شحنات الوقود إلى الحديدة خلال الهدنة فاقت كميات العام الماضي

مسؤول يمني: نحتاج إلى مضاعفة المساعدات لملايين الأشخاص

منظر عام لميناء الحديدة (إ.ب.أ)
منظر عام لميناء الحديدة (إ.ب.أ)
TT

شحنات الوقود إلى الحديدة خلال الهدنة فاقت كميات العام الماضي

منظر عام لميناء الحديدة (إ.ب.أ)
منظر عام لميناء الحديدة (إ.ب.أ)

كشفت إحصائية لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن أن كمية الوقود التي وصلت إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة ميليشيات الحوثي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة تفوق الكمية التي وصلت إلى الميناء خلال العام المنصرم بالكامل.
جاء ذلك في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية ارتفاع تكاليف استيراد الوقود إلى ملياري دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بنفس المبلغ عن تكاليف استيرادها خلال العام المنتهي.
وأكدت الحكومة اليمنية حاجتها إلى مضاعفة المساعدات الغذائية لملايين الأشخاص خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي، بسبب أزمة الغذاء التي تعصف بالعالم جراء الحرب في أوكرانيا؛ حيث ارتفعت كلفة استيراد القمح خلال العام الحالي إلى ثلاثة مليارات دولار.
ووفق ما جاء في الموجز الأسبوعي الصادر عن مكتب برنامج الغذاء العالمي في اليمن، فإنه ومنذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في الثاني من أبريل (نيسان) وصلت 28 سفينة وقود محملة بـ659 ألف طن من الوقود إلى ميناء الحديدة بنهاية شهر يونيو (حزيران)، أي أكثر من 535 ألف طن دخلت خلال كامل عام 2021، فيما أكد مسؤول حكومي رفيع، لـ«الشرق الأوسط»، أن تكاليف استيراد المشتقات النفطية خلال النصف الأول من هذا العام بلغت 2 مليار دولار فيما كانت هذه التكلفة خلال العام الماضي بالكامل 2.2 مليار دولار.
وأعاد المسؤول أسباب ذلك إلى زيادة أسعار النفط في العالم من 45 دولاراً للبرميل الواحد إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، وقال إن ذلك يشكل عبئاً إضافياً على البنك المركزي الذي يعمل بكل قوة من أجل الحفاظ على استقرار سعر العملة المحلية.
ومع تأكيده حصول اليمن على أسواق جديدة لشراء القمح، بيّن المسؤول اليمني أن البلاد وخلال الأشهر المتبقية من العام الحالي ستكون بحاجة إلى مساعدة الأمم المتحدة في توفير نحو 80‎ في المائة من احتياجات القمح لنحو 19 مليون شخص في مختلف مناطق البلاد.
وأوضح أن تكاليف استيراد هذه المادة شهد ارتفاعاً كبيراً، من 700 مليون دولار عام 2019، إلى مليار و858 مليون دولار خلال عامي 2020 و2021 على التوالي، في حين وصلت فاتورة استيراد السلع الغذائية الأساسية إلى ثلاثة مليارات و23 مليون دولار.
وقال إن الحكومة تبذل مزيداً من الإجراءات الكفيلة بتأمين مصادر وأسواق بديلة لاستيراد الحبوب، وتحسين الإجراءات الرقابية على أسعار السلع الغذائية، وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية، والإغاثة الإنسانية بالتعاون والتنسيق مع الوكالات والمنظمات الإقليمية والدولية.
بدوره، ذكر برنامج الغذاء العالمي أن من المتوقع أن يعاني 19 مليون شخص، أي 60 في المائة من سكان اليمن، من انعدام الأمن الغذائي خلال النصف الثاني من العام الجاري.
ومن هؤلاء يقدر البرنامج أن 161 ألف شخص يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، حيث تتفاقم محدودية الوصول إلى الغذاء بسبب عوامل عدة، بما في ذلك الصراع المستمر، وتأثيرات الدخل المنخفض، وانخفاض قيمة العملة المحلية، وحجم الأسرة الكبير، ومعدلات البطالة المرتفعة وعدم انتظام أو عدم دفع رواتب العديد من موظفي الخدمة المدنية.
ويقول البرنامج إنه ينشط في جميع مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية في جميع محافظات اليمن، ويهدف إلى زيادة استهلاك الغذاء من خلال المساعدة الغذائية الطارئة المنقذة للحياة، وتوسيع تغطية التدخلات الغذائية، وتوفير التغذية المدرسية، ودعم الصمود وسبل العيش، وتقديم خدمات الدعم للمجتمع الأوسع، إذ إن 2.2 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهراً يعانون من سوء التغذية الحاد.
وبموجب بيانات البرنامج، فقد أمدّ خلال الشهر الماضي 6.6 مليون شخص بالمساعدات الغذائية العامة، حيث حصل ما يقرب من 5.7 مليون شخص على مساعدات غذائية عينية، و876 ألف شخص حصلوا على قسائم سلع و6700 شخص حصلوا على تحويلات نقدية، كما واصل إرسال المساعدات الغذائية العامة إلى 13.3 مليون شخص، مع أنه وبسبب نقص التمويل، اضطر في يونيو إلى خفض الحصص الغذائية بشكل أكبر لجميع الفئات المستفيدة، إذ تلقى 5 ملايين شخص أقل من نصف احتياجاتهم اليومية من السعرات الحرارية، بينما سيحصل 8 ملايين شخص على أقل من ثلث احتياجاتهم اليومية من السعرات الحرارية.
البرنامج، في الموجز الأسبوعي، أعاد التأكيد على أنه لا يزال يواجه وضعاً تمويلياً حرجاً، ومع زيادة متطلبات التمويل الصافي من يوليو (تموز) إلى ديسمبر (كانون الأول) إلى 1.55 مليار دولار أميركي، فإن تمويل عملياته في اليمن لم تزد على نسبة 16 في المائة فقط للأشهر الستة المقبلة.
وقال البرنامج إنه يواجه حالياً زيادة في التكاليف التشغيلية الإجمالية بما يقرب من 25 إلى 30 مليون دولار أميركي شهرياً مقارنة بالعام الماضي، بما في ذلك 15 مليون دولار أميركي زيادة تكاليف شراء المواد الغذائية، بسبب النمو المستمر في أسعار الغذاء العالمية التي تفاقمت بسبب الأزمة في أوكرانيا.
ووفق ما أورده البرنامج ونظراً لأنه يعاني من انقطاع في إمدادات السلع الغذائية، فقد أجبره نقص مخزون الغذاء لديه داخل البلاد على إعطاء الأولوية لمواصلة برنامجه لعلاج سوء التغذية، بينما تم تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية، اعتباراً من الشهر الماضي، لضمان تقديم المساعدة إلى الأكثر ضعفاً.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.