى من الممكن أن تكون صحية على طريقة مي أمين
وتقول مي «كانت ردود الأفعال كانت أكثر من رائعة»، حيث فوجئت بحجم التفاعل مع منشوراتها، وتدريجياً بدأت الشركات الكبرى والنوادي والمدارس تدعوها لتنظيم ندوات وورش طهي لتقديم نماذج حية لوجباتها السريعة اللذيذة؛ ما دفعها إلى مزيد من التنوع وإلى التفكير في تنظيم كورسات متخصصة.
وتوضح «ولأن أكل المطاعم لا يتوقف على الـ(فاست فود) فقد عملت أيضاً على تقديم الأطباق التقليدية بلمسات عصرية لإرضاء كل الأذواق، ولأثبت أن أي طعام يمكن تحضيره في المنزل بنجاح وبطعم يفوق مهارة المطاعم؛ لذلك أقدم أكلات متعددة بمذاق الفتة والطواجن والرقاق والبط والمحشي على الطريقة المصرية إلى جانب الكبسة السعودية والشباكية المغربية والطنجية المراكشية والقبوط الكويتي».
أطباق تقليدية بلمسة عصرية
وتقدم الشيف مي، لمتابعيها نصائح مرتبطة بتخزين الطعام وطرق تنسيقه، وتردف «يفضل استخدام الخضراوات والفواكه الطازجة، وعدم تخزين اللحوم والأسماك لفترات طويلة، أيضاً أحاول تقديم أفكار مبتكرة للتقديم، فهي مهمة للغاية، على سبيل المثال تقديم الوجبات السريعة للأطفال في صندوق صغير ملون يتم تزويده بورق زبدة ويمكن صنعه بالمنزل أو شراؤه من المتاجر».
وتكشف صاحبة مبادرة «اطبخيها ولا تشتريها»، عن أن زوجها «لا يفضل تناول الطعام في المطاعم، لكن المشكّلة تكمن أحياناً في الأبناء حين يصرون على ذلك، على فترات متباعدة أثناء السفر أو قضاء الإجازة الصيفية، وأثناء ذلك أنشغل لاشعورياً بنقد الأكل أمامهم، وأشرح لهم كيف استعان طهاة المطعم بمواد ضارة مثل نوع الدهون، وإذا كانت أطباقاً غريبة أو غير تقليدية لا يمكن أن يمر اليوم التالي من دون أبدأ في صنعها بطريقتي».