كلام عن تزايد «تمايز» المواقف بين عون وحزب الله حول ملفات إقليمية ومحلية

مراقبون يتوقعون امتحانًا جديًا للتحالف بعد تمديد خدمة بصبوص دون تعيين قائد للجيش

كلام عن تزايد «تمايز» المواقف بين عون وحزب الله حول ملفات إقليمية ومحلية
TT

كلام عن تزايد «تمايز» المواقف بين عون وحزب الله حول ملفات إقليمية ومحلية

كلام عن تزايد «تمايز» المواقف بين عون وحزب الله حول ملفات إقليمية ومحلية

تتحدث جهات في العاصمة اللبنانية بيروت عن تزايد الملفات المحلية والإقليمية التي تبرز التمايز في المواقف بين حزب الله اللبناني وحليفه المسيحي الأقوى «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه النائب ميشال عون، وتقول إن من شأن هذا طرح أسئلة عن «متانة» التحالف، وحجم الاختلاف بين الحليفين، على ضوء حسابات كل منهما المرتبطة بالداخل اللبناني أو بالوضع الإقليمي «المعقد».
مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التكتل النيابي المنبثق عنه «تكتل التغيير والإصلاح» والنائب عون «يتخذ مواقفه بمعزل عن مواقف آخرين يتحالف معهم». وبينما يرصد مراقبون «ليونة» في مواقف حزب الله في بعض الملفات الداخلية اللبنانية التي يعارضها حليفه عون، بدءًا من التمديد للمجلس النيابي، ووصولاً إلى معارضته الفراغ في قيادة الجيش اللبناني، فإنه يظهر متشدّدًا في الدفاع عن انخراطه في معركة جرود عرسال الحدودية مع سوريا، ومعارضته (أي الحزب) للحرب ضد الحوثيين في اليمن. والشأن الأخير يعتبره عون، على الأقل لفظيًا، خارج أولويات تياره؛ نظرًا لعدم تأثير معارك اليمن على الواقع اللبناني. كذلك يكرر أعضاء تيار عون تأكيدهم على إيكال مهمة القتال في جرود عرسال للجيش اللبناني، بتفويض من الحكومة.
ورغم تصعيد فريق عون لجهة عدم تعيين قائد جديد للجيش اللبناني، اكتفى حزب الله أمس على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله، بدعوة الحكومة إلى أن «تتحمل مسؤولياتها القانونية والدستورية في التعاطي مع الاستحقاقات وأن تأخذ الأمور بمسؤولية وجدية عالية»، آملاً «التعاطي بجدية مع كل الملفات الحكومية»، وقائلاً: «من ينتظر متغيرات ما لاتخاذ القرارات فهو مشتبه ويراهن على سراب ويضيع من رصيد البلد». وتزامن في هذا الأسبوع طرح ملفي معركة جرود عرسال التي بدأها حزب الله الثلاثاء الماضي، وتجديد خدمة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، من دون التوصل إلى اتفاق حول تعيين صهر عون العميد شامل روكز قائدًا للجيش.
أيضا لاحظ المراقبون أن الحزب لم يواكب عون في موقفه التصعيدي من الحكومة. وفي هذا الإطار، أعرب المحلل والكاتب السياسي جورج علم عن اعتقاده في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الطرفين أمام امتحان جدي حول تعيين العميد روكز بعد الموقف الصريح لوزير الخارجية جبران باسيل القاضي برفضهم، بشكل قاطع ونهائي، أي قرار يصدر عن مجلس الوزراء قبل حلّ مسألة التعيينات». ويرى علم أن «عون ينتظر ويراقب موقف الحزب من تمديد خدمة بصبوص لسنتين»، ليبني على الشيء مقتضاه. وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مدد أمس خدمة اللواء إبراهيم بصبوص - وهو مسلم سنّي - مديرا عاما لقوى الأمن الداخلي لمدة سنتين. كما كلّف العمداء فادي الهاشم وجوزيف الحلو وجوزيف كلاس لقيادة الدرك والقوى السيارة ومفتشية قوى الأمن.
ووصف علم العلاقة بين تيار عون وحزب الله بأنها «مرحلة بين مرتبتي التمايز وتوزيع الأدوار وفق التقارب والتنافر من الملفات الداخلية المطروحة»، أهمها التعيينات الأمنية في الحكومة اللبنانية، ومعالجة بعض الملفات المطروحة على بساط البحث في الحكومة، مشيرًا إلى «أننا شهدنا بعض الاجتماعات لإجلاء الالتباس بالمواقف بين التيار والحزب، وكان آخرها لقاء عون مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حيث كان جلاء الالتباس أهم موجبات اللقاء».
ويشير علم إلى «التمايز على الملفات الإقليمية بين الطرفين»، قائلاً إن «عون لم يكن متحمسًا كفاية لانخراط حزب الله في سوريا، وإن لم يجاهر بموقف معارض لذلك التدخل». وحسب علم، يأتي التمايز في المواقف في لحظات ارتباك في المشهد الميداني في سوريا الذي يهدد بتغييرات في الصيغة السياسية في لبنان. ثم إن التحالف، على ضوء تلك المستجدات، «يُترك لعامل الوقت الذي إما أن ينهي العلاقة أو يحفزها من جديد، خصوصا أن المسألة متصلة بالمستجدات التي تطرأ على خريطة الكيانات في المنطقة، من الكيان السوري إلى الكيان اللبناني»، وأشار إلى أنه «إذا كانت هناك توجهات نحو الكانتونات (المعازل الطائفية)، فإن ذلك لا يساعد على استمرار التحالف» بين حزب الله وعون. ويتابع علم أن «تغييرات المنطقة وما تتركه من تبعات على الكيان اللبناني والصيغة، قد تخلف (لامركزية سياسية موسعة)، ما يعني أن ضرورات التحالف لن تكون مجدية للطرفين، كما هي الآن»، لأن قوة لبنان في صيغته، في حين ولد الفراغ الرئاسي أزمة حكم، ولدت بدورها أزمة نظام.
ويوضح علم: «إننا أمام تغيير في خرائط في سايكس - بيكو وسيطال ذلك لبنان»، ذلك أنه «إذا استطاع الحزب السيطرة على القلمون وسط محاولات خلق كانتونات في سوريا، ستكون امتدادًا لمناطق نفوذه من البقاع والجنوب، وسيكون ذلك أول تغيير لسايكس - بيكو بين لبنان وسوريا».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».