جنرالات إسرائيليون يخالفون نتنياهو ويرحبون باتفاق للدول العظمى مع إيران

في عز صخب المقاطعة.. البيت الأبيض يستقبل الجنود الإسرائيليين الذين كشفوا جرائم الاحتلال

جنرالات إسرائيليون يخالفون نتنياهو ويرحبون باتفاق للدول العظمى مع إيران
TT

جنرالات إسرائيليون يخالفون نتنياهو ويرحبون باتفاق للدول العظمى مع إيران

جنرالات إسرائيليون يخالفون نتنياهو ويرحبون باتفاق للدول العظمى مع إيران

في الوقت الذي ينشغل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مواجهة حملة المقاطعة الدولية لإسرائيل بسبب سياستها لتثبيت الاحتلال وتوسيع الاستيطان، تلقى ضربة من كبار جنرالاته، الذين خالفوه الرأي في الموضوع النووي الإيراني وأعربوا عن الترحيب الحذر بالاتفاق الدولي المرتقب مع إيران. وقالوا: إن هذا الاتفاق قد يحد من أنشطة برنامج إيران النووي.
ونقل عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية عن ضابط كبير في الجيش لم يكشف عن اسمه قوله إن الاتفاق سيوفر رؤية واضحة عن الاتجاه الذي سيسير فيه برنامج إيران النووي إذا ما تم التوصل إليه قبل انتهاء مهلة 30 يونيو (حزيران). وقال الضابط الإسرائيلي إن الإجراءات التي تسعى إليها القوى العالمية حاليا مثل زيادة التفتيش الدولي على المنشآت النووية الإيرانية وتقليص عمليات تخصيب اليورانيوم «تسمح بالافتراض بأنه خلال فترة السنوات القادمة سيصبح هذا الخطر في تراجع». وأكد مصدر عسكري إسرائيلي صحة التصريحات مشيرا إلى أنها تعكس الأفكار المتداولة على أعلى المستويات في القوات المسلحة الإسرائيلية، والتي تتناقض بشكل حاد مع مواقف نتنياهو الذي يدير حملة شعواء ضد إبرام الاتفاق النووي.
ويذكر أن أقطاب حكومة نتنياهو يواجهون حملة مقاطعة شديدة في العالم، بسبب السياسة الإسرائيلية التي تسعى لتخليد الاحتلال وتوسيع حملات الاستيطان والتهويد في القدس والضفة الغربية وهضبة الجولان. ومع أن شركة «أورنج» الفرنسية تراجعت عن تهديدها قطع علاقاتها مع شريكتها الإسرائيلية «بارتنر»، فإن هناك قلقا من تصاعد حملة المقاطعة للجامعات ومن مواقف الدول الأوروبية.
وفي يوم أمس، كشف عن ضربة أخرى وجهتها الإدارة الأميركية، حيث إن مسؤولين أميركيين في البيت الأبيض، اجتمعوا هذا الأسبوع، للمرة الأولى، مع ممثلي منظمة «يكسرون الصمت»، وهم جنود إسرائيليون يجمعون شهادات من زملائهم حول خروقات جيش الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية. وعلم أن اللقاء جرى بعد عدة أيام من محاولة وزارة الخارجية الإسرائيلية منع تنظيم معرض صور لهذه المنظمة في زيوريخ في سويسرا. وعلم أن رئيس «الصندوق للسلام في الشرق الأوسط» في واشنطن، مات داس، هو الذي نظم لقاء ممثلي منظمة «يكسرون الصمت» مع مسؤولين من المجلس للأمن القومي في البيت الأبيض.
ومع أن اللقاء لم يتم في البيت الأبيض، وإنما في مكاتب منظمة غير حكومية أميركية في واشنطن، إلا أن مجرد عقده يشكل ضربة لحكومة إسرائيل وأحزابها اليمينية التي تعتبر هؤلاء الجنود «خونة يناصرون أعداء إسرائيل عليها». وإضافة لذلك فإن ممثل «يكسرون الصمت» أجرى لقاء منفصلا في وزارة الخارجية في واشنطن مع مسؤولين في دائرة حقوق الإنسان. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن داس قوله إنه عرض خلال اللقاء مع المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية التقرير الجديد للمنظمة حول الحرب على قطاع غزة في الصيف الماضي. وأضاف أن ممثلي الإدارة الأميركية أبدوا اهتماما كبيرا بالشهادات التي جمعت، ووجهوا أسئلة كثيرة عن عملية اختيار الشهود وجمع الشهادات وفحص الحقائق. وقال داس إن التقرير قدم للإدارة الأميركية معلومات كثيرة حول ما حصل خلال الحرب العدوانية، وخاصة بكل ما يتصل بتعليمات إطلاق النار. ونقلت الصحيفة عن داس قوله أيضا إن «حقيقة لقاء منظمة يكسرون الصمت مع مسؤولين في البيت الأبيض والخارجية الأميركية تثبت أن الإدارة الأميركية تفتح الأبواب أمام المنظمة، بما يتماشى مع تصريحات الرئيس باراك أوباما مؤخرا». وقال أيضا إن «القيم المشتركة التي يجب أن تكون بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والرغبة في تحسين المجتمع الذي نعيش فيه، دليل على أن واشنطن تقر بأن الحديث عن مجموعة طلائعيين إسرائيليين يحاولون تحسين مجتمعهم».
من جهتها أكدت الخارجية الأميركية أن ممثلي دائرة الديمقراطية وحقوق الإنسان اجتمعوا مع ممثلي الجمعية الإسرائيلية «يكسرون الصمت»، مشيرة إلى أن الخارجية تعقد اجتماعات بشكل دائم مع مجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدني والمنظمات السياسية من الدول في كافة أنحاء العالم.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.