عسكريو ليبيا يتفقون على تسمية رئيس أركان واحد للجيش

ناقشوا «الخطوات الواقعية» لتوحيد مؤسستهم

الحداد (يمين) والناظوري خلال لقاء طرابلس (رئاسة أركان القيادة العامة)
الحداد (يمين) والناظوري خلال لقاء طرابلس (رئاسة أركان القيادة العامة)
TT

عسكريو ليبيا يتفقون على تسمية رئيس أركان واحد للجيش

الحداد (يمين) والناظوري خلال لقاء طرابلس (رئاسة أركان القيادة العامة)
الحداد (يمين) والناظوري خلال لقاء طرابلس (رئاسة أركان القيادة العامة)

وسط إشادات أممية ومحلية، اتفق قادة عسكريون كبار بشرق ليبيا وغربها على المسارعة في إيجاد أطر لتوحيد مؤسستهم العسكرية المنقسمة منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.
وانتهى الاجتماع، الذي ترأسه رئيس الأركان العامة بحكومة «الوحدة» المؤقتة الفريق محمد الحداد، ورئيس الأركان التابع للقيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الفريق عبد الرازق الناظوري، واحتضنته العاصمة طرابلس على مدار يومين، إلى مجموعة من الإجراءات التي قد تدفع في اتجاه إنهاء الانقسام بين الطرفين.
وأصدر المشاركون في الاجتماع بياناً ختامياً، مساء أمس، اتفقوا فيه على الشروع في «تحديد الخطوات الواقعية» لتوحيد المؤسسة العسكرية، بعدما ناقشوا «ضرورة تسمية رئيس أركان واحد للمؤسسة العسكرية».
وحرص الحداد، خلال إعلان البيان الختامي على التأكيد أنه والناظوري، أخذا الإذن من قادتهما، وقال: «أخذنا الإذن من رئيس المجلس الرئاسي ووزير الدفاع، وزملاؤنا أخذوا الإذن من قياداتهم في المنطقة الشرقية»، وهو ما أكده الناظوري: «ما جئنا من تلقاء أنفسنا... الأخ محمد الحداد من المجلس الرئاسي، وأنا من رئيس الحكومة، لم نلتقِ من تلقاء أنفسنا؛ لقاؤنا بناءً على القيادات السياسية والعسكرية».
واستعرض البيان نقاطاً مهمة توصلوا إليها في اجتماعاتهم، من بينها «وضع أسس تبادل وتوحيد البيانات والتنسيق في الأعمال بين رئاسة الأركان النوعية والإدارات المختلفة»، مع «وضع برامج تدريب مشتركة حسب الإمكانيات المتوفرة».
وأقر القادة في اجتماعاتهم «تفعيل القوة المشتركة» والتي تم الاتفاق على تشكيلها في اتفاق وقف إطلاق النار عام 2020، كما تم وضع خطة للبدء في تسيير دوريات حدودية من الوحدات المختلفة لحرس الحدود لحماية الحدود الليبية ومنع المهاجرين غير النظاميين وتجار المخدرات والجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب من داخل الأراضي الليبية.
وأكد الحاضرون «رفضهم التام والمطلق للعودة إلى الاقتتال» بين أبناء الوطن ونبذهم للعنف ودعمهم الكامل لمدنية الدولة وإبعاد المؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية، مشيدين بجهود اللجنة العسكرية «5+5» والاستمرار في تنفيذ ما خلصت إليه في اجتماعاتها السابقة بما في ذلك التأكيد على خروج «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية.
وسبق وعقد العسكريون بشرق ليبيا وغربها جلسات حوار برعاية مصرية بالقاهرة في عامي 2017 و2018 بقصد العمل على توحيد الجيش الليبي، وتوصلوا إلى نتائج مهمة من بينها الاتفاق على تشكيل المجالس القيادة الثلاثة، وهي الأمن القومي والدفاع الأعلى والقيادة العامة»، وكذلك بعض المقترحات الخاصة بمعالجة مشكلة الميليشيات المسلحة، لكن محادثتهم تعثرت بسبب الاعتراض على بعض النقاط.
وفيما يتعلق بالموقوفين لدى الجانبين على خلفية العملية العسكرية الأخيرة على طرابلس مطلع 2019، تم تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة ملف المحتجزين والمفقودين للوصول إلى نتائج عملية في هذا الشأن. مشددين على المضي قدماً في برنامج المصالحة الوطنية وعودة المهجرين من أنحاء ليبيا إلى ديارهم.
وانتهى القادة العسكريون إلى تأكيد ضرورة الاستمرار في التواصل المباشر وعقد اجتماعات لاحقة في أقرب وقت لاستكمال الأعمال التي تم الاتفاق على تنفيذها ومتابعتها.
وحول أسباب انعقاد الاجتماعات في طرابلس، أرجع الحداد ذلك إلى «أنها العاصمة وداخل الوطن وبعيداً عن كل الأيدي الخارجية والتدخلات الخارجية»، متعهداً بـ«الدفاع بكل قوة على وحدة التراب الليبي، وسيادة الدولة».
وانتهى الحداد بالعمل على وقف التدخلات الخارجية في ليبيا، والتضحية في سبيل الوطن العزيز، وقال: «لن نتاجر كما تاجر الكثيرون».
وفي السياق ذاته، وصف الناظوري، الاجتماعات بـ«المثمرة والجيدة»، موجهاً حديثه إلى الحكومات والمجلس الأعلى للدولة والبرلمان: «اتركونا في حالنا واصرفوا لنا ميزانياتنا».
وانتقد الناظوري اختلاف رواتب الجنود في المنطقتين الشرقية والغربية، ووجه حديثه إلى وزير المالية (بحكومة «الوحدة الوطنية»): «لماذا لم يرفعوا رواتب الجنود في المنطقة الغربية؟».
من جانبها، أشادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بلقاءات العسكريين، ووصفت في بيان على موقعها الرسمي مساء أمس (الثلاثاء)، هذا الحوار بـ«المهم».
وأعلنت البعثة عن مواصلة دعمها للمحادثات في المسار الأمني، لا سيما تلك التي تتم من خلال اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، بما فيها التنفيذ التام لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر (تشرين الأول) 2020.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».