التحالف الدولي يستهدف «داعش» للمرة الأولى في معركته ضدّ معارضة غير كردية

التنظيم يستكمل حصار حلب بالنيابة عن النظام ويقطع طرق الإمداد إلى أحيائها

جندي من «جيش الفتح» يظهر عبر مرآة سيارة في قرية على الطريق الواصل بين حلب واللاذقية عبر محافظة إدلب (روتيرز)
جندي من «جيش الفتح» يظهر عبر مرآة سيارة في قرية على الطريق الواصل بين حلب واللاذقية عبر محافظة إدلب (روتيرز)
TT

التحالف الدولي يستهدف «داعش» للمرة الأولى في معركته ضدّ معارضة غير كردية

جندي من «جيش الفتح» يظهر عبر مرآة سيارة في قرية على الطريق الواصل بين حلب واللاذقية عبر محافظة إدلب (روتيرز)
جندي من «جيش الفتح» يظهر عبر مرآة سيارة في قرية على الطريق الواصل بين حلب واللاذقية عبر محافظة إدلب (روتيرز)

حذرت مصادر محلية في محافظة حلب من تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية السيئة التي يعيشها سكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وخصوصا سكان أحياء مدينة حلب المحررة والبالغ عددهم قرابة نصف مليون نسمة، في ظل استمرار المعارك من جهة واستهداف طيران النظام أحياءهم من جهة أخرى.
وقد سجّل ليل الأحد تنفيذ التحالف الدولي أربع ضربات جوية ضد مواقع «داعش» في شمال سوريا تزامنت للمرة الأولى مع خوض التنظيم اشتباكات ضد فصائل معارضة بينها جبهة النصرة، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، معتبرا أنّ الضربات الجوية تشكل «دعما غير مباشر لحركة أحرار الشام وجبهة النصرة» التي تصنفها واشنطن على قائمة «المنظمات الإرهابية».
وقال المرصد: «نفذت طائرات تابعة للتحالف العربي الدولي بعد منتصف ليل السبت الأحد أربع ضربات استهدفت نقاط تمركز تنظيم داعش في بلدة صوران أعزاز، حيث تدور اشتباكات بين عناصر التنظيم من جهة، وحركة أحرار الشام وفصائل معارضة وجبهة النصرة من جهة أخرى».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها المرة الأولى التي يدعم التحالف الدولي معارضة غير كردية في اشتباكات ضد مقاتلي تنظيم داعش». وتابع قوله إن الضربات تشير إلى وجود «قرار أميركي بمنع تقدم التنظيم من صوران إلى مدينة أعزاز الحدودية مع تركيا».
وكانت غارات التحالف استهدفت أيضا مقرات تابعة لجبهة النصرة كان آخرها في حلب في 20 مايو (أيار)، كما استهدفت مقرا لحركة أحرار الشام في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في شمال غربي سوريا.
وسيطر تنظيم داعش الأسبوع الماضي على بلدة صوران القريبة من مارع والواقعة على طريق إمداد رئيسي للمعارضة من تركيا إلى حلب، بعد اشتباكات عنيفة ضد فصائل معارضة.
وتبعد صوران عن مدينة أعزاز ومعبر باب السلامة الحدودي مع تركيا نحو عشرة كيلومترات.
وكان قد أدى التصعيد الأخير الذي نفذه تنظيم داعش في مناطق سيطرة المعارضة واحتلاله لبعض القرى في الريف الشمالي الشرقي إلى انقطاع طرق المواصلات الحيوية التي كانت تغذي مدينة حلب بالمحروقات والمواد التموينية، والتي تعتبر المتنفس الوحيد الذي يربط المدينة بريفها الشمالي والشمالي الشرقي بعد أن أطبق النظام طوقه على المدينة من جهات الشرق والجنوب والغرب.
وذكر براء أبو صالح مدير مكتب الإغاثة في «مجلس مدينة حلب» لـ«الشرق الأوسط» أن أحياء المدينة وقعت في حالة أشبه بالحصار بعد هجوم تنظيم داعش الأخير وسيطرته على مناطق الحصية والوردية وغرناطة في الريف الشمالي الشرقي، إضافة إلى أن الاشتباكات الحاصلة في منطقة سد الشهباء أدت إلى انقطاع الطريق الواصل إلى مدينة الباب والتي رغم وقوعها تحت سيطرة «داعش» لا تزال المورد الوحيد الذي يغذي حلب بالوقود.
من جهة ثانية كان لسيطرة «داعش» على منطقة أم القرى على طريق إعزاز أن أدى إلى قلة توفر المواد التموينية وارتفاع أسعارها داخل مدينة حلب. وبعدما كان هذا الطريق يؤمن عبور المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية المستوردة من تركيا، أصبح من اللازم المرور من طرق الريف الغربي للوصول إلى أعزاز وهو طريق صعب ومحفوف بكثير من المخاطر.
وأشار المصدر إلى أن التنظيم حقق للنظام خدمة كبيرة جراء احتلاله لتلك المناطق بعدما كان قد عجز الأخير قبل عام ونصف العام عن قطعها، وذلك بعدما قام طيرانه بشكل فاضح بمساندة «داعش» أثناء هجومه والتمهيد الطريق له من خلال قصف مواقع الجيش الحر فيها أثناء الاشتباكات التي دارت بين الطرفين، ما سهل على التنظيم استيلاءه عليها. وتعد الطرق التي استولى عليها التنظيم بمثابة منافذ الإمداد الرئيسية التي تصل حلب مع محيطها الخارجي المحرر من جهة، كما تصل المناطق المحررة بمناطق النظام، والتي تمر بأماكن سيطرة تنظيم داعش من جهة ثانية.
ويعتبر طريق حلب - الباب، بمثابة الطريق التجاري الوحيد الذي يغذي أسواق المدينة بالخضار والفواكه القادمة من الريف الشرقي، وبالتالي فإن انقطاعه سيحرم أسواق أحياء حلب المحررة من الحصول عليها، خصوصا في ظل إغلاق النظام لمنافذ المدينة الواصلة باتجاه الشرق والجنوب والغرب.
وسرعان ما أدى انقطاع طريق الباب إلى زياد سعر مادة المازوت من 17 ألف ليرة ثمنًا للبرميل الواحد إلى 35 ألف ليرة، وهو الأمر الذي أدى إلى توقف شبه تام لقطاع النقل البري الذي يربط المدينة بريفيها الشمالي والشمالي الشرقي، وشكل ذلك حرمانًا لانتقال العمالة والموظفين إلى مناطق عملهم في الريف الشمالي الشرقي وفي مناطق سيطرة النظام.
ويهدد ارتفاع سعر المحروقات بتوقف عمل المخابز داخل أحياء مدينة حلب المحررة كونها تعتمد على مادة المازوت في التشغيل لإنتاج الخبز، في ظل الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي. ويعيش داخل أحياء مدينة حلب المحررة قرابة نصف مليون نسمة من أصل مليون ونصف المليون، وتعتبر هذه الفئة من الأكثر فقرًا ويعتمد معظمها على ما يقدم من المساعدات بلغت أخيرا قرابة 65 ألف سلة غذائية، وفق ما ذكر مدير مكتب الإغاثة في حلب، واختارت تلك العائلات البقاء في المدينة كونها لا تمتلك القدرة على تحمل أعباء السفر والنزوح خارج حلب أو إلى تركيا. وتصل نسبة البطالة بين أوساط تلك الفئة إلى 90 في المائة، ساهم في ازديادها توقف القطاع الصناعي الذي كان يعتبر من أهم موارد الدخل والتشغيل في حلب، إضافة إلى توقف أعمال التجارة، واقتصار المشاريع المتبقية على رؤوس أموال بسيطة لا يمكنها تأمين فرص عمل لغير أصحابها.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.