هل تساءلت يوما ما عن طول ساقي المهاجم البرازيلي ريتشارليسون؟ أعترف أنني قضيت بعض الوقت في التفكير في هذا الأمر حتى هذا الأسبوع، عندما نشر توتنهام على موقع تويتر مقطع فيديو مدته خمس دقائق عن اليوم الأول للاعب البرازيلي في النادي.
يبدأ مقطع الفيديو باللاعب البرازيلي وهو يمشي إلى ملعب التدريب محاطا بحاشية مكونة من ثلاثة أشخاص، ثم يتلقى ترحيبا فاترا من إيفان بيريسيتش، وهو يتوجه إلى غرفة العلاج الطبيعي من أجل الخضوع للكشف الطبي. لكن السؤال الآن هو: هل كان هذا حقا الكشف الطبي أم الاستعراض الطبي؟ لقد كان هناك من يفحص قدمي اللاعب وهو ينحني على ركبتيه ويقول: «45 داخليا، وتقترب من 90 خارجيا»، ثم وضع شريط قياس على الجزء العلوي من فخذيه، وكانت القراءات تشير إلى الأربعينيات، والخمسينيات، والستينيات، والسبعينيات، والثمانينيات، والتسعينيات مع الاقتراب من الكاحل. إنها أشياء غير عادية!.
وعلاوة على ذلك، كان هناك شخص ما يحمل حافظة تظهر الموجات فوق الصوتية والكثير من أوراق الكمبيوتر، في مشهد يعيدنا بالذكريات إلى ما كان يحدث في الثمانينيات من القرن الماضي. وبعد ذلك، يحدق ريتشارليسون في ملعب التدريب، ويتلقى عناقا حارا من مواطنه لوكاس مورا عندما يصل إلى المقصف.
وهنا، يأتي وقت الغداء، حيث تظهر صورة مقرّبة لوعاء من البروكلي، ويتسلم ريتشارليسون طبقا يشبه العجة، في الوقت الذي يقلد فيه إيمرسون رويال صوت الدجاج ويحتضن اللاعب البرازيلي. ويرحب مات دوهرتي باللاعب البرازيلي، ويقوم جيوفاني لو سيلسو بنفس الشيء أيضا. ويحتضن ريتشارليسون كريستيان روميرو، ويبدأ الجميع في التصفيق، بينما يجلس فريزر فورستر بمفرده في الخلف.
الضجيج حول صفقة انتقال ليفاندوفسكي من البايرن لبرشلونة استمر شهوراً (أ.ف.ب)
وفجأة يقفز ريتشارليسون داخل أرض الملعب ويبدأ الجري وهناك حبل حول خصره، ثم يركل الكرة مرة بعد مرة. وبالتالي فإن السؤال المطروح الآن هو: كيف كنا نعيش في السابق بدون هذا الوصف التفصيلي لكل جزء من عملية انتقالات اللاعبين؟ فإذا لم تكن لديك الشجاعة الكافية لاستهلاك فاتورة هاتف والديك على خدمة «كلوب كول» لمعرفة التفاصيل الخاصة بالأندية، فهذا يعني أنه لم يكن أمامك سوى خدمة «سيفاكس»، التي كانت أول خدمة نصوص معلوماتية في العالم.
أتذكر بوضوح أنني سمعت فجأة على الراديو أن توتنهام قد تعاقد مع المهاجم الألماني يورغن كلينسمان بينما كنت ألعب كطفل في غرفة نومي. ففي تلك الفترة، لم تكن هناك إشاعات حول انتقالات اللاعبين، أو تصوير على الهواء مباشرة لعملية الكشف الطبي للاعبين فور انتقالهم إلى أنديتهم الجديدة، ولم يكن هناك صحافيون مجبرون على قضاء اليوم بالكامل في تغطية خبر انتقال هذا اللاعب أو ذاك. لقد كان الأمر عبارة عن خبر من سطر واحد فقط يشير إلى التعاقد مع يورغن كلينسمان!.
أما الآن، فتحول الصيف بأكمله إلى فترة لا نهاية لها من التخمينات والشائعات. لقد كانت «الأخبار العاجلة» تشير إلى أن يان بيدناريك كان يفكر في الانتقال من ساوثهامبتون إلى ليستر سيتي، وهي الصفقة التي كنت مقتنعا لمدة 15 دقيقة تقريبا بأنها قد تمت بالفعل خلال الصيف الماضي! ومع كامل اعتذاري ليانيك فيستيرغارد، فهل تفكير اللاعب الدنماركي في الانتقال من فريق يحتل المركز الخامس عشر إلى فريق يحتل المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز يستحق أن يوصف بأنه «خبر عاجل»؟ لم تمت تغطية هذا الخبر بشكل أكبر مما حظي به انتقال النجم البرازيلي روبينيو إلى مانشستر سيتي!.
في الحقيقة، سيكون من الرائع لو تمكنت أسرة كرة القدم من حذف كلمة «فهم» بكل مشتقاتها من اللغة التي يستخدمها الصحافيون لشرح الوجهة المحتملة اللاعبين، حيث نسمع من يقول إنه «يتفهم» أن النجم الفرنسي نغولو كانتي يفكر في الرحيل عن تشيلسي، ومن يقول إن قناة «سكاي سبورتس نيوز» «تفهم» أن كاميرون جيروم سعيد في لوتون. فهل من الممكن أن نترك «الفهم» للأشياء التي تستحق الفهم بالفعل، مثل الديناميكا الحرارية أو السفر عبر الفضاء؟
وحتى بعيدا عن المستوى الأعلى، تشهد مواقع التواصل الاجتماعي قصصا غريبة فيما يتعلق بالإعلان عن صفقات الانتقالات في الدوريات الأدنى، وهو الأمر الذي استوقفني مرارا وتكرارا، فمن الممكن أن ترى مثلا نادي «كامبريدج يونايتد» ينشر رمزا تعبيريا لـ«عيون تنظر بهذه الطريقة» وبجواره ساعة، وعبارة تقول: «انتظروا الإعلان عن الصفقة في تمام الساعة الخامسة مساء، فمن يكون هذا اللاعب؟».
وعندما يحين موعد الساعة المشار إليه، ينشر النادي مقطع فيديو لشخص ما يحمل وشاحا، في الوقت الذي تتحرك فيه الكاميرا، ليظهر براندون هاونستروب! لكنني بالطبع لا أتابع اللاعبين الذين يلعبون في مركز الظهير الأيسر المعارين لنادي بورتسموث خلال السنوات الثلاث الماضية، فأنا لا أعرف براندون، وأعترف بأن هذا خطئي! ومع ذلك، فأنا أثق في المدير الفني لنادي كامبريدج يونايتد، مارك بونر، وبالتالي فأنا أثق أيضا في المدافعين الذين يتعاقد معهم!
وعلاوة على ذلك، هناك مجتمع صغير من مشجعي الدوريات الأدنى الذين يتراسلون بشكل محموم فيما بينهم بشأن هذه الانتقالات، وهو قسم ممتع إلى حد ما على شبكة الإنترنت لأنه مليء بالرسائل الودية القصيرة. فعندما ينتقل لاعب من نادي كامبريدج، فإنني أتلقى تغريدات من مشجعي الفرق المنافسة تقول: «هل جاك إيريدال [يلعب الآن في بولتون] جيد بما يكفي؟» ويكون الرد كالتالي مثلا: «نعم»، أو «نعم، إنه لاعب عظيم. شكرا لك»، أو «إنه جيد».
ومن المؤكد أن كل ما يهمنا حقا هو الإثارة التي تحدث في اليوم الأخير من فترة الانتقالات، سوءا فترة الانتقالات الصيفية أو الشتوية، ففي إحدى السنوات قضيت ثلاث ساعات وأنا أستمع إلى الإذاعة التي كانت تتحدث عن صفقة انتقال غراهام دورانس من وست بروميتش ألبيون إلى نوريتش سيتي على سبيل الإعارة. ولم يحدث أي شيء آخر غير ذلك!
وكما تساءل زميلي باري غليندينينج، هل نحتاج إلى أي من هذه الأشياء بالفعل؟ ألا يمكننا الانتظار حتى اليوم الأول من الموسم، أو مشاهدة أحد البرامج، أو مجرد إلقاء نظرة على أرضية الملعب لمعرفة اللاعبين الموجودين بالفعل في كل فريق؟ أعتقد أننا لو فعلنا ذلك فإن الأمر سيكون عبارة عن مفاجأة رائعة!
وما الهدف من تحديد الفريق الفائز في فترة الانتقالات؟ فحتى الآن لا يوجد كأس لمن يفوز بذلك! كما أن التعاقدات الجديدة قد لا تحقق النجاح في كثير من الأحيان، ويمكن للاعبين الحاليين أن يتحسنوا ويصبحوا أفضل!
ومع ذلك، هناك العديد من الطرق لتكون مشجعا جيدا لكرة القدم - يعتمد تعريف ذلك إلى حد كبير على كيف كانت كرة القدم بالنسبة لك عندما كنت في العاشرة من عمرك. من السهل الاستسلام لذلك - قضاء الصيف وأنت تضغط على زر التحديث، ومشاهدة مقاطع فيديو مملة للاعبين وهم يتجولون في ملاعب التدريب!
ربما لا أكون في وضع يسمح لي بالحكم على الهدف من مثل هذه الأشياء، لكن الشيء المؤكد هو بعض الأشياء لا يكون لها هدف محدد من الأساس، وتُستخدم فقط في ملء بعض الوقت!
في النهاية، أود أن أشير إلى أن طول ساق ريتشارليسون اليسرى يبلغ 96 سم، لكننا لن نعرف أبدا طول ساقه اليمنى، فهذا أحد ألغاز كرة القدم! ما أسمعه، وما تخبرني به مصادري، وما أفهمه، هو أن طول القدمين واحد، أليس كذلك؟.