وفد «حوثي» في موسكو.. وتصعيد سياسي وعسكري قبيل «جنيف»

المتمردون يسعون للسيطرة على مأرب النفطية والتوسع قرب مناطق حدودية لاستخدامها «كورقة ضغط» في المشاورات

يمنيون ينتظرون في طابور لملء حاوياتهم البلاستيكية بالماء في صنعاء أمس في ظل صعوبة تزود المنازل بهذه المادة الحيوية (إ.ب.أ)
يمنيون ينتظرون في طابور لملء حاوياتهم البلاستيكية بالماء في صنعاء أمس في ظل صعوبة تزود المنازل بهذه المادة الحيوية (إ.ب.أ)
TT

وفد «حوثي» في موسكو.. وتصعيد سياسي وعسكري قبيل «جنيف»

يمنيون ينتظرون في طابور لملء حاوياتهم البلاستيكية بالماء في صنعاء أمس في ظل صعوبة تزود المنازل بهذه المادة الحيوية (إ.ب.أ)
يمنيون ينتظرون في طابور لملء حاوياتهم البلاستيكية بالماء في صنعاء أمس في ظل صعوبة تزود المنازل بهذه المادة الحيوية (إ.ب.أ)

وسط تطورات ميدانية متصاعدة في جبهات القتال وعلى الحدود اليمنية - السعودية، ومع اقتراب التوصل لاتفاق على موعد انعقاد مشاورات جنيف بشأن الأوضاع في اليمن، يكثف الحوثيون تحركاتهم واتصالاتهم الدبلوماسية في إطار الدائرة الضيقة التي تربطهم بدول محدودة. وفي هذا السياق، غادر وفد حركة «أنصار الله» الحوثية العاصمة العمانية مسقط، باتجاه موسكو، بدعوة من وزارة الخارجية الروسية، بهدف إجراء مباحثات مع المسؤولين الروس.
وبحسب مصادر سياسية في صنعاء فإن المباحثات التي يريد الوفد الحوثي طرقها في موسكو تتركز على التحضيرات الجارية لعقد مشاورات جنيف بين الأطراف اليمنية والدولية برعاية الأمم المتحدة، حيث تعد روسيا ثاني أبرز حليف للحوثيين بعد إيران، وهما الدولتان الوحيدتان اللتان تعترفان بحركة التمرد الحوثية التي انقلبت على الشرعية الدستورية في اليمن في سبتمبر (أيلول) المنصرم.
ويتكون الوفد الحوثي من صالح الصماد رئيس المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، ومحمد عبد السلام الناطق الرسمي باسم الحركة، وشخصين آخرين، وحسب توقعات المصادر السياسية فإن الصماد وعبد السلام سوف يمثلان الحوثيين في مشاورات جنيف.
وتأتي زيارة الوفد الحوثي إلى موسكو بعد أيام من مباحثات أجرتها مسؤولة بارزة في الإدارة الأميركية مع الوفد الحوثي في مسقط، تتعلق بإطلاق سراح عدد من الرهائن الأميركيين، إضافة إلى تطورات الأوضاع في اليمن. وقد خلقت الأنباء المتعلقة بإجراء الحوثيين مباحثات مباشرة مع الأميركيين جملة من التساؤلات بشأن مصداقية جماعة الحوثي في كل ما تطرحه وتعلنه من عداء للولايات المتحدة، عبر شعار «الصرخة» الذي يردده أنصار عبد الملك الحوثي، بشكر مستمر، والذي يدعو بالموت لأميركا، كما أن زيارة الوفد الحوثي إلى موسكو تأتي بعد مباحثات أجراها في مسقط مع عدد من المسؤولين الإيرانيين.
وبالتزامن مع التحركات السياسية، صعد الحوثيون من تحركاتهم العسكرية الميدانية، فإلى جانب محاولاتهم جر القوات السعودية إلى مواجهة برية عبر مهاجمة بعض المناطق السعودية بقوات برية وقصف صاروخي، هناك تصعيد واضح من قبل الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح في عدد من الجبهات لخلق واقع جديد على الأرض. ويرجع المراقبون هذا التصعيد إلى سعي الحوثيين لاستخدامه كورقة ضغط في المشاورات المرتقبة في جنيف، حيث تسعى ميليشيات الحوثي إلى بسط سيطرتها على محافظة مأرب النفطية المهمة في شرق البلاد، إضافة إلى مناطق حدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية في محافظة الجوف، شرقا، وهي المناطق التي سبق أن تمكنت المقاومة الشعبية من دحر تلك الميليشيات منها، الأسبوع الماضي. وفي الوقت الراهن، شن الحوثيون أمس هجوما لاستعادة السيطرة على محافظة الضالع الجنوبية التي دحرت فيها المقاومة الشعبية، الشهر الماضي، الحوثيين وقوات صالح، وباتت محررة منذ الخامس والعشرين من مايو (أيار) الماضي. وقال مصدر محلي موثوق في جنوب اليمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات الحوثية «تسابق الزمن من أجل السيطرة الكاملة على محافظة شبوة التي توجد بها ثروة من النفط والغاز بكميات كبيرة». لكن المصدر أكد أن القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والشرعية، في محافظة شبوة «لم ولن تتوقف عن التصدي لهذه المجاميع الغازية».
كما أكد المصدر أن القوات الموالية تمكنت من استعادة السيطرة على مديريات الصعيد كاملة، وذلك بعد أيام من دخول تلك القوات إلى المنطقة وقيامها بتفجير منازل القيادات الجنوبية البارزة «بصورة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه قوات غازية، وأن الجنوب بالنسبة لها أرض وثروة، أما الإنسان فليذهب إلى التهلكة، فهي تريد أرض وثروة الجنوب فقط»، حسب قول المصدر، الذي أكد أن محافظة شبوة تشهد، منذ نحو 48 ساعة، مواجهات عنيفة بين الطرفين. وفي محافظة مأرب المجاورة، فشل الحوثيون، للشهر الثاني على التوالي، في بسط سيطرتهم على مديرية صرواح ومواقع أخرى تشهد قتالا عنيفا. ورغم مزاعم المتمردين الحوثيين بالسيطرة على بعض مداخل مدينة مأرب القديمة، فإن المصادر القبلية الموالية للشرعية تنفي هذه المعلومات جملة وتفصيلا، وقد وصف المراقبون التصعيد الحوثي بـ«المتخبط».
وفي التطورات الأخرى، نفذ طيران التحالف، أمس، سلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع للميليشيات الحوثية في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للجماعة المتمردة، إضافة إلى غارات استهدفت مواقع في محافظتي حجة وعمران. وقال شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، إن الغارات استهدفت مواقع تجمعات الميليشيات والتي يتم إعدادها لتنفيذ عمليات ضد الأراضي السعودية. وحسب مصادر محلية موثوقة فإن محافظة حجة هي أبرز المناطق التي يستخدم الحوثيون أراضيها لتجميع ميليشياتهم وإرسالهم إلى جبهات القتال شمالا وجنوبا.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.