تحقيق يكشف تورّط الأسد في أكبر عملية تهريب مخدرات إلى إيطاليا

الرئيس السوري بشار الأسد (أرشيفية- رويترز)
الرئيس السوري بشار الأسد (أرشيفية- رويترز)
TT

تحقيق يكشف تورّط الأسد في أكبر عملية تهريب مخدرات إلى إيطاليا

الرئيس السوري بشار الأسد (أرشيفية- رويترز)
الرئيس السوري بشار الأسد (أرشيفية- رويترز)

كشف تحقيق جديد معلومات تُظهر تورط الرئيس السوري بشار الأسد ومقرّبين منه في عمليات تهريب «الكبتاغون» إلى أوروبا وليبيا عبر ميناء اللاذقية، وصولاً إلى السواحل اليونانية والإيطالية؛ حيث يتم تفريغ الحمولة وتوزيعها على بعض الدول في أوروبا وأفريقيا.
وبحسب تقرير لموقع «ميديا بارت» الفرنسي، المعني بالبحث الاستقصائي، بالتعاون مع صحيفة «دوماني» الإيطالية، كُشف عام 2020 النقاب عن إحدى أكبر عمليات ضبط المخدرات في مدينة ساليرنو الإيطالية، قادمة من ميناء اللاذقية بسوريا، ومتّجهة إلى ليبيا، وذلك عبر وضعها في 4 حاويات. وقُدّرت الكمية بـ14 طناً، أو 850 مليون حبة بيضاء صغيرة.

وأشار الموقع إلى أن الوثائق أثبتت وجود صلات بين تجار المخدرات الإيطاليين ومقرّبين من الأسد، ومن الرئيس الليبي السابق معمر القذافي. وأظهر التحقيق أيضاً أن المعلومات السابقة التي ربطت هذه المخدرات بتنظيم «داعش» غير دقيقة، ولا أساس لها من الصحة.
وتؤكد الدلائل المنشورة أن زعيم مافيا المخدرات الصقلي ألبرتو أماتو (46 عاماً) الذي تم اعتقاله قبل فترة ومحاكمته بالسجن 10 سنوات بتهم تتعلق باستيراد «الكوكايين» من البرازيل، كان على علاقة مع أقارب للأسد ومقربين من القذافي.
وتوضح الوثائق تورّط شخصيات مهمة في سوريا في عملية تهريب المخدرات هذه. وأوضح موقع «ميديا بارت» أن أحد عملاء الأسد واسمه طاهر، يعمل في تجارة الشحن، ويسكن في مدينة سان ريمو على بعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود الفرنسية، كما أنه على علاقة مع زعيم المافيا ألبرتو أماتو؛ حيث إن التحقيق يشير إلى صلاته الأساسية بحركة مرور المخدرات.

وكشف المحققون أنه تم ضبط شحنتين على الأقل من «الكبتاغون» في اليونان ودول أخرى تحملان بصمات طاهر الذي كان يعمل مباشرة من اللاذقية. وفي الخامس من يناير (كانون الثاني) عام 2019 كان يناقش علانية مع ألبرتو أماتو تسليم «ترامادول» بناء على طلب من كبار الشخصيات الليبية.
وكان هناك عميل آخر يُدعى «علي أحمد ب» متّهم بإرسال حوالات مالية من إيطاليا إلى عدة حسابات في بريطانيا أو ليبيا أو مالطا أو روسيا، بمبالغ تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات.
ووجه موقع «ميديا بارت» أصابع الاتهام لأحد مساعدي ماهر الأسد، وهو لواء في الفرقة الرابعة يدعى غسان بلال، وحمَّله المسؤولية عن مرور هذه الشحنات، وأطلق عليه تعبير «جزار الغوطة»، مؤكداً أنه أحد لوجستيي الشبكة، وفقاً لما كشفه باحثون من المعهد الأميركي للأبحاث الاستراتيجية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».