رحيل الوزير الأنيق.. الذي ابتلعته ديكتاتورية صدّام

وفاة طارق عزيز الذي ترك الصحافة وتوزر خارجية العراق

رحيل الوزير الأنيق.. الذي ابتلعته ديكتاتورية صدّام
TT

رحيل الوزير الأنيق.. الذي ابتلعته ديكتاتورية صدّام

رحيل الوزير الأنيق.. الذي ابتلعته ديكتاتورية صدّام

طارق عزيز الاسم الذي أطلقه عليه الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بدلا من اسمه الحقيقي طوبيا ميخائيل. تقلّد مناصب عدّة من وزير الخارجية إلى نائب رئيس مجلس الوزراء، وكان مستشارًا مقربّا من صدام لعقود.
في بداية التسعينات لمع اسمه، خصوصا مع توليه وزارة الخارجية إبان حرب الخليج الثانية عام 1991، إذ أصبح المتحدث الرسمي باسم الحكومة. ساعدته لغته الإنجليزية على الظهور باستمرار في وسائل الإعلام الغربية، فذاع صيته وكان يُعتبر صوت النظام العراقي المعتدل. وزار وقتها عواصم عالمية عدّة لحشد التأييد لموقف بلاده، وعقد مباحثات مع وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر.
طارق عزيز سياسي عراقي ينتمي لحزب البعث العربي الاشتراكي، بدأت علاقته بصدام في أواخر الخمسينات خلال انتمائهما لصفوف حزب البعث الذي كانت أفكاره محظورة بالعراق في تلك الحقبة. وكانت سياسة الحزب تعمل سريًّا للإطاحة بالنظام الملكي المدعوم من بريطانيا.
ولد طارق عزيز واسمه الحقيقي طوبيا ميخائيل حنا، في قضاء تلكيف القريب من الموصل عام 1936 قرب مدينة الموصل بشمال العراق لعائلة مسيحية كلدانية من أسرة متواضعة.
عمل في بداية شبابه محرّرًا في جريدة «الجمهورية» العراقية، التي صدرت بعد ثورة عبد الكريم قاسم في يوليو (تموز) 1958، ثم انتقل للعمل مديرًا لجريدة «الجماهير» في عام 1963.
وانتقل بعدها إلى دمشق للعمل في الصحافة السورية بعد انقلاب نوفمبر (تشرين الثاني) 1963. وسجن على أثر انقلاب 23 فبراير (شباط) 1966. وبعد ثورة 17 يوليو 1968، عاد طارق عزيز إلى العراق، وتولى رئاسة تحرير جريدة «الثورة» الناطقة بلسان حزب البعث الاشتراكي.
ثمّ تولى مهمة نائب رئيس مكتب الثقافة والإعلام القومي، وفي أوائل عام 1974 انتخب عضوًا مرشحًا للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وتسلم منصب وزير الإعلام في نوفمبر 1974. بعد ثلاث سنوات عُيّن عضوًا في مجلس قيادة الثورة، ثمّ انتخب عضوًا في القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، فاستقال من الوزارة ليتفرغ للعمل الحزبي.
تعرض في عام 1980 لمحاولة اغتيال من قبل المعارضة.
وعندما تولّى صدام حسين في عام 1979 رئاسة الجمهورية، عين طارق عزيز نائبا لرئيس الوزراء وأصبح وزيرا للخارجية حتى سنة 1991، ليتسلم في تلك الفترة الملف الإيراني والملف الكويتي فأصبح من أبرز الشخصيات في السياسة الخارجية العراقية. وأعيد بعد ذلك تعيينه نائبا لرئيس الوزراء في مارس (آذار) 1991.
تقلد طارق عزيز مناصب دبلوماسية في مراحل خطيرة عصفت بتاريخ العراق، وله مساهمات ناجحة في تجنيب بلاده أزمات متعددة. ونجحت جهوده في تأمين دعم الولايات المتحدة لبغداد أثناء حرب الخليج الأولى ضد إيران في الثمانينات، وفي إقامة علاقات اقتصادية قوية مع الاتحاد السوفياتي.
وقبيل بدء حرب تحرير الكويت، اتخذ طارق عزيز موقفًا برفضه قبول رسالة تحذر من حتمية الحرب وجهها جورج بوش الأب الرئيس الأميركي لصدام حسين، وذلك خلال اجتماع في جنيف مع جيمس بيكر.
وبعد سقوط بغداد سلم عزيز نفسه للقوات الأميركية في 24 ابريل (نيسان) 2003. وفي ليلة 19 مارس (آذار) 2003 نقل تلفزيون (السي أن أن) عن الجيش الأميركي نبـأ استسلام طارق عزيز وكان تسلسله رقم 12 الذي يقع بيد القوات الأميركية من مسؤولي نظام الرئيس العراقي صدام حسين.
واليوم نقل طارق عزيز من إدارة سجن الناصرية حيث أمضى أيامه الأخيرة، إلى مستشفى الحسين التعليمي وسط الناصرية، حيث توفي اثر إصابته بذبحة صدرية.
وكانت المحكمة الجنائية العليا في العراق قد أصدرت، في 26 نوفمبر 2012،حكما بالإعدام شنقا حتى الموت بحق عزيز في قضية تصفية الأحزاب الدينية، بعد أن أصدرت، في  مايو (أيار) 2011، حكما بالسجن المؤبد بحقه في قضية تصفية البارزانيين.
 
 



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.