«طوارئ عائلية» لـ«معركة الثانوية العامة» في مصر

توتر مشوب بآمال المستقبل.. وضغوط هائلة على كاهل الأسر

«طوارئ عائلية» لـ«معركة الثانوية العامة» في مصر
TT

«طوارئ عائلية» لـ«معركة الثانوية العامة» في مصر

«طوارئ عائلية» لـ«معركة الثانوية العامة» في مصر

بعد أن كانت تسمى «الكفاءة» و«البكالوريا» في زمن مضى، أخذت مرحلة الثانوية العامة في التعليم ما قبل الجامعي في مصر مسميات أخرى، كـ«الكابوس» و«المعركة» و«عنق الزجاجة» و«تسونامي المدارس»، وذلك على خلفية ما تشكله من عبء على كاهل الطلاب والأسر المصرية.
ورغم محاولة الأسر لتوفير أكبر قدر من الهدوء لأبنائها من أجل خوض الامتحانات، فإنه هدوء عاصف، حيث يزداد توتر الأسر والطلاب، استعدادا لاجتياز اختبار مصيري يحدد خطوط مستقبلهم بشكل كلي.
وبعد رحلة طويلة وشاقة من المذاكرة، تقول فرح يوسف، التي تنتظر امتحانها في النظام الحديث غدا (الأحد): «ندرس طوال العام بلا أي هوادة، حيث تمر علينا 10 أشهر كاملة من التوتر والضغط والقلق والجري وراء الدروس والمراجعات المرهقة»، آملة في أن يكلل مشوارها بالنجاح.
وأمام لجان الامتحانات التي بدأت اليوم، وقف مئات من الطلبة يراجعون معا إجاباتهم في اللغة العربية.. وقال البعض إن الامتحان كان جيدا، فيما شكا آخرون من صعوبات في بعض الجزئيات.
وتقول نور بكر، والدة طالبة بالمرحلة الثانوية: «بدأت ابنتي دروسها منذ أغسطس (آب) الماضي.. وبعيدا عن التوتر والقلق، تضاف الكلفة المادية الكبيرة للدروس الخصوصية، وهي إرهاق ضخم لميزانية الأسرة المصرية. كما أن الطلاب يعانون من ثقل المناهج التعليمية التي تضيفها الحكومة كل عام.. وولي الأمر في كل الأحوال مرغم على الاتجاه إلى المراكز الخاصة والدروس»، متابعة: «كل ذلك بالإضافة إلى العبء القادم، ما بعد النتيجة، من مكتب التنسيق.. الذي تأتي اختياراته في الغالب عكس طموحات وأحلام الطلاب».
وحول تحول «الثانوية العامة» إلى أزمة، تقول د. منى أبو طيرة، أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس، لـ«الشرق الأوسط»: «من المهم جدا أن نهتم ونبحث عن سبب اتجاه الأسر والمجتمع إلى تضخيم مرحلة الثانوية العامة في حياتهم.. فيرجع هذا إلى أن الإنسان مصاب بالقلق بطبعه، ويبحث دائما عن مهرب لمشاكله اليومية والاجتماعية.. فمن تعاني من مشاكل مع زوجها تصب اهتمامها على أبنائها، كما يرى البعض أن فرض حالات التضييق والاهتمام المبالغ فيه بالطلاب يبرهن على درجة اهتمامهم بأبنائهم بالشكل الصحيح، لكنهم بذلك يؤثرون على صحتهم النفسية وعلى شخصيتهم التي تتبلور في تلك المرحلة».
ومع اليوم الأول لبدء موسم جديد من ماراثون الثانوية العامة في مصر، تظهر تحديات جديدة تواجهها وزارة التعليم والحكومة المصرية، منها التصدي لظاهرة الغش الإلكتروني، الذي انتشر بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح الإنترنت جزءا من حياة المصريين، لا يستطيعون الاستغناء عنه.
وفي هذا العام، أعلنت الوزارة أنه سيتم إحباط أي محاولة للغش الإلكتروني، وأن هناك إجراءات تأمينية مشددة. وفي بيان صحافي صادر عن وزارة التربية والتعليم، اليوم، صرح رئيس امتحانات الثانوية العامة محمد سعد بأن غرفة العمليات الرئيسية تلقت بلاغا من رئيس لجنة مدرسة المنفلوطي الثانوية بنين التابعة لإدارة منفلوط بمديرية أسيوط التعليمية، بأنه تم ضبط أحد الطلاب ومعه تليفون جوال، وتم عمل محضر إثبات حالة وإحالة الموضوع للشؤون القانونية.
ويبلغ عدد طلاب النظام القديم الذين يؤدون امتحانات الثانوية العامة لهذا العام الدراسي 3 آلاف و849 طالبا وطالبة على مستوى الجمهورية، بينما تنطلق امتحانات طلاب النظام الحديث الذين يبلغ عددهم 531800، منهم 247833 طالبا و283967 طالبة، غدا الأحد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.