مسلسل تسريبات المالكي مستمر والصدر يتهمه بالتخطيط لاغتياله

العشائر العراقية للنأي عن إقحامها.. وحزب الدعوة لن «تنجر للفتنة»

رئيس «ائتلاف دولة القانون» ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي (رويترز)
رئيس «ائتلاف دولة القانون» ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي (رويترز)
TT

مسلسل تسريبات المالكي مستمر والصدر يتهمه بالتخطيط لاغتياله

رئيس «ائتلاف دولة القانون» ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي (رويترز)
رئيس «ائتلاف دولة القانون» ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي (رويترز)

دعا «حزب الدعوة الإسلامية»، بزعامة نوري المالكي، اليوم (الثلاثاء)، إلى عدم الانجرار وراء الفتنة من قبل الأجهزة السرية في الداخل والخارج ممن يطمعون لتحويل العراق إلى بؤرة صراع.
وقال الحزب في بيان، «إننا لن ننجر إلى فتنة عمياء بين أبناء الوطن الواحد، وندعو أبناء شعبنا وقواه السياسية للحذر من الوقوع في صراع لا يخدم إلا أعداء الإسلام والوطن».
وأوضح أنه «مع إرهاصات تشكيل الحكومة نرى أن هناك من يذكي نار الفتنة بيننا نحن أبناء الصدرين الذين عبرنا عنهم عند دخولنا العراق بالرمز والهوية وعملنا سياسياً مع جميع إخواننا الإسلاميين وغيرهم، ولم نستأثر بسلطة، إنما كان التصدي وفق المعطيات والسياقات التي أقرها الدستور».
وأضاف: «لم ندخل صراعاً حزبياً مع أي طرف، ولم ننجر إلى صراعات جانبية تبعدنا عن أهدافنا الإسلامية والوطنية».
وحذر «حزب الدعوة الإسلامية»، في بيانه، من «أننا نرى في هذه الأيام بوادر فتنة تصب الزيت على النار من قبل المرجفين والمتربصين بشعبنا الدوائر، ومن قبل الأجهزة السرية في الداخل والخارج ممن يطمعون لتحويل العراق إلى بؤرة صراع من خلال تسريب واستراق إلكتروني دخل عليه التزييف والتزوير».
وجاء بيان «حزب الدعوة الإسلامية» بعد تغريدة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، اليوم، كشف فيها عن نية رئيس الوزراء السابق زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، التخطيط لاغتياله.
وتناولت وسائل إعلام عراقية تسريبات صوتية تنسب للمالكي وتسيء للصدر وعدد من الرموز السياسية في البلاد؛ الأمر الذي نفاه المالكي جملة وتفصيلاً. والتسريبات تلك سربها الصحافي العراقي المقيم في الولايات المتحدة علي فاضل، وهي عبارة عن سلسلة ينشرها فاضل على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وقال إنها «تسجيل لاجتماع طوله ساعة بين المالكي وآخرين»، من دون الإفصاح عن طريقة حصوله على التسجيلات أو مصدرها.

التسجيل الخامس
ونشر الفاضل اليوم التسجيل الخامس، وهو عبارة عن مناقشات مع ممثلي مجموعة شيعية ليست معروفة على نطاق واسع، تطلق على نفسها اسم «أمة الأخيار»، ومرجعهم الديني يدعى آية الله الميرزا. ويعرض قيادي في المجموعة يناديه رفيقه في التسجيل «أبو حسن»، على المالكي، «الولاء والبيعة» لـ«إراقة الدماء في العراق بموافقة مراجع وقيادات وبها شرعية».
وفيما لم يعرف في الأوساط الشيعية عن مرجع ديني كبير له مجاميع قتالية، لكن أحاديث المالكي معهم على مدى ساعات تكشف عن وجود لهم في بعض الأوساط الشيعية في محافظات بوسط العراق وجنوبه.
وتحدث المالكي عن علاقته «الجيدة» مع قيس الخزعلي، زعيم ميليشيا «عصائب أهل الحق» المدرجة على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية. لكنه أضاف أن قادة «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري و«العصائب» و«كتائب حزب الله» و«سيد الشهداء» و«بدر» يتبعون إيران مباشرة، «ولا يهمهم شيء غير المزارع والأموال وهم بعالم آخر».
وفي نصيحة كاشفة لموقعه على خط الاستقطاب الإيراني الداخلي، دعا المالكي قيادات الفصائل المسلحة إلى اتباع خط «الحرس الثوري» الإيراني، والابتعاد عن «إطلاعات» (وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية).
https://twitter.com/ali_alifadhil/status/1549135861895385090
التسجيل الرابع
في التسريب الرابع من بين سلسلة، حذر الصوت المنسوب للمالكي من «حالة اقتتال» ستكون مدفوعة من الصدر، وقال إنه «لن يترك التشيع والعراق بيد الصدر»، وأنه يعتقد أن الصدر «سيهاجم» المالكي بسبب التاريخ من الخلاف والصراع بينهما.
وهدد التسجيل المنسوب للمالكي بـ«مهاجمة النجف» مقر الصدر، وإنه يتجه لتسليح مجموعات، وقال إنه أعرب لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، عن هذه المخاوف، وإنه «لا يثق بالجيش والشرطة لحمايته».
رداً على سؤال أحد الحاضرين عن «الحشد الشعبي»، أجاب «(الحشد) أمة الجبناء، ولكن نفكر (بالحشد) كغطاء لحركة العشائر العراقية. العراق قادم على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد إلا إذا استطعنا إسقاط توجهات الصدر والحلبوسي ومسعود».
https://twitter.com/ali_alifadhil/status/1548366312358830080
ردود الفعل
الأحد، نفى المالكي مجدداً صحة التسريبات الصوتية المنسوبة إليه، ووصف في تغريدة على «تويتر»، «الحشد» وقادته بأنهم «الأمل الكبير»، وقال: «لن تنال كل عمليات التزييف والفبركة من علاقتنا بأبناء القوات المسلحة و(الحشد الشعبي)».

وكان المكتب الإعلامي للمالكي قد نفى بعد ساعات من نشر التسريبات، صحتها، في بيان، أكد أن «ما نشر هو تسجيل تم توليفه عبر تقنيات الصوت الحديثة مستخدمين تقنية (Deep Fake)، التي أصبحت متوفرة بسهولة، لتقليد صوت شخص ما بدرجة من الدقة يمكن أن تخدع الجمهور بواسطة الأجهزة الذكية المتوفرة في الأسواق».
كما أصدر المالكي بياناً ثانياً، قال فيه «أبلغ تحذيري لكل إخواني في العملية السياسية من عمليات التزوير والتزييف واستخدام أجهزة التقنية الحديثة في نسبة تصريحات لي ولغيري».
وأضاف: «بمناسبة ما نشر في مواقع التواصل من كلام بذيء منسوب لي فيه إساءة لسماحة السيد مقتدى الصدر، وأنا أعلن النفي والتكذيب وأبقى متمسكاً برغبة العلاقات الطيبة مع السيد وجهازه المحترمين، وأرجو ألا يصدقوا ما ينشر لأن ما يصلني من مثل هذا الفيديو كثير، لكني أهمله لأني أعرف أنها فتنة يبعثونها لتمزيق الصفوف وإثارة الاضطرابات».

في رد على التسجيلات، دعا الصدر في تغريدة على «تويتر» أمس (الاثنين)، المالكي، إلى «اعتزال السياسة»، وتسليم نفسه للقضاء.
وطالب الصدر بـ«إطفاء الفتنة من خلال استنكار مشترك من قبل قيادات الكتل المتحالفة معه من جهة، ومن قبل كبار عشيرته من جهة أخرى»، في إشارة للمالكي.
وقال: «وأن لا يقتصر الاستنكار على اتهامي بالعمالة لإسرائيل أو لاتهامي بقتل العراقيين، بل الأهم من ذلك، هو تعديه على قوات الأمن العراقية واتهام الحشد الشعبي بالجبن وتحريضه على الفتنة والاقتتال (الشيعي - الشيعي)».
ونصح زعيم التيار الصدري، المالكي، بـ«إعلان الاعتكاف واعتزال العمل السياسي واللجوء إلى الاستغفار، أو تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية».

وردا على التسريب الذي تناول العشائر العراقية، دعا الشيخ العام لعشيرة بني مالك في العراق، عبد السلام محسن العرمش، مساء أمس (الاثنين)، إلى إبعاد العشائر عن السجالات والصراعات السياسية، مستنكرا أي إساءة يتم توجيهها إلى الرموز الدينية والوطنية والعشائرية.
وقال العرمش، أن «محاولات من يسعون إلى زرع الفتنة وخلط الأوراق ما هي إلا حلقة من حلقات التآمر على العراق بعد أن فشلوا في مرات عديدة سابقة بفضل حكمة رجال البلد المخلصين الحريصين على الدم العراقي، ويبدو أن ذلك أزعج البعض ولن يكون في مصلحة مشاريعه الخبيثة فحاول استغلال ظروف البلد السياسية والتنافس والاختلاف بين الفرقاء السياسيين والاختلافات في الرأي والذي لم يصل الى مرحلة إفساد الود».



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».