نيجيرفان بارزاني: سنلجأ إلى طريقة أخرى إذا استمرت بغداد في عدم الإيفاء بالتزاماتها

رئيس حكومة إقليم كردستان أكد التزامهم بكل الاتفاقيات مع الحكومة الاتحادية

نيجيرفان بارزاني («الشرق الأوسط»)
نيجيرفان بارزاني («الشرق الأوسط»)
TT

نيجيرفان بارزاني: سنلجأ إلى طريقة أخرى إذا استمرت بغداد في عدم الإيفاء بالتزاماتها

نيجيرفان بارزاني («الشرق الأوسط»)
نيجيرفان بارزاني («الشرق الأوسط»)

أعلنت حكومة إقليم كردستان أمس أنها ستضطر إلى اللجوء إلى خيارات أخرى إذا استمرت الحكومة الاتحادية في عدم الالتزام بالاتفاقية المبرمة بين الجانبين وعدم إرسالها ميزانية الإقليم بشكل كامل، في حين كشف نائب كردي في مجلس النواب العراقي أن الرئيس العراقي فؤاد معصوم سيحمل الأسبوع المقبل رسالة من رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى رئيس الإقليم مسعود بارزاني للتوصل إلى حل بين الجانبين.
وقال نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، في اجتماع مع مجلس محافظة دهوك أمس: «حكومة إقليم كردستان ترغب في حل كل المشكلات النفطية مع الحكومة الاتحادية عن طريق الحوار والتفاهم»، مشددا بالقول إن «حكومة الإقليم ملتزمة تماما بتنفيذ الاتفاقية التي أبرمتها مع بغداد، وهي ستواصل هذا الالتزام، ونتمنى أن تلتزم بغداد أيضا بها، وترسل مستحقات الإقليم المالية بحسب الاتفاقية التي أصبحت جزءا من قانون الموازنة العامة للعراق لعام 2015 الحالي»، مضيفا بالقول: «إذا استمرت بغداد في عدم الإيفاء بالتزاماتها في الاتفاقية ولم ترسل مستحقات الإقليم المالية بالشكل المطلوب، فحينها ستضطر حكومة الإقليم إلى التفكير بطريقة أخرى للحل».
وتزامنا مع تصريحات رئيس حكومة إقليم كردستان، كشف النائب الكردي في مجلس النواب العراقي، عرفات كريم، أن الرئيس العراقي فؤاد معصوم سيلتقي رئيس الإقليم مسعود بارزاني الأسبوع المقبل حاملا معه رسالة من رئيس الوزراء حيدر العبادي، حول المشكلات النفطية بين الجانبين، وقال كريم لـ«الشرق الأوسط» إنه «بحسب معلوماتنا سيزور الرئيس العراقي فؤاد معصوم رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الأسبوع المقبل في أربيل، لبحث تطورات العلاقة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية. ويحمل معصوم معه رسالة من العبادي للإقليم، حول مشكلات النفط بين الجانبين وميزانية الإقليم»، مبينا أن العبادي لا يريد أن تكون لكردستان استقلالية كاملة في عملية بيعها للنفط، وهناك تخوف داخل التحالف الشيعي من احتمال اتخاذ الإقليم قرار بيع النفط بشكل مستقل.
وعن دور رسالة العبادي في ثني الإقليم عن قرار بيع النفط بشكل مستقل مستقبلا، أكد كريم: «إذا كانت الرسالة التي يحملها معصوم من بغداد رسالة واضحة من الحكومة الاتحادية تؤكد فيها أنها سترسل ميزانية الإقليم بشكل كامل، ففي المقابل الإقليم لا يريد افتعال أي مشكلة، ويريد التوصل إلى حل لكل المشكلات بين الجانبين».
وعن نية الإقليم تصدير نفطه بشكل مستقل إذا استمرت الحكومة الاتحادية في عدم الالتزام بالاتفاقية، أكد كريم: «إذا استمرت بغداد على سياستها الحالية، فبلا شك سنبيع نفطنا بشكل مستقل»، مشيرا إلى أن شركات النفط العالمية تتنافس على شراء نفط الإقليم لجودته العالية.
من جهته، أكد فلاح مصطفى، رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان العراق، أن «حكومة إقليم كردستان التزمت بكل الاتفاقيات التي أبرمت مع الحكومة الاتحادية، لكن بغداد لم تفِ بأي تعهد أو اتفاق أجرته مع أربيل»، مشيرا إلى أن «إقليم كردستان صدر من نفطه أكثر من الكمية التي اتفق عليها مع بغداد، والأموال عادت إلى خزينة الدولة، لكن حكومة الإقليم لن تتسلم حصتها حسب اتفاق الميزانية التي تم تمريرها في البرلمان بناء على اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم».
ووصف مصطفى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وضع الإقليم بـ«الصعب»، حيث «هناك أزمة في توزيع رواتب الموظفين وقوات البيشمركة، وعجز كبير في ميزانية الإقليم، وهذا أثر على مشاريع استراتيجية وعلى الخدمات وعلى برامج الحكومة».
وكان بارزاني قد افتتح ملعب زاخو الدولي في قضاء زاخو التابع لمحافظة دهوك والمحادد لتركيا، وقال في حفل الافتتاح: «إن هذا الملعب يعتبر جزءًا من النجاحات التي حققها الشعب الكردي، الذي عاهد نفسه على النجاح، وأن يواصل التقدم والاستمرار في هذه المسيرة». كما اجتمع على مدى ثلاثة أيام مع محافظ دهوك ومسؤولي الوحدات الإدارية والمؤسسات الحكومية في حدود المحافظة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.