هل يجوز أن يختلف الناس في تعريف القيَم الإنسانيّة الأساسيّة؟

يختبر الزوار النقل الآني في غرفة النقل الفضائي في منطقة المستقبل داخل متحف التكنولوجيا في كوريا الجنوبية الذي يوفر إحساساً واقعياً بالمستقبل من خلال Meta - verse وHigh Media Technology وغيرها من التقنيات المختلفة (إ.ب.أ)
يختبر الزوار النقل الآني في غرفة النقل الفضائي في منطقة المستقبل داخل متحف التكنولوجيا في كوريا الجنوبية الذي يوفر إحساساً واقعياً بالمستقبل من خلال Meta - verse وHigh Media Technology وغيرها من التقنيات المختلفة (إ.ب.أ)
TT

هل يجوز أن يختلف الناس في تعريف القيَم الإنسانيّة الأساسيّة؟

يختبر الزوار النقل الآني في غرفة النقل الفضائي في منطقة المستقبل داخل متحف التكنولوجيا في كوريا الجنوبية الذي يوفر إحساساً واقعياً بالمستقبل من خلال Meta - verse وHigh Media Technology وغيرها من التقنيات المختلفة (إ.ب.أ)
يختبر الزوار النقل الآني في غرفة النقل الفضائي في منطقة المستقبل داخل متحف التكنولوجيا في كوريا الجنوبية الذي يوفر إحساساً واقعياً بالمستقبل من خلال Meta - verse وHigh Media Technology وغيرها من التقنيات المختلفة (إ.ب.أ)

أفضى تطوّرُ الأوضاع الثقافيّة في كلّ مجتمع من المجتمعات الإنسانيّة إلى بناء أنظومة متناسقة متماسكة من القيَم الإنسانيّة الهادية. تأثّر هذا البناءُ بالاختبارات الوجدانيّة واللغويّة السائدة في بيئة كلِّ قوم على حدة. فصاغ الناسُ قيَمهم بالاستناد إلى قدرات التعبير المتوافرة في مخزونهم الثقافي الذاتيّ، وباستخدام المقولات الناشطة في مناقشاتهم ومطارحاتهم ومداولاتهم. فإذا بهم يستحسنون هذه القيمة أو تلك، ويؤثِرونها على غيرها من القيَم. لذلك؛ لا بدّ من التأمّل الهادئ في طبيعة هذه القيَم التي يستلهمها الناسُ في مجتمعاتهم من أجل تدبّر وجودهم، وتنشيط معيّتهم، وتفعيل مشاركتهم في بناء الحضارة الإنسانيّة الكونيّة المتضامنة المتكافلة المتكاملة.
من أخطر الأسئلة التي يطرحها العقلُ الاستفسارُ عن الاختلاف في تصوّر القيَم الإنسانيّة الهادية هذه. فهل يجوز لنا أن نفترض التباين الحادّ في القيَم المستخرجة أصلاً من المبادئ الثلاثة الأساسيّة العظمى التي يستند إليها الوجود الإنسانيّ، عنيتُ بها صون الحياة، ورعاية كرامة الإنسان، والائتمار بالعقل؟ ذكرتُ إذاً الحياة والكرامة والعقل. ولكن يمكننا أيضاً أن نذكر قيَماً أخرى أساسيّة أثبتتها شرعة حقوق الإنسان العالميّة، كالحرّيّة والمساواة والأخوّة والعدالة. من المغني أن نضيف أيضاً القيَم التراثيّة التي تعتصم بها بعضُ المجتمعات الإنسانيّة منذ أقدم العصور، كالمروءة والعزّة والشرف والأمانة والصدق والصبر والجود، أو القيَم الدِّينيّة التي رافقت صحوة الوعي الروحيّ، كالتغافر والتناصح والتضامن والتسالم والاستضافة والمجّانيّة والتضحية والإخلاء الذاتي والرجاء.
أعلم أنّ بضعاً من هذه القيَم ينتسب في الوقت عينه إلى مرتبة الفضائل أو يتعلّق في جوهره بانفعالات النفس. غير أنّ الناس يَعدّون الصبرَ قيمة، والجودَ قيمة، والرجاء قيمة. في جميع الأحوال، تنبسط أمامنا ضمّة من المعاني الإنسانيّة السامية التي ينادي بها الناسُ في جميع المجتمعات، ولكنّهم يحمّلونها من المضامين التعريفيّة والمحتويات التفصيليّة والمنطويات التطبيقيّة ما يجعلها تتحوّل إلى قضايا إشكاليّة خلافيّة. يعنيني في هذا المقام أن أستجلي ثلاثة ضروب من الإشكال الحضاريّ.
يرتبط الإشكال الحضاري الأوّل بمسألة ترتيب مقام الصدارة بين القيَم. شهيرة العبارة اللاتينيّة التي كانت منتشرة في القرون الوسطى تَعدِل بين قيَم الواحد والحقّ والصلاح (unum verum et bonum convertuntur). ذلك بأنّ فلاسفة القرون الوسطى كانوا يَعدّون الحقّ واحداً، والصلاح واحداً، والواحدَ حقّاً وصلاحاً. لا شكّ في أنّ التصوّر المِتافيزيائي هذا يصون وحدة العمارة الفكريّة ويرعى سلامة المنطق الفكريّ. غير أنّه يختزل الأمور اختزالاً خطيراً، ويُبطل تنوّع التجلّيات التي تستثيرها هذه القيَم في تضاعيف التاريخ. ومع أنّ الفلاسفة الإغريق الأقدمين كانوا يُصرّون على الوحدة العضويّة الناشطة بين قيَم الحقّ والخير والجمال، وينسبون إلى الصلاح الإلهي المطلق (agathon) الصدارة العظمى والقدرة التأصيليّة المبدئيّة، إلّا أنّ اختبارات الشعوب الثقافيّة ما برحت تناقض التصوّر التناغمي هذا. فهل يكون الصلاح قيمة القيَم؟ أم الحقّ؟ أم الجمال؟ أم الواحد الذي منه تنبثق الكثرة التاريخيّة؟ إذا أجمع قومٌ من الأقوام على منح الجمال مقامَ الصدارة، فهل نقبل بإخضاع الحقّ والصلاح لمقتضيات قيمة الجمال؟ والجمال، ما هو؟ أفيكون في الشكل أم في المضمون؟ هل يتجلّى في الحسّيّات والماديات والجسديّات؟ أم في الذهنيّات والنفسيّات والمعنويّات والروحيّات؟
يقودنا هذا الاستفسار إلى الإشكال الحضاري الثاني الذي ينشأ من التعارض بين القيَم الإنسانيّة في المجتمع الواحد والثقافة الواحدة. ذلك بأنّ كلّ فرد من أفراد المجتمع الواحد يتنازعه ضربان من الأمانة: الأمانة على قيَم المجتمع السائدة، والأمانة على قيَمه الذاتيّة أو الخلاصات الاقتناعيّة التي استصفاها من قيَم مجتمعه. فالمعلّم يستهدي بقيمة الإنارة المعرفيّة وقيمة الإنصاف بين تلاميذه. والممرّضة تستنير بقيمة الصحّة الجسديّة والنفسيّة وقيمة الانتعاش الكياني في حياة المريض. أمّا مدير المؤسّسة الإنتاجيّة، فيسترشد بقيَم الفعّاليّة والإتقانيّة والتنافسيّة، في حين أنّ المسؤول السياسي يعتصم بقيَم الحنكة والدهاء والحكمة التدبيريّة التي تصون مصلحة الدولة العليا وتؤازره في استدامة ولايته السياسيّة. قد ينشأ أيضاً تعارض حادٌّ بين قيَم الحرّيّة الفرديّة، وقيَم الواجب الوطني والانضباط المسلكي في الفضاء العموميّ. غالباً ما تتفاقم خطورة التعارض بين القيَم في حقل أخلاقيّات الحياة؛ إذ يرتبك الناس في الاختيار بين حلولٍ طبية لا تستطيع أن تشفي كلّ أسقام المريض الجسديّة والعقليّة والنفسيّة والروحيّة. من الواضح أنّ قيَم الاقتناع الذاتي غيرُ قيَم المسؤوليّة العامّة، وأنّ تنوّع المقامات الوجوديّة يستتلي تعارضاً بين القيَم المطلوبة.
أمّا الإشكال الحضاري الثالث، فينجم عن التعارض الأخطر بين القيَم التي تستند إليها الشعوبُ في تقرير مصيرها، وهداية وجودها، وتدبير حياتها. صحيحٌ أنّ جميع الأمم تحترم حرّيّة الإنسان. غير أنّ بعض المجتمعات تُخضِع الحرّيّة الفرديّة لقيَم التراث المنعقدة على صون العزّة القوميّة، وتعزيز التضامن الاجتماعيّ، والحفاظ على روح التراث الجماعيّ. صحيحٌ أنّ جميع الأمم تؤيّد قيمة المساواة. بيد أنّ بعض الثقافات ما انفكّت تسوّغ الاختلاف الأونطولوجي الطبيعي الشرعي القانوني الحقوقي بين الرجل والمرأة، بين السلالة الحاكمة والشعب المحكوم، بين الإنسان الأبيض والإنسان الأسود، بين المؤمن وغير المؤمن، بين الإكليرُس الكهنوتي الإفتائي من حاملي شعلة الألوهة المقدّسين وطبقة الناس العَلمانيين العاديين، بين الإنسان السليم الجسد والإنسان المعوّق، بين المعترفين بالاختلاف الجنسي والمقرّين بالمثليّة الجنسيّة.
وعلاوة على الاختلافات الخطيرة هذه بين تصوّرات القيَم في الحضارات الإنسانيّة المتنوّعة، تنشط ضروبٌ أخرى من التباينات تصيب جوهر المعنى الإنساني بحدّ ذاته. ذلك بأنّ الناس لا يُجمعون كلُّهم على تعريفٍ واحدٍ يتناولون به حقيقة الإنسان. من صلب الاختلاف الأنثروبولوجي هذا ينبثق التباينُ في تصوّر القيَم الإنسانيّة الهادية. فهل يكون الإنسانُ كائناً بيولوجيّاً يقتصر بنيانُ وعيه على تفاعل الخلايا العصبيّة في دماغه؟ أم يكون كائناً روحيّاً يتجاوز مجرّد النشاط الذهني ليتصوّر الحياة تصوّراً يجعله ينتسب إلى عالم غيبي خالدٍ يدخل فيه من بعد أن يكدح كدحه ويحجّ حجّه على هذه الفانية؟
خلاصة القول في هذا كلّه، أنّ المجتمعات الإنسانيّة لا يمكنها الاكتفاء بمجرّد الإجماع اللفظي على ضمّة من القيَم الإنسانيّة المنسلخة عن محاضنها الثقافيّة، وحقولها الوجدانيّة، وبيئاتها الاختباريّة، ومكتنفاتها التاريخيّة. يجب علينا أن ندرك اليوم أنّ جميع الثقافات لا ترضى بما سنَّه الشاطبي في كتاب «الموافقات» حين رسم أنّ ملَل الأرض اتفقت على ضروريّات الشريعة الخمس: الدِّين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل. يعلم الجميع أنّ الحضارة الغربيّة لا تضع الدِّين في مقام الضروريّات الوجوديّة المطلقة. وبعضهم يعتقد أنّها كفّت عن أن تضع النسل في مقام الصدارة؛ إذ إنّ حياة الإنسان الغربي لا تتحقّق بنسله، بل بفعل كيانه الذاتي وإنجازه الشخصيّ.
أقول هذا لأبيّن أنّ شرط الشروط في تسالم الحضارات الإقبالُ الرصينُ على البحث في مضامين القيَم التي تُجمع عليها، من غير أن تجرؤ فتنظر في التباينات الإدراكيّة الخطيرة التي تجعل الوفاق عسيراً في معترك التضامن الإنساني الكونيّ. يطيب لي أن أستحضر في هذا المقام ما استخرجه الفيلسوفُ اللبناني رُنِه حبشي (1915 - 2003) من جليل المقارنة بين القيَم التوحيديّة الثلاث؛ إذ نسب إلى اليهوديّة قيمة الاستضافة، وإلى المسيحيّة قيمة المجّانيّة، وإلى الإسلام قيمة التسامح، ودعا الجميع إلى بناء أنظومة أخلاقيّة متوسّطيّة تضمّ تراثات البحر الأبيض المتوسّط في مؤتلفٍ روحي يعزّز التكامليّة الروحيّة بين هذه القيَم.
أعتقد أنّ مثل هذه الاجتهادات تساعدنا في استصفاء الجواهر الأخلاقيّة التي تزخر بها الحضارات الإنسانيّة. غير أنّها لا تُعفينا من مسؤوليّة النظر الحصيف في رسم الحدود الفاصلة بين الغنى التأويلي والإفراغ التعطيليّ. أعني بذلك أنّ قيمة الحرّيّة، على سبيل المثال، تغتني بتأويلات الحضارات الإنسانيّة واختبارات شعوبها. غير أنّها توشك أن تفقد قوامَها التطلّبي ومضمونَها الاستنهاضي إذا ما أصرّت بعضُ المجتمعات على إفراغها من أصالة منطوياتها اللصيقة بجوهرها. ومن ثمّ، ليس لنا أن نخشى الاختلاف في فهم القيَم الإنسانيّة، ولكن يجب علينا أن نصون طاقة الارتقاء في هذه القيَم؛ إذ إنّ كلّ ما يرتقي في مختبر الوجود الإنساني يعود فيلتقي في قمم الكمال المنشود.

- مفكر لبناني



غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.