يتمثل الخبر السار بالنسبة لليدز يونايتد في أن أزمة الإصابات التي عصفت بالفريق الموسم الماضي تعني أنه قد خاض بالفعل الكثير من المباريات بدون أبرز نجومه، لكن النبأ السيئ هو أن الفريق سيلعب بدون هؤلاء النجوم بشكل دائم، بعد أن بات كالفين فيليبس ورافينيا في طريقهما للرحيل عن النادي، ليتحول ليدز يونايتد فجأة - ولكن بشكل متوقع - من ناد صاعد يسعى للوصول إلى مستويات أعلى إلى ناد يرى أفضل لاعبيه وهم يرحلون، وهو ما يجعله في حاجة ملحة إلى إعادة البناء. إن وصول الأمور إلى هذه النقطة يعكس الخلل الواضح في الهياكل المالية لكرة القدم الحديثة.
يبلغ فيليبس من العمر 26 عاماً، وقد ولد في ليدز، وهو من مشجعي ليدز، وانضم إلى أكاديمية الناشئين بالنادي عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، ولعب أكثر من 200 مباراة في الدوري مع النادي. ومع ذلك، لا يمكن حتى لأكثر مشجعي ليدز يونايتد تعصباً أن يلومه بشكل واقعي لقبوله عرضاً من مانشستر سيتي، حيث سيحصل اللاعب على الكثير من الأموال وسيلعب تحت قيادة واحد من أعظم المديرين الفنيين في تاريخ اللعبة على الإطلاق وهو جوسيب غوارديولا، وسينافس على الحصول على أقوى وأعرق البطولات والألقاب.
في الواقع، كان ليدز يونايتد محظوظاً لأنه تمكن من الاحتفاظ بخدمات هذا اللاعب لهذه الفترة الطويلة.
يبلغ رافينيا من العمر 25 عاماً. وعندما كان في التاسعة عشرة من عمره، انتقل من البرازيل إلى البرتغال، وانتقل من فيتوريا غيماريش إلى سبورتينغ لشبونة قبل أن يرحل إلى رين ومنه إلى ليدز يونايتد في عام 2020، وبالنسبة له، كان كل نادٍ عبارة عن خطوة على سلم الصعود في مسيرته الكروية.
ولا أنتقص من قدر ليدز يونايتد عندما أقول إنه منذ لحظة وصول رافينيا إلى ليدز يونايتد وهو يبدو في مكان يمكن أن ينطلق منه إلى مكان أكبر بعد ذلك. وإذا افترضنا أن تشيلسي هو المكان الذي سينتهي به الأمر بالانتقال إليه، فهذا تقدم واضح في مسيرته الكروية، وربما يكون هذا هو الأهم بالنسبة له لأنه في العام الذي سيشهد إقامة كأس العالم، نظراً لأن اللاعب يريد أن يضمن مكاناً له في التشكيلة الأساسية لمنتخب البرازيل في المونديال.
مرة أخرى، ينبغي التأكيد على أن هذه هي الطريقة التي تسير بها كرة القدم الحديثة، وهو ما يعني أن هذا طبيعي تماماً، ولا يعني أن أي طرف قد خذل أو خان الطرف الآخر.
وهذه هي مشكلة الأندية التي تقع في مستوى أقل من مستوى النخبة، فسواء كنت تقوم بتطوير لاعبيك أو تتعاقد مع مواهب واعدة من مكان آخر، فإن شخصاً أكثر ثراءً سيأتي في نهاية المطاف ويتعاقد مع هؤلاء اللاعبين (ما فعله ليدز يونايتد مع رين، بالطبع، لا يختلف عما يفعله تشيلسي ومانشستر سيتي مع ليدز الآن).
ومع ذلك، تدير بعض الأندية مثل هذه المراحل الانتقالية بشكل أفضل من غيرها. لقد تحدث مالكو ليدز يونايتد علناً عن ليستر سيتي كنموذج على ذلك، حيث يشتري ليستر سيتي اللاعبين الصغار في السن ويطور قدراتهم ثم يبيعهم، ويبدأ هذه الدورة مرة أخرى من جديد. إنها الطريقة الوحيدة إلى حد كبير التي ينبغي على الأندية الالتزام بها إذا لم تكن من بين أندية النخبة. وتُظهر الفوضى الموجودة في إيفرتون حالياً ما يمكن أن يحدث للأندية التي لا تقبل بمكانتها كنقطة انطلاق للاعبين إلى الأندية الأكبر، وتحاول التنافس على التعاقد مع اللاعبين الموهوبين الجاهزين الذين لم يحققوا النجاح المتوقع في أماكن أخرى: بعض الخبرة يمكن أن تساعد، ويجب إجراء بعض الصفقات، لكن هذه السياسة مكلفة ومحكوم عليها بالفشل في نهاية المطاف بالنسبة للأندية البعيدة عن أندية النخبة.
علاوة على ذلك، تستطيع الأندية الغنية تحمل تداعيات أي خطأ قد ترتكبه في هذا الصدد، وخير مثال على ذلك مانشستر يونايتد، الذي لم يكن يفعل شيئاً تقريباً سوى ارتكاب الأخطاء على مدار العقد الماضي، لكنه ما زال منافساً دائماً على المراكز الأربعة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. ويمكن لنادٍ مثل تشيلسي أيضاً أن ينفق 100 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو، وعندما لا تسير الأمور على ما يرام فإنه يستغني عنه على سبيل الإعارة بمقابل مادي هزيل بدون أن يكون لذلك أي عواقب حقيقية على ميزانية النادي.
وفي المقابل، إذا غامر نادٍ مثل ليستر سيتي وتعاقد مع لاعب بمقابل مادي كبير، ولم ينجح هذا اللاعب في تقديم المستويات المتوقعة منه، فستكون العواقب وخيمة: ربما يتعين على النادي التخلص من أحد اللاعبين مبكراً قبل أن يصل إلى قمة عطائه الكروي وقبل أن يكون له بديل؛ وربما لا يستطيع بعد ذلك تحمل تكلفة إيجاد بديل للاعب الذي خطط لبيعه، وهو الأمر الذي تكون له تداعيات غير مباشرة في المواسم المستقبلية.
ربما يكون من الأفضل بالنسبة لليدز أن يتخلى عن واحد من هذين اللاعبين هذا الصيف، ثم التخلي عن اللاعب الآخر في الصيف المقبل، لكن يجب أن ينتهي به الأمر بالحصول على مقابل مادي يصل لنحو 110 ملايين جنيه إسترليني مقابل بيع هذين اللاعبين، وهو ما يعد فرصة للنادي لاستخدام هذا المقابل المادي في التعاقد مع لاعبين جدد وتجديد دماء الفريق، لكن الأمر لا يزال محفوفاً بالمخاطر. لقد استخدم ليفربول المقابل المادي من بيع فيليب كوتينيو إلى برشلونة للتعاقد مع فيرجيل فان دايك وأليسون بيكر، وبالتالي أصبح المستفيد الأكبر من صفقة انتقال نيمار القياسية من برشلونة إلى باريس سان جيرمان. لكن في المقابل، استخدم توتنهام المقابل المادي الضخم من بيع غاريث بيل إلى ريال مدريد في التعاقد مع سبعة لاعبين جدد، لكنهم لم يقدموا المستويات المتوقعة، باستثناء كريستيان إريكسن.
ومع ذلك، فإن تعاقد ليفربول مع لاعبين من الطراز العالمي حققا نجاحاً كبيراً، وتعاقد توتنهام مع سبعة لاعبين لم يحققوا النجاح المأمول، لا يعنيان أن هناك أي درس عام يمكن استخلاصه في كيفية إنفاق المكاسب المفاجئة، خصوصاً أن ليفربول وتوتنهام كانا في مستويات مختلفة وفي مراحل مختلفة من تطورهما.
وحتى لو تمكن ليدز يونايتد من العثور على لاعبين موهوبين وتعاقد معهما مقابل ما يقرب من 50 مليون جنيه إسترليني، فمن المحتمل أن يغادرا في غضون عام أو عامين أيضاً، وهو ما سيعيد النادي إلى الوضع نفسه الذي هو عليه الآن. لكن الأولوية بالنسبة لليدز يونايتد لا تتمثل في تدعيم صفوف الفريق بلاعبين جيدين فحسب، ولكن في زيادة قائمة الفريق أيضاً للحد من المشاكل التي واجهها عندما أصيب عدد من لاعبيه خلال الموسم الماضي.
لقد تعاقد ليدز يونايتد بالفعل مع لاعب خط الوسط المهاجم برندن آرونسون، والظهير الأيمن راسموس كريستنسن من ريد بول سالزبورغ مقابل مبلغ إجمالي قدره 41 مليون جنيه إسترليني.
كان ليدز يونايتد يسعى منذ فترة طويلة للتعاقد مع آرونسون، بينما لعب كريستنسن تحت قيادة جيسي مارش في سالزبورغ لمدة عامين قبل انتقال المدير الفني إلى لايبزيغ. ومع ذلك، يجب التأكيد على أنه لا شيء مضمون عندما ينتقل اللاعبون إلى أندية جديدة، لكن يبدو أن هذين اللاعبين يناسبان تماماً الطريقة التي يلعب بها ليدز يونايتد. لقد ضم ليدز يونايتد لاعب خط الوسط الإسباني مارك روكا، البالغ من العمر 25 عاماً، من بايرن ميونيخ مقابل 10 ملايين جنيه إسترليني. قد تنجح هذه الصفقة وقد لا تنجح، لكنها تتناسب مع فكرة التعاقد مع لاعبين بسعر زهيد نسبياً مع وجود مساحة للتطور والتحسن بمرور الوقت.
من المؤكد أن رحيل رافينيا سيترك فراغاً واضحاً في الناحية الهجومية. وتشير تقارير إلى اهتمام ليدز يونايتد بالتعاقد مع المهاجم البلجيكي تشارلز دي كيتليري، البالغ من العمر 21 عاماً، من كلوب بروج، ومن المحتمل أيضاً أن يتعاقد النادي مع مهاجم آخر يجيد اللعب على الأطراف.
سيعتمد كل شيء على الأفراد، لكن الطريقة التي يفكر بها ليدز يونايتد في التعاقدات الجديدة تبدو واعدة. ومع ذلك، لا يمكن ضمان نجاح أي صفقة على الإطلاق. لقد تم إجبار ليدز يونايتد، كما هو معتاد مع الأندية الأخرى في مكانته نفسها، على الدخول في سلسلة من المغامرات، وهو ما يعني أنه رغم أن النادي نفسه لم يرتكب أي خطأ حقيقي من جانبه، فإنه سيدخل الموسم الجديد وسط حالة من الشك وعدم اليقين، وسيواجه ضغوطاً شديدة.
ليدز يونايتد بين صقل المغمورين وبيعهم «نجوماً»... دوامة لا مفر منها
حصوله على مكاسب كبيرة من صفقتي فيليبس ورافينيا لا يمنحه أي ضمانات للنجاح
ليدز يونايتد بين صقل المغمورين وبيعهم «نجوماً»... دوامة لا مفر منها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة