مهرجان كرة القدم... عندما يشارك ملبورن ليظهر كبار أوروبا بشكل رائع

المباريات الاستعراضية تحقق أرباحاً مالية... لكن ما القيمة التي تقدمها للعبة المحلية؟

من المواجهة التي جمعت مانشستر يونايتد وكريستال بالاس في أستراليا (أ.ب)
من المواجهة التي جمعت مانشستر يونايتد وكريستال بالاس في أستراليا (أ.ب)
TT

مهرجان كرة القدم... عندما يشارك ملبورن ليظهر كبار أوروبا بشكل رائع

من المواجهة التي جمعت مانشستر يونايتد وكريستال بالاس في أستراليا (أ.ب)
من المواجهة التي جمعت مانشستر يونايتد وكريستال بالاس في أستراليا (أ.ب)

إذا كنت واحداً من نحو 75 ألف مشجع في ملعب «ملبورن للكريكيت» مساء الجمعة الماضي، لمشاهدة المباراة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على ملبورن فيكتوري الأسترالي بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، فقد تشعر بأن التجربة رائعة ومتكاملة، ربما باستثناء رؤية النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي يرغب في الرحيل عن مانشستر يونايتد.
وربما ما زاد الأمر إثارة هو أن نجم مانشستر يونايتد السابق لويس ناني قد شارك في أول مباراة له مع فريقه الجديد ملبورن فيكتوري كبديل. لكن بالنسبة للعبة كرة القدم في أستراليا، هل حققت هذه المباراة أي أهداف؟! وطالما أن هناك رغبة لا تتوقف في منح الأموال للأندية الأوروبية من أجل اللعب هناك، فإن مثل هذه المباريات الاستعراضية لن تختفي في أي وقت قريب.
لكن طالما استمرت هذه المباريات، فسوف يستمر الجدل حول قيمتها والهدف منها.
وينبع جزء من الإحباط من حقيقة أن الفريق المحلي يشارك في مثل هذه المباريات لهدف واحد فقط؛ وهو أن يجعل الفريق الأوروبي العملاق الزائر يبدو جيداً! ويتم دائماً استبعاد الفريق المحلي من أي تسويق، ويتم بذل قليل جداً من الجهد (إن وجد أي جهد من الأساس) للمشاركة والتفاعل عندما يكون الفريق الزائر في أستراليا، وبالتالي يكون الفريق المضيف عبارة عن مجرد عرض جانبي أو هامشي، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وفي نظر المنتقدين والمتشككين، فإن هذا يحط من قدر المنافسة المحلية ويعزز بشكل أكبر وجهة النظر واسعة النطاق بين أولئك الذين يحتمل أن يشتروا تذاكر المباريات من أن الدوري الأسترالي الممتاز لا يستحق المتابعة والمشاهدة. ومع ذلك، سيقول المتفائلون إن هذه المباريات تعد فرصة رائعة للفريق المحلي والدوري المحلي ككل لكسب مزيد من المشجعين والمتابعين.

مشجعون يساندون لاعبي المان يونايتد من مدرجات ملعب الكريكيت في ملبورن (أ.ف.ب)

وتجب الإشارة إلى أن فريق ملبورن فيكتوري ليس غريباً على مثل هذه المباريات الاستعراضية رفيعة المستوى. فمن يستطيع أن ينسى المباراة التي لعبها الفريق ضد ليفربول في عام 2013، وترديد جماهير ليفربول لأغنيتها الشهيرة «لن تسير وحدك أبداً»؟ بل وتمكن ملبورن فيكتوري من الفوز على يوفنتوس الإيطالي بركلات الترجيح في عام 2016 بكأس الأبطال الدولية التي لم تستمر طويلاً.
لكن طوال ذلك الوقت، ظل الدوري الأسترالي الممتاز يعاني من حالة ركود إلى حد كبير، بل وتراجع مستواه أكثر خلال السنوات الأخيرة، كما تراجع اهتمام وسائل الإعلام بهذه المسابقة بشكل كبير. لذا فإن السؤال المطروح مرة أخرى هو: بصرف النظر عن مزيد من الأموال التي تمنح للأندية التي لا تحتاج إليها، ما الهدف من مثل هذه المباريات؟
بصفة إجمالية، تقام سبع مباريات في أستراليا فيما تطلق عليه القناة العاشرة وخدمة «باراماونت بلس» اسم «مهرجان الشتاء لكرة القدم»، الذي انطلق بالمباراة التي فاز فيها ليدز يونايتد على بريسبان رور بهدفين مقابل هدف وحيد. ويمكن أن يرتفع عدد هذه المباريات إلى 8 إذا أضفنا مباراة برشلونة أمام نجوم الدوري الأسترالي الممتاز في سيدني، التي أقيمت في مايو (أيار) الماضي.
من المؤكد أن دافعي الضرائب سيتساءلون عن الأموال التي دُفعت لإحضار برشلونة ومانشستر يونايتد وكريستال بالاس وليدز يونايتد وأستون فيلا إلى أستراليا. يبدو أن الحكومات تتهافت على تنظيم مثل هذه المباريات، وبالتالي لا عجب عندما تعلن حكومة ولاية فيكتوريا أن ما يصل إلى 40 في المائة من حاملي تذاكر مباراة مانشستر يونايتد جاءوا من خارج فيكتوريا.
من الواضح أن هذه المباريات تحقق أرباحاً مالية كبيرة لحكومات الولايات بقدر ما تحقق أرباحاً للأندية الأوروبية المشاركة، لكن السؤال الآن هو: كم من هذه الأموال يُعاد استثماره في كرة القدم؟
وفي رياضة تعاني من قلة الاستثمار في المرافق، لا سيما في ولاية كوينزلاند، حيث تبدو الحكومة مصممة على تطوير مرافق كل الرياضات الأخرى باستثناء كرة القدم، هل يمكننا أن نتخيل ما يمكن تحقيقه إذا استثمرت الحكومات تلك الأموال في تطوير الرياضة داخل المجتمعات التي انتخبت لخدمتها؟
في الحقيقة، لا تعد هذه المشكلة فريدة من نوعها بالنسبة لأستراليا. لطالما كان يُنظر إلى شرق وجنوب شرقي آسيا على أنهما أرض خصبة لنسخة كرة القدم الاستعمارية. لذا، فإن قدوم مانشستر يونايتد وليفربول وتوتنهام وباريس سان جيرمان وأندية النخبة الأوروبية الأخرى لزيارة هذا الجزء من العالم، الذي يحظى فيه الدوري الإنجليزي الممتاز بشعبية طاغية في كل مكان، سيؤدي إلى اختناق الدوريات المحلية التي تكافح من أجل جذب حتى جزء بسيط من الاهتمام نفسه.
ويمكن أن تكون المواعيد أيضاً مشكلة، بالشكل الذي عبر عنه اللاعب الدولي الكوري لي سونغ وو، نجم لا ماسيا السابق، الذي انتقد توقيت زيارة توتنهام إلى سيول للعب مع فريق يضم نجوم الدوري الكوري.
وقال لي سونغ وو لوسائل إعلام محلية: «المباراة ضد توتنهام هي بالطبع مباراة جيدة وفرصة جيدة، وستكون فرصة جيدة للجماهير لمشاهدة المباراة بين توتنهام وفريق نجوم الدوري الكوري في كوريا. لكن بالنسبة للاعبين، فإن الجدول الزمني مخيب للآمال. اللاعبون (في الدوري الكوري) يلعبون في أصعب الظروف بالوقت الحالي. وكان من الأفضل لو ناقشنا موعد إقامة المباراة مسبقاً وتعاملنا مع الأمر بشكل جيد. سيستفيد الدوري الكوري من الناحية المالية، لكن اللاعبين سيعانون».
وحضر 60 ألف متفرج لمشاهدة هذه المباراة الممتعة التي انتهت بفوز توتنهام 6 - 3، والتي شهدت إحراز هدفين من البطل المحلي سون هيونغ مين، وعاد الجميع إلى المنازل سعداء. لكن في بلد مثل أستراليا حيث يبلغ متوسط عدد الحضور الجماهيري في الدوري المحلي أقل من 5 آلاف متفرج، فإن السؤال يتعلق بما إذا كانت هذه المباريات تضر اللعبة المحلية أكثر مما تنفعها.


مقالات ذات صلة

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

رياضة عالمية من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

أسفرت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2026، التي سحبت في زيورخ بسويسرا، الجمعة، عن مواجهة جديدة بين إنجلترا وصربيا.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
رياضة عالمية الجماهير الصربية تسببت في عقوبات من «يويفا» (رويترز)

«يويفا» يعاقب صربيا بسبب سوء سلوك مشجعيها

قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، الجمعة، معاقبة الاتحاد الصربي للعبة، بسبب تصرفات عنصرية من قبل المشجعين في مباراتين ببطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية فولر في حديث مع مدرب المنتخب الألماني ناغلسمان (الشرق الأوسط)

ألمانيا تستضيف إيطاليا في دورتموند بدوري الأمم

أعلن الاتحاد الألماني، في بيان، أن مدينة دورتموند سوف تستضيف مباراة منتخب ألمانيا ضد ضيفه الإيطالي، في إياب دور الثمانية لبطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
رياضة عالمية جمال موسيالا (أ.ف.ب)

موسيالا أفضل لاعب في المنتخب الألماني لهذا العام

اختير جمال موسيالا، لاعب وسط فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم، اليوم الخميس، أفضلَ لاعب في منتخب ألمانيا للرجال لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (د.ب.أ)

«يويفا»: الأدوار النهائية ستقام في بلد الفائز بين ألمانيا وإيطاليا 

من المقرر أن تقام الأدوار النهائية لبطولة دوري أمم أوروبا لكرة القدم في ألمانيا أو إيطاليا، حسبما أفادت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».