فيروس فتّاك... ما هو «ماربورغ» القادم من خفافيش الفاكهة؟

حالة الوفاة قد تحصل بين اليوم الثامن أو التاسع من الإصابة بفيروس ماربورغ (سي دي سي)
حالة الوفاة قد تحصل بين اليوم الثامن أو التاسع من الإصابة بفيروس ماربورغ (سي دي سي)
TT

فيروس فتّاك... ما هو «ماربورغ» القادم من خفافيش الفاكهة؟

حالة الوفاة قد تحصل بين اليوم الثامن أو التاسع من الإصابة بفيروس ماربورغ (سي دي سي)
حالة الوفاة قد تحصل بين اليوم الثامن أو التاسع من الإصابة بفيروس ماربورغ (سي دي سي)

بعد «كورونا» و«جدري القردة»، يواجه الكوكب فيروسا جديدا يطلق عليه اسم «ماربورغ» «شديد العدوى»، الذي «من الممكن أن يخرج عن السيطرة بسهولة» حسبما أكدت منظمة الصحة العالمية.
وكانت منظمة الصحة قد أعلنت الأحد الماضي أن السلطات الصحية في غانا قد أفادت عن أول حالتي وفاة بفيروس ماربورغ في البلاد. وتعود إحدى الحالتين لرجل يبلغ من العمر 26 عاماً نقل إلى المستشفى في 26 يونيو (حزيران) الماضي وتوفي في اليوم التالي. وكانت الحالة الثانية لرجل، عمره 51 عاماً، نقل إلى المستشفى في 28 يونيو وتوفي في اليوم نفسه. ولا تربط بين الوفاتين أي صلة قرابة، كما أن المصابين بالمرض لم يلتقيا ببعضهما.
فما هو ماربورغ شديد العدوى؟
بحسب موقع منظمة الصحة العالمية، فإن ماربورغ هو حمى نزفية نادرة لكنها شديدة العدوى وهو ينتمي إلى نفس عائلة مرض فيروس الإيبولا الأكثر شهرة.
وأشارت المنظمة إلى أن الفيروس ينتقل إلى الإنسان من خفافيش الفاكهة وينتشر بين البشر من خلال الاتصال المباشر بالسوائل الجسدية للأشخاص المصابين والأسطح والمواد.
وتشمل أعراض المرض، وفقا للمنظمة، ارتفاعا في درجة الحرارة وصداعا شديدا وتوعكا. كما يصاب العديد من المرضى بأعراض نزفية حادة في غضون سبعة أيام.
ولفتت إلى أن معدلات الوفاة في الإصابات تفاوتت من نسبة 24 إلى 88 في المائة في حالات التفشي السابقة اعتمادا على سلالة الفيروس وجودة التعامل مع الحالة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1549739650935246849?s=20&t=4lbzGESv5_xLIuJsptSLVQ
وفي حين أشارت منظمة الصحة إلى عدم وجود أي لقاحات أو علاجات مضادة للفيروس، ذكرت أن الرعاية الداعمة، ومعالجة الجفاف بالسوائل وعلاج أعراض معينة، تعمل على تحسين فرص البقاء على قيد الحياة.
وأكدت أنه يتم تقييم مجموعة من العلاجات المحتملة، بما في ذلك منتجات الدم والعلاجات المناعية والعلاجات الدوائية، بالإضافة إلى اللقاحات المرشحة مع بيانات المرحلة الأولى.
من جهتها، شرحت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها «سي دي سي»، أنه بعد يومين من الإصابة ووصولا إلى 21 يوما منها يكون ظهور أعراض الفيروس مفاجئا ويتسم بالحمى والقشعريرة والصداع وألم في العضلات.
وقالت إنه وفي اليوم الخامس، يظهر طفح جلدي من دون الشعور بالحكّة على صدر المصاب أو بطنه أو ظهره، وقد تظهر حالات الغثيان وآلام الصدر والتهاب الحلق وآلام البطن والإسهال. وتزداد الأعراض حدة مع الوقت ويمكن أن تشمل اليرقان والتهاب البنكرياس وفقدان الوزن الشديد والهذيان وفشل الكبد والنزيف الشديد واختلال وظائف الأعضاء المتعددة.
كما لفتت إلى أن حالة الوفاة قد تحصل بين اليوم الثامن أو التاسع من الإصابة بالعدوى ويسبقها نزيف حاد وخسارة كمية كبيرة من الدماء، موضحة أن تشخيص المرض قد يكون صعبا لأن أعراضه شبيهة بأمراض معدية أخرى مثل الملاريا أو التيفوئيد.
وتراقب السلطات الصحية في الدولة الأفريقية الملامسين والمخالطين للحالتين بحثا عن أعراض إصابة محتملة، وقالت «سي دي سي» إن ماربورغ هو حيواني المنشأ فريد من نوعه وراثيا.
وبحسب شبكة «سي إن إن»، يُصاب الشخص بالعدوى جرّاء ملامسة دم المريض أو سوائل جسمه الأخرى (البراز، والقيء، والبول، واللعاب، والإفرازات التنفسية) التي تحتوي على الفيروس بتركيزات عالية.
وأشارت الشبكة إلى أنه «يمكن أن ينتشر الفيروس عبر المني، إذ اكتشف الفيروس في مني المصابين به بعد شفائهم السريري من المرض بفترة بلغت سبعة أسابيع».
وأوضحت أن قدرة المصابين على نقل العدوى تزداد كلّما تطوّر المرض لديهم، وتبلغ تلك القدرة ذروتها خلال مرحلة المرض الوخيمة، محذرة من أن مخالطة المصابين عن كثب، لدى تقديم الرعاية لهم في البيت أو في المستشفى، وبعض ممارسات الدفن، تُعد من المسارات الشائعة لاكتساب العدوى.
تم التعرف على فيروس ماربورغ لأول مرة في عام 1967، عندما حدثت فاشيات من الحمى النزفية في وقت واحد في مختبرات في ماربورغ وفرانكفورت بألمانيا وفي بلغراد بيوغوسلافيا (صربيا الآن)، حيث أصيب 31 شخصًا بالمرض.
وهذه هي المرة الثانية التي تكتشف فيها حالات ماربورغ في غرب أفريقيا، وقد سبق الإبلاغ عن حالات إصابة بماربورغ في أماكن أخرى من أفريقيا، بما في ذلك أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وجنوب أفريقيا وزمبابوي، وأودى أكبر تفش للمرض بحياة أكثر من 200 شخص في أنغولا في عام 2005.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن عينات الفيروس التي يتم جمعها من المرضى لدراستها هي «خطر بيولوجي شديد»، ويجب إجراء الاختبارات المعملية في ظل «أقصى ظروف الاحتواء البيولوجي».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».