انفراجة في «أزمة التأشيرات» الجزائرية ـ الفرنسية

بعد عام من ملاسنة «حادة» حول الهجرة

صورة أرشيفية لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة ببروكسل في فبراير الماضي (غيتي)
صورة أرشيفية لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة ببروكسل في فبراير الماضي (غيتي)
TT

انفراجة في «أزمة التأشيرات» الجزائرية ـ الفرنسية

صورة أرشيفية لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة ببروكسل في فبراير الماضي (غيتي)
صورة أرشيفية لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة ببروكسل في فبراير الماضي (غيتي)

تشهد «أزمة التأشيرات» بين الجزائر وفرنسا انفراجاً ملحوظاً، بعد أن وافقت الحكومة الجزائرية على إصدار تصاريح قنصلية للعشرات من مهاجريها الذين صدرت بحقهم قرارات إدارية بالطرد.
جاء ذلك بعد أن قلصت باريس منذ سبتمبر (أيلول) 2021 عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين بنسبة 50 في المائة، بذريعة أن حكومتهم «رفضت التعاون» بشأن ترحيل 8 آلاف مهاجر غير نظامي مقيم بفرنسا. وشملت هذه الإجراءات المغرب وتونس أيضاً.
من جانب الجزائر؛ يرى مراقبون أنه زال التوتر، الذي كان سائداً الخريف الماضي عندما هاجم وزير الداخلية الفرنسي، جيرارد دارمانان، سلطات الجزائر بحدة، قائلاً إنها «ترفض استرجاع رعاياها»، فرد عليه الرئيس عبد المجيد تبون عبر وسائل إعلام محلية بأنه «أطلق كذبة كبيرة» بخصوص عدد المهاجرين الجزائريين السريين المقيمين فوق التراب الفرنسي. وأثار قرار تقليص عدد التأشيرات غضب الجزائر، التي قررت بدورها تخفيض التعاون مع فرنسا في القضايا الأمنية؛ على رأسها محاربة الإرهاب في منطقة المغرب العربي والساحل.
ومما زاد الوضع تعقيداً، تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أكتوبر (تشرين الأول) من السنة نفسها، تساءل فيها عما «إذا كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟». وانتقد النظام الجزائري قائلاً إن «الرئيس تبون رهين نظام متحجر... وعالق في نظام شديد التصلب». وعلى أثر ذلك استدعت الجزائر سفيرها في باريس، احتجاجاً على هذا الموقف الذي ربطه مراقبون بقضية «رفض إصدار التصاريح القنصلية» التي تسمح بتنفيذ قرارات الإبعاد.
وقال وزير الداخلية دارمانان، أول من أمس، في مقابلة مع قناة «بي إف أم تي في» الإخبارية الفرنسية، إن «هناك تقدماً مع الجزائر والمغرب وتونس» في قضية إبعاد المهاجرين المعنيين بالترحيل، مبرزاً «تحقيق نسبة 50 في المائة إضافية من المرحلين مع دول المغرب العربي خلال السدس الأول من 2022»، ومشيراً إلى أن باريس «تفضل الدبلوماسية والحوار لحل هذه المشكلة».
وأضاف المسؤول الفرنسي موضحاً: «أظن أن الموضوع محل تعاون دبلوماسي جيد جداً، كما هو محل تبادل معلومات»، ومقراً أيضاً بأن الحكومة الفرنسية «تتحمل جزءاً من المسؤولية بخصوص الأزمة، التي أثارها المهاجرون غير النظاميين. وأعتقد أننا أخطأنا نحن أيضاً، عندما لم نستطيع تحديد الجنسيات (...) كما أن الضغط عن طريق تخفيض عدد التأشيرات ليس حلاً فعالاً».
في سياق ذلك، أكد دارمانان أن علاقات الصداقة مع هذه البلدان «كفيلة وحدها بحل المشكلة»، معلناً عن «استئناف المحادثات» مع الجزائر والمغرب وتونس، «كما فعلت زميلتي وزيرة الخارجية بشأن ملف المهاجرين المغاربيين، الذين يوجدون في وضع الإبعاد من التراب الفرنسي».
وكانت الجزائر قد أبلغت باريس استحالة تسلم العدد الكبير من رعاياها الذي تطلبه، بحجة أنها ليست متأكدة من أن جميعهم يحملون جنسيتها. كما أثارت الأجهزة الأمنية الجزائرية احتمال أن يكون من بينهم متطرفون. ويبدو أن المهادنة التي ميزت تصريحات دارمانان، مهدت لها مواقف سياسية تبادلها أعلى المسؤولين الجزائريين والفرنسيين. ففي أبريل (نيسان) الماضي هنأ تبون ماكرون بفوزه بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة، ودعاه إلى زيارة الجزائر «من أجل بعث العلاقات»، وخاطبه بـ«فخامة الرئيس» و«صديقي العزيز».
وبمناسبة احتفال الجزائر، في 5 يوليو (تموز) بستينية استقلالها، قالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن المناسبة «تشكل فرصة لرئيس الجمهورية لكي يرسل إلى الرئيس تبون رسالة، يعبر فيها عن تمنياته للشعب الجزائري، ويبدي أمله بمواصلة تعزيز العلاقات القوية أصلاً بين فرنسا والجزائر». ونقل البيان عن ماكرون تأكيده مجدداً في رسالة بعث بها إلى تبون «التزامه بمواصلة عملية الاعتراف بالحقيقة والمصالحة لذاكرتي الشعبين الجزائري والفرنسي». علماً بأن «جراح الذاكرة» تعدّ حجر الزاوية في كل الخلافات بين البلدين.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.