خلال الأيام الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) 2020 تلقى كريستيان إريكسن مكالمة هاتفية من جون ستين أولسن، الكشاف الإسكندنافي الشهير لنادي أياكس الهولندي الذي اكتشف لاعب خط الوسط الدنماركي عندما كان يبلغ من العمر 13 عاماً. وقال ستين أولسن لموقع النادي على شبكة الإنترنت: «اتصلت به وقلت له إنه يعلم أن أياكس موجود دائماً من أجله، فقال إنه يود ذلك، لكن فقط عندما يكبر قليلاً».
وفي الأسبوع الذي تقاعد فيه ستين أولسن، الذي وصفه المهاجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش بأنه «والده الحقيقي»، بعد 25 عاماً من العمل مع نادي أياكس، قرر إريكسن أن يصبح جزءاً من فريق مانشستر يونايتد الذي تتم إعادة بنائه تحت قيادة المدير الفني إريك تن هاغ، المدير الفني السابق لأياكس، الذي عمل عن كثب، مثل العديد من أسلافه، مع ستين أولسن، مهاجم الدنمارك السابق الذي عينه مورتن أولسن في عام 1997 ووقع عقداً مدى الحياة مع النادي الهولندي في عام 2015.
إريكسن لم ينس أبداً أياكس الذي أطلقه للنجومية (غيتي)
كان رحيل ستين أولسن عن النادي وهو في التاسعة والسبعين من عمره في الأول من يوليو (تموز) بمثابة نهاية حقبة في أياكس، بعد أن لعب دورا كبيرا في إحضار الأخوين لاودروب إلى أمستردام في نهاية مسيرتهما، واكتشف لاعبين مثل إبراهيموفيتش وجيسبر غرونكيار وكاسبر دولبرغ، وغيرهم كثيرين. لكنه دائماً ما يصف إريكسن بأنه أعظم اكتشاف له بعد إقناع المدير الرياضي للنادي الهولندي آنذاك، داني بليند، بالسفر إلى الدنمارك للتعاقد مع اللاعب البالغ من العمر 16 عاما من نادي أودنسه بعد أن رفض والد إريكسن أن يخضع نجله للاختبار في عام 2008. وقال ستين أولسن: «لقد أجبرت إدارة أياكس على السفر للدنمارك. ولولا ذلك، لالتقطته أندية أخرى».
وكان مانشستر يونايتد من بين هذه الأندية التي أبدت اهتماماً بضم هذا الدنماركي الشاب الرائع الذي أصبح أصغر لاعب يشارك في نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، رغم أن تشيلسي وميلان وبرشلونة كانت هي الأندية التي خضع فيها إريكسن لفترة اختبار لمدة أسبوع قبل أن يقرر الانتقال إلى أياكس في نهاية المطاف.
يتذكر إريكسن ما حدث قائلاً: «في تشيلسي، كان هناك بوابتان تخضعان لحراسة أفراد الأمن على مدار 24 ساعة في اليوم. لقد جعلني ذلك أدرك مدى ضخامة هذا النادي، وجعلني هذا أتراجع قليلاً. لقد كان هذا عالما مختلفا تماما بالنسبة لي كصبي في هذه السن الصغيرة».
وبعد أن شارك إريكسن لأول مرة مع الفريق الأول لأياكس قبل وقت قصير من عيد ميلاده الثامن عشر في يناير (كانون الثاني) 2010، وافق النادي على دفع تكاليف بناء «ملعب كرويف» - ملعب صغير يناسب جميع الأحوال الجوية ومصمم للتدريب على المهارات - في مكان من اختياره. واختار إريكسن موقعا بين مدرسته القديمة وناديه السابق في ميديلفارت، وهي بلدة صغيرة بالقرب من جزيرة فونين، التي تعد ثالث أكبر جزيرة في الدنمارك.
كان توتنهام هو المستفيد الأكبر من قرار إريكسن بعدم تمديد تعاقده مع أياكس، قبل أن يرحل إلى السبيرز مقابل 11 مليون جنيه إسترليني فقط في عام 2013، لكن علاقته بالنادي الهولندي ظلت قوية للغاية من خلال صداقته مع ستين أولسن. وخلال الأسابيع الأخيرة التي قضاها في توتنهام، أعرب إريكسن لمعلمه عن إحباطه الشديد من استبعاده من الفريق بعد أن تقدم بطلب للرحيل في الصيف السابق. لقد رفض رئيس توتنهام، دانيال ليفي، قبول أي عرض من العروض المقدمة للاعب من العديد من الأندية، بما في ذلك عرض من نادي مانشستر يونايتد تحت قيادة المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو على مدى الأشهر الـ18 السابقة، لكنه سمح له في نهاية المطاف بالانضمام إلى إنتر ميلان في صفقة مربحة لمدة أربع سنوات ونصف مقابل 10 ملايين يورو في الموسم.
ورغم أن إريكسن كان جزءا من فريق إنتر ميلان الذي فاز بلقب الدوري الإيطالي الممتاز في عام 2021 تحت قيادة المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي، فإنه لم يقدم أبدا المستويات المتوقعة منه مع الفريق الإيطالي، ولم يكن لاعبا أساسيا في التشكيلة التي كونها المدير الفني الحالي لتوتنهام. كان تركيب جهاز إزالة رجفان القلب بعد السكتة القلبية التي تعرض لها إريكسن أثناء اللعب مع الدنمارك في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2020 يعني أنه لم يعد مسموحا له اللعب في الدوري الإيطالي الممتاز، بل ربما ينهي مسيرته الكروية، لكنه عاد في النصف الثاني من الموسم الماضي من بوابة برنتفورد الإنجليزي على سبيل الإعارة من إنتر ميلان ليلعب من جديد ولفترة قصيرة تحت قيادة توماس فرانك الذي سبق له تدريب إريكسن في المراحل السنية المختلفة لمنتخب الدنمارك.
وقال ستين أولسن، وهو يتذكر اللحظة التي صرح فيها إريكسن بأنه «مات لمدة خمس دقائق» بعد السقوط أمام فنلندا: «لحسن الحظ أنه عاد إلى طبيعته تماما مرة أخرى، بل وربما أصبح أفضل الآن. يجب أن أعترف أنني صدمت عندما كنت في الملعب ورأيت ما حدث. لدي مشاعر قوية جدا تجاه كريستيان».
وكان أياكس هو المكان الذي بدأ فيه إريكسن التعافي في يناير (كانون الثاني)، حيث تدرب مع فريق الرديف بالنادي، عندما كان تن هاغ هو من يتولى القيادة الفنية للفريق الهولندي. وقال إريكسن في ذلك الوقت: «أنا سعيد جدا لوجودي هنا. في أياكس أعرف الناس، ويبدو الأمر وكأنني عائد إلى المنزل لأنني كنت هنا لفترة طويلة».
وأوضح توتنهام ونيوكاسل أنهما يريدان التعاقد مع إريكسن في صفقة انتقال حر هذا الصيف، بعدما قدم اللاعب بعض العروض الرائعة مع برنتفورد وقاده لتحقيق خمسة انتصارات في أول سبع مباريات يشارك فيها في التشكيلة الأساسية خلال الموسم الماضي، لكن تعيين تن هاغ مديرا فنيا لمانشستر يونايتد في نهاية أبريل (نيسان) الماضي كان حاسماً في تغيير وجهة اللاعب. لقد كان برنتفورد مستعدا لتحطيم سقف الأجور لديه في محاولة لإقناع إريكسن بالبقاء، لكن إغراء السير على خطى جيسبر أولسن - لاعب سابق آخر في صفوف أياكس - وجون سيفبيك وبيتر شمايكل ليصبح الدنماركي السادس الذي ينتقل إلى «أولد ترافورد»، كان قويا للغاية!.
وقال إريكسن عن انضمامه لمانشستر يونايتد: «إنه نادٍ استثنائي، ولا أستطيع الانتظار للبدء. لقد حظيت بامتياز اللعب في أولد ترافورد عدة مرات ولكن القيام بذلك بالقميص الأحمر سيكون شعوراً رائعاً».
ويتطلع تن هاغ، الذي تولى تدريب يونايتد فور نهاية الموسم الماضي قادما من أياكس بطل هولندا، إلى رؤية إريكسن ضمن مجموعته التي يأمل أن تعيد الروح إلى فريق أولد ترافورد الذي أنهى الموسم الماضي في المركز السادس المخيب.
وخاض لاعب الوسط 115 مباراة مع الدنمارك، وسجل 38 هدفاً لبلاده. كذلك، لعب إريكسن 237 مباراة في الدوري الإنجليزي سواء مع توتنهام (2013 - 2020) وبرنتفورد (2022)، وسجل 52 هدفاً وصنع 71 تمريرة حاسمة.
وعن مدربه الجديد قال إريكسن: «لقد رأيت عمل إريك في أياكس وأعرف دقته في التفاصيل والإعداد والعمل الذي يبذله هو وطاقمه كل يوم. من الواضح أنه مدرب رائع».