علاج محتمل لـ«اللوكيميا» يقطع طريق «البروتين السرطاني»

رئيس الفريق البحثي يتوقع إتاحته بسعر منخفض

حسن أولوداغ يحمل عينة من خلايا سرطان الدم  التي عولجت بأدويته التجريبية (جامعة ألبرتا)
حسن أولوداغ يحمل عينة من خلايا سرطان الدم التي عولجت بأدويته التجريبية (جامعة ألبرتا)
TT

علاج محتمل لـ«اللوكيميا» يقطع طريق «البروتين السرطاني»

حسن أولوداغ يحمل عينة من خلايا سرطان الدم  التي عولجت بأدويته التجريبية (جامعة ألبرتا)
حسن أولوداغ يحمل عينة من خلايا سرطان الدم التي عولجت بأدويته التجريبية (جامعة ألبرتا)

عندما يكون هناك خلل جيني، يطلق الجين جزيئا مرسالا معيبا يسمى «الرنا المرسال»، مما يؤدي إلى إنتاج بروتين سرطاني، وتعتمد الأدوية التقليدية على التنبؤ بالبنية ثلاثية الأبعاد للبروتين لتقوم تثبيطه، وهي آلية «تشبه التخمين تقريبا»، وهذا من شأنه أن يخلق فجوة بين العقار والخلل الجيني.
وفي محاولة لسد هذه الفجوة التي تهدد فعالية الدواء، يلاحق حسن أولوداغ من قسم الهندسة الكيميائية وهندسة المواد بجامعة ألبرتا الكندية، جزيء «الرنا المرسال» المعيب عبر علاج ثوري جديد لأحد أنواع سرطانات الدم «اللوكيميا»، حيث يصبح من السهل القضاء على السرطان عندما يعرف الباحثون تسلسل خلل الجين.
ويقول أولوداغ في تقرير نشره 21 يوليو (تموز) الموقع الرسمي لجامعة ألبرتا: «أخبرني بالعيب الجيني وسأخبرك بـ(الرنا المرسال)، وبدون الذهاب إلى البروتين، يمكننا في الواقع ابتكار طريقة لتدمير هذا الرنا المرسال، وبمجرد إيقافه، لا يوجد بروتين يسير على الطريق».
ولتعطيل (الرنال المرسال) المعيب، يستخدم أولوداغ الأحماض النووية المتداخلة التي تعرف باسم (siRNA)، حيث ابتكر مع فريقه البحثي جسيمات نانوية تجمع وتحمل هذه الأحماض النووية المتداخلة إلى خلايا الدم، واستغرقت هندسة تلك الجسيمات حوالي 12 عاما تقريبا، كما يؤكد أولوداغ.
ويعتز أولوداغ بكون فريقه البحثي هو المجموعة الرائدة في العالم التي تسعى إلى هذا التطبيق الخاص بتلك التقنية في العلاج الجيني، والتي تبدو في رأيه أكثر أمانا من التقنيات التي تستخدم الناقل الفيروسي.
ويقول في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ندرك أن الفيروسات فعّالة في توصيل الرسائل الجينية، ولكن لا يمكن التنبؤ بها في جسم الإنسان وقد شوهدت وفيات المرضى في الماضي بالفيروسات، لذلك نعتقد أن تقنيتنا أكثر أمانا».
ويضيف: «النتائج المنشورة حول استخدام تلك التقنية في التجارب الحيوانية، تعطي أملاً كبيراً أننا أمام تقنية ثورية وواعدة، يمكنها إبطاء أو تأخير نمو الأورام».
وتعد تلك التقنية بنجاح كبير في علاج «ابيضاض الدم النخاعي الحاد»، وهو النوع الأكثر شيوعا من سرطانات الدم، والذي يحدث غالبا بسبب عيوب جينية.
ومع ذلك، بالنسبة لسرطانات الدم التي لا تسببها عيوب جينية، فإن إمكانية استخدام تلك التقنية تظل «سؤالاً مفتوحاً»، فلا نعرف حتى الآن ما إذا كان من الممكن استخدام التكنولوجيا معها أم لا، كما يؤكد أولوداغ.
ويبحث أولوداغ حاليا عن موارد لتطوير العلاج من أجل الاختبارات السريرية، مشيرا إلى أنه يتوقع أن تبدأ التجارب السريرية في غضون ثلاث سنوات اعتمادا على النجاح في توفير التمويل.
ويقول: «تقديرنا هو أن 30 مريضا سينضمون إلى التجارب الأولية، ومن المتوقع أن تظهر دراسات أكبر تضم حوالي 200 مريض لإثبات فعالية العلاج، ولدينا الخطط الموضوعة لهذا الغرض، ولكن لا زلنا في انتظار التمويل المفقود».
ويضيف أنه «إذا سارت الأمور على ما يرام، فإن 5 سنوات هي وقت واقعي لخروج هذا الدواء للأسواق، وسيتم تحديد التكلفة من خلال الاعتبارات الاقتصادية، ويوجد الآن بعض الأدوية بتكلفة 100 ألف (دولار أميركي) أو ما شابه ذلك في السوق، ولكن خططنا أن يكون سعر علاجنا أقل من هذا، ولكن يصعب تقديره في هذه المرحلة».



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».