مياه العراق... من إدارة الأزمة إلى معالجتها

عراقيون يعبرون أمام نهر ديالى الذي تراجع منسوبه بشكل كبير (أ.ب)
عراقيون يعبرون أمام نهر ديالى الذي تراجع منسوبه بشكل كبير (أ.ب)
TT

مياه العراق... من إدارة الأزمة إلى معالجتها

عراقيون يعبرون أمام نهر ديالى الذي تراجع منسوبه بشكل كبير (أ.ب)
عراقيون يعبرون أمام نهر ديالى الذي تراجع منسوبه بشكل كبير (أ.ب)

بين الحين والآخر يتسيد الوضع المائي أجندة النقاشات على وسائل الإعلام العراقية، ويرتبط ذلك بارتفاع حرارة الطقس وبشدة الندرة المائية في العراق في أوقات الصيف. ولكن من سوء الحظ، فإن النقاشات تخفت مع أول هطول للأمطار أو أي انخفاض ملموس في درجات الحرارة. لذلك، يجري التعاطي الحكومي مع الموضوع لا كمشكلة مستعصية واستراتيجية للبلد، بل كواحدة من المشكلات والتحديات العديدة التي تواجهها البلاد، والتي تشتد ثم تتراجع بعد حين لتبرز محلها مشكلة أخرى ينشغل بها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. مع ذلك، يبقى الملف المائي العراقي مع دول الجوار ساخناً ومقلقاً وذا طابع حساس على المستوى الشعبي منذ عام 2003.
أما على المستوى الرسمي، فغالباً ما تحصل مناورات وتطمينات وأحياناً إجراءات شكلية تهدف إلى التعايش مع الأزمة، وليس إلى البحث الجاد في معالجتها، ولا في إعادة النظر بالتوجهات العامة في مجال تنمية الثروة المائية، إذ إن المطلوب كأولوية هو إيجاد خيارات أو بدائل مستدامة لموارد المياه التقليدية، أقلها لبعض الأغراض، في مقدمتها سد الحاجة إلى مياه شرب آمنة ومستدامة وقليلة الكلفة.
في الفترة التي سبقت عام 2003، كان «نظام البعث» يحتكر التعبير والتمثيل الرسمي والشعبي، ولم يكن للرأي العام العراقي أي دور خارج الحدود التي ترسمها السلطة حسب أهوائها وتحالفاتها. مع الإشارة إلى أن الدول المشتركة بمياه الرافدين، وبرغم حالات الشد والجذب والخلافات العاصفة أحياناً بينها، قد طورت آليات حكومية لمعالجة العلاقة المائية، مثل اللجان الفنية المشتركة وانتظام اجتماعاتها، التي خَلُصتْ في بعض الأحيان إلى اتفاقات خففت من حدة التوتر، مثلما حصل في النصف الثاني من الثمانينات بشأن إطلاق 500 متر مكعب في الثانية على الحدود التركية - السورية، واقتسام العراق وسوريا لتلك الكمية بنسبة 58 في المائة للعراق، مقابل 42 في المائة لسوريا. وكذلك، فإن الاتفاق الثنائي السوري - العراقي حصل رغم الخلافات المستعصية بين جناحي «البعث» الحاكمين في سوريا والعراق.
لم يجر بعد ذلك التاريخ أي اتفاق يقترب من تلك الترتيبات بين البلدان الثلاثة، ولم تستنسخ، كفكرة على الأقل، لتشمل نهر دجلة أو الروافد الأخرى وفق آلية مشابهة. علينا أن لا نغفل أن الدول الثلاث آنذاك، العراق وسوريا وتركيا، كانت متقاربة في مستويات الاستقرار السياسي والقوة العسكرية وإلى حد ما الاقتصادية. وهذا الأمر مطلب أساسي للاتفاق بشأن كثير من القضايا الشائكة، بضمنها المياه المشتركة. على العكس، عندما يكون طرف ما (أو أكثر) ضعيفاً وغير مستقر سياسياً وأمنياً، فمن غير المتوقع التوصل إلى صياغات اتفاق متكافئ بين الأطراف.
على الحدود الشرقية للعراق كان التفاهم مع إيران عقدة كبيرة، ومثّل الموقف الإيراني خطراً على سلطة «البعث» حينها، خصوصاً بعد استقواء شاه إيران وإلغائه اتفاق عام 1937 مع العراق، وانغماسه في التدخل لدعم بعض أطراف المعارضة العراقية وإضعاف سلطة «البعث». نتج عن ذلك التغول الشاهنشاهي توقيع اتفاقية الجزائر لعام 1975 التي أثمرت دحر الحركة المسلحة الكردية مقابل ثلمة هائلة في السيادة العراقية، واستقطاع أراض من شط العرب لصالح إيران.
في الحقبة الزمنية التي سبقت تأسيس الدول الحديثة في منطقتنا لم يكن أمر المياه ذا شأن، وذلك لسببين: الأول هو أن مياه الرافدين دجلة والفرات والروافد كانت تجري بدون عوائق إلى العراق وتصب في الخليج، بعد أن تكون قد غطت مساحات شاسعة من الأرض تصل في مواسم الفيضان إلى أكثر من 5 في المائة من مساحة العراق. وهذا ما جعل العراق أرض الخصب والاستقرار والازدهار، فاستقرت أقوام من مختلف الأعراق في وادي الرافدين، وانبثقت فيه أولى الحضارات الإنسانية. بمعنى آخر كان موقع العراق الجغرافي من الناحية المائية نعمة كبرى.
أما السبب الثاني، فهو أن الأنهار الكبرى وروافدها من المنابع إلى المصبات لم تكن تقطع حدوداً سياسية، إلا ما ندر. مع ذلك حصلت اتفاقيات عظيمة، بمقاييسنا الحالية، للتعاطي مع تلك المياه قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، كما حصل عام 1914 بين العثمانيين والإيرانيين مثلاً، أو في الأعوام التي تلت، إذ حصل الاتفاق التركي - العراقي عام 1946، وهو اتفاق غير مسبوق من حيث الدقة واحترام الحقوق والاستخدامات القائمة والمستقبلية.
في فترة الاستقطابات والتوتر الدولي والحرب الباردة ونزعات السيطرة الشمولية المترافقة مع الهوس الصدامي في الحروب، طورت دول الجوار شبكات السدود والمنشآت الكبرى على منابع النهرين والروافد. أحدث ذلك تغييراً هائلاً في الوضع الطبيعي لها، وأصبح العراق يتلقى نتائج سياسات وأنماط تشغيل لتلك المنشآت لا تتناسب بالضرورة مع مصلحته لأنها تقرر بصورة انفرادية.
لم تكن قرارات بناء المنشآت المائية في تركيا وسوريا وإيران منسقة مع العراق، كما تفترض مبادئ القانون الدولي، وقد أُنشئت في ظل علاقات خصومة وتنافس، فضلاً عن حرب الثماني سنوات مع إيران. خلقت تلك الإجراءات والعلاقات المتوترة وأجواء الحرب وانعدام الثقة واقعاً مائياً محزناً في العراق. فالعراق خرج من مغامرات الحروب والتنافس والاضطهاد السياسي ضعيفاً ومهزوماً ومحتلاً وساحة للنشاط الإرهابي الدولي أمسى معها بكونه «الحلقة الأضعف» في ظرف إقليمي ودولي قاهر.
ومع مرور الوقت وفي الشروط السياسية والاقتصادية والعسكرية السائدة حالياً، تتراجع حظوظ العراق وإمكاناته في حماية حقوقه المائية. لكن الأمر ليس ميؤوساً منه إذا ما أحسنت إدارة الملف. فالعراق كدولة مصب يمكنه تأمين حقوقه عبر السعي لتحقيق شبكة مصالح مع دول المنبع تكون بذاتها دافعاً للعمل من أجل إدارة مشتركة للمياه تقوم على مبادئ الانتفاع المنصف والمعقول، وتجنب الإضرار بالشركاء، والحرص على المصالح الاستراتيجية. فالمعروف أن الدبلوماسية والعلاقات الدولية ليستا لعبة بريئة، ولا يتحقق الإنصاف فيهما تلقائياً، حتى لو كانت الحقوق واضحة شرعاً وقانوناً.
شخصياً أعتقد بضرورة توفر ثلاثة شروط على الأقل، وهي: أن يكون العراق دولة قوية ومتماسكة اقتصادياً واجتماعياً ودبلوماسياً وعسكرياً، ولا يمكن ابتزازها بسهولة، وثانياً أن يكون الموقف التفاوضي سليماً وقائماً على معطياتٍ حقيقية، ويستند على القانون الدولي والمصلحة المشتركة، وثالثا إدارة كفوءة للموارد المائية المتاحة، فلا يستقيم منطق الخصام والصراع على الحقوق المائية، مع الهدر والإهمال وقلة إنتاجية وحدة الأرض أو وحدة المياه.

* وزير الموارد المائية السابق وسفير العراق السابق لدى تركيا


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.