داود أوغلو يخوض حملة الانتخابات التشريعية التركية في ظل إردوغان

قال إن فرضية هزيمة حزب العدالة والتنمية أمر غير مطروح

أتراك يمرون قرب ملصق دعائي كبير لزعيم حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو في ديار بكر الكردية قبل 3 أيام من الانتخابات العامة (أ.ف.ب)
أتراك يمرون قرب ملصق دعائي كبير لزعيم حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو في ديار بكر الكردية قبل 3 أيام من الانتخابات العامة (أ.ف.ب)
TT

داود أوغلو يخوض حملة الانتخابات التشريعية التركية في ظل إردوغان

أتراك يمرون قرب ملصق دعائي كبير لزعيم حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو في ديار بكر الكردية قبل 3 أيام من الانتخابات العامة (أ.ف.ب)
أتراك يمرون قرب ملصق دعائي كبير لزعيم حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو في ديار بكر الكردية قبل 3 أيام من الانتخابات العامة (أ.ف.ب)

مع اقتراب الانتخابات التشريعية في تركيا، بعد غد، يعبر رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو عن قناعته بأن حزبه سيحقق فوزا كبيرا رغم الانتقادات والصعوبات، مؤكدا أن «الفشل غير مطروح».
وقال داود أوغلو في مقابلة أجرتها معه وكالة الصحافة الفرنسية في قيصرية (وسط) قبل أيام من الانتخابات التشريعية، بين محطتين من حملة انتخابية ماراثونية: «إن فرضية هزيمة لحزب العدالة والتنمية أمر غير مطروح». وتابع متباهيا: «لا يمكن لأي حزب آخر منافستنا على المرتبة الأولى»، مضيفا: «الواقع أنه ليس لدينا منافس حقيقي».
وبعدما حكم البلاد 13 عاما يعتبر هذا الحزب الإسلامي المحافظ الأوفر حظا للفوز في انتخابات بعد غد بفارق كبير عن خصومه، غير أنه لأول مرة منذ 2002 يتقدم في موقع أضعف من قبل أمام الناخبين نتيجة تراجع الاقتصاد والانتقادات المتواصلة التي تأخذ عليه نزعته إلى التسلط، فضلا عن تراجع صورته بسبب استمراره في السلطة.
غير أن داود أوغلو ينفي كل هذه الصعوبات، مؤكدا: «ليس لدينا أي قلق، حزب العدالة والتنمية مستمر في طريقه إلى النجاح مهما حصل».
وتولى وزير الخارجية السابق البالغ من العمر 56 عاما مقاليد الحكومة والحزب الحاكم قبل أقل من عام حين عينه الرجل القوي دون منازع للبلاد رجب طيب إردوغان خلفا له.
وأثارت ترقية هذا المسؤول الذي يعتبر من أقرب الأوفياء للرئيس، استياء داخل الحزب، حيث تساءل البعض: كيف يعتزم هذا الأستاذ الجامعي الحلول في موقع إردوغان الواسع الشعبية على رأس الحكومة؟
وانطلق داود أوغلو في حملة الانتخابات التشريعية بتصميم قوي، مستخدما كل الوسائل التي لجأ إليها سلفه، وهو يجول البلاد منذ أسابيع ويعقد تجمعات ومهرجانات متوالية، مستعينا بقدرات الحزب التنظيمية الممتازة ووسائله غير المحدودة. ويخاطب يوميا عشرات آلاف الأنصار مرددا شعار الحزب بلا توقف: «هم يتكلمون، ونحن نفعل».
ويقول رئيس الوزراء: «في الفترة الماضية (حين كان وزيرا) كنت أخاطب خمسين أو مائة شخص أمام الأمم المتحدة.. لكن هنا أمام مئات آلاف الأشخاص، يجب أن يصل الصوت إلى الجميع».
غير أن هذه الجهود لم تقنع إردوغان، على ما يبدو، إذ إنه تولى بحزم منذ بضعة أسابيع قيادة حملة حزب العدالة والتنمية، مضاعفا إطلالاته العلنية على الرغم من انتقادات الذين ينددون بانتهاك الدستور ويذكرون بواجب الحياد المفروض عليه.
وفي كل خطاب يلقيه يحض إردوغان البلاد على منح حزبه الانتصار الساحق (330 مقعدا على الأقل من أصل 550 في البرلمان) الذي يحتاج إليه لإجراء إصلاح للقانون الأساسي ينقل إلى الرئيس القسم الأكبر من صلاحيات السلطة التنفيذية، ويسمح له بالتالي بالبقاء في السلطة.
ورأى البعض من داخل حزب العدالة والتنمية في خوض الرئيس نفسه حملة الانتخابات دليلا على إنكاره لدور داود أوغلو، فيما يؤكد رئيس الوزراء المضطر إلى الدفاع عن إصلاح سيحرمه من صلاحياته الأساسية، أنه لم يشعر بأي استياء لمبادرة الرئيس.
ورأى داود أوغلو: «إن رئيسنا يلتقي الشعب كما يشاء ويعبر عن رأيه»، مؤكدا أن «ذلك لا يثير بلبلة في حملتنا».
كذلك لا يرى ناخبو الحزب الحاكم في الأمر أي مسالة سجالية، بل يبدون ارتياحهم لرؤية بطلهم ينزل إلى ساحة المعركة، وقال أحدهم ويدعى غولساه بيكول (19 عاما) جاء لدعم حزب العدالة والتنمية في قيصرية: «إن رئيس وزرائنا أصيل، لديه أفكاره الخاصة. لكن إردوغان زعيم فريد».
وعلى الرغم من جهود إردوغان وداود أوغلو، فإن استطلاعات الرأي التي نشرت نتائجها في الشوط الأخير من الحملة توحي بأن حزب العدالة والتنمية لن يتمكن من الحصول على المقاعد التي يحتاج إليها من أجل إقرار نظام «رئاسي».
ومن المتوقع، بحسب استطلاعات للرأي كثيرة، أن يتخطى حزب الشعب الديمقراطي، الحزب الكردي الرئيسي، عتبة 10 في المائة من الأصوات على المستوى الوطني ويحصل على عشرات المقاعد، ويحرم بالتالي الحزب الحاكم من الغالبية الضرورية لمشاريعه.
ويرفض رئيس الوزراء الخوض في مثل هذه الفرضية كما يمتنع عن كشف أي هدف بالأرقام لحزبه في الانتخابات الأحد، ويقول: «هدفي هو الفوز، لطالما قلت إنه إذا لم ننته في المرتبة الأولى، فسوف أستقيل، وليس هناك أي رئيس حزب آخر تجرأ على قطع مثل هذا التعهد».
والمتابع لتفاصيل المعركة الانتخابية الدائرة الآن في تركيا والتي ستنجلي نتائجها مساء بعد غد، يلحظ أن محاور حملة حزب العدالة والتنمية الانتخابية تركزت في مواصلة السير على درب «تركيا الجديدة» ومسيرة الإصلاحات في سبيل تعزيز الديمقراطية والنهوض بالبلاد أكثر، وذلك بحسب تصريحات رئيس الوزراء التركي وزعيم الحزب داود أوغلو، التي لم تخلُ دومًا من الحديث عن ملف الدفاع عن مظلومي العالم والوقوف إلى جانب الشعوب المضطهدة.
ففي كلمته أمس التي نقلتها وكالة أنباء الأناضول، أكد داود أوغلو خلال اجتماع مع الشباب في إسطنبول، ضمان حرية التعبير عن الرأي لكل أفراد المجتمع من مختلف التيارات والشرائح، مشددًا في الوقت ذاته على عدم التهاون حيال من يلجأ للعنف بغض النظر عن توجهاته.
وفي خطاب له أمس، قال داود أوغلو: «لن نسمح بإهانة أو ازدراء أي أحد في البلاد بسبب إثنيته أو مذهبه، ولن يعامل أي شخص على أنه مواطن من الدرجة الثانية بسبب نمط حياته أو ملبسه، أو ارتداء الحجاب».



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.