المفتي دريان يرفض تقسيم بلدية بيروت

منعاً لعودة «شرقية وغربية»

مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان (الوكالة الوطنية)
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان (الوكالة الوطنية)
TT

المفتي دريان يرفض تقسيم بلدية بيروت

مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان (الوكالة الوطنية)
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان (الوكالة الوطنية)

رفض مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الطروحات الداعية إلى تقسيم بلدية بيروت، معتبراً أنها «إرهاصات لا يمكن أن تمر لأن التقسيم يعني العودة إلى شرقية وغربية» في العاصمة اللبنانية، في إشارة إلى التقسيم أيام الحرب الأهلية.
وينضم المفتي إلى أصوات سياسية أخرى، رفضت تقسيم البلدية، ومن بينها «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«حركة أمل» و«حزب الله»، وذلك رداً على مقترح أعلنه نائب عن «التيار الوطني الحر» يوم الجمعة الماضي، في مقابل الاستعداد لطرح آخر بصيغة أخرى يعدها حزب «القوات اللبنانية» تطالب بـ«استحداث بلديتين لبيروت الموحدة ضمن مجلس مشترك».
وبيروت هي المحافظة الوحيدة في لبنان التي تتألف من بلدية واحدة، إذ تضم بلدية بيروت سائر مناطق وأحياء العاصمة في بلدية واحدة، وتتولى البلدية التي يرأسها، عرفاً، مسلم سني، الصلاحيات التقريرية، فيما يتولى المحافظ، وهو مسيحي أرثوذكسي بالعرف أيضاً، السلطة التنفيذية.
ورفض المفتي دريان اقتراح تقسيم البلدية إلى بلديتين، منعاً لأن تكون هناك بلدية للأحياء التي تسكنها غالبية من المسلمين، وبلدية للأحياء التي تسكنها غالبية من المسيحيين. واستغرب «ما يردده البعض من طروحات ومشروعات همايونية في تقسيم بلدية بيروت، وهذه إرهاصات تنذر بما لا تُحمد عقباه، ولا يمكن أن تمر لأن التقسيم عودة إلى شرقية وغربية في بيروت، وهذا أمر مرفوض شكلاً ومضموناً ويهدد العيش المشترك الإسلامي المسيحي الذي حافظنا وسنحافظ عليه مهما كان الثمن».
وقال دريان بعد عودته من مكة المكرمة، حيث كان يؤدي مناسك الحج، إن «التناتش على بيروت من خلال بلديتها لا يرضى به الجميع، والأمور تعالج بالحكمة وبالقانون لا بتجاوزه، وهذا يستدعي استنفار كل المخلصين المعنيين في هذا الأمر».
وينص الاقتراح الذي تقدم به نواب «التيار الوطني الحر» على أن يكون لبيروت الأولى مجلس بلدي من 12 عضواً ولبيروت الثانية مجلس بلدي من 12 عضواً ويجتمع المجلسان معاً شهرياً للعمل على المشروعات المشتركة، أما الجباية فتتم في كل نطاق بلدي على حدة، وتشارك البلديتان في صندوق مشترك يغطي تكاليف الجهاز التنفيذي المسؤول عنه محافظ بيروت.
وشدد دريان، في التصريح نفسه، على أن «تشكيل الحكومة أصبح أمراً لا يحتمل الانتظار أكثر من ذلك، خصوصاً أن الانهيار والخراب والشلل تعم مؤسسات الدولة»، مبدياً خشيته من «انفجار اجتماعي وأمني يجتاح الوطن إذا لم يتم تدارك الأمر من قبل المسؤولين في الدولة التي أصبحت عاجزة عن تأمين الكهرباء والماء ولقمة العيش الكريم والاستشفاء والأدوية والغلاء الفاحش، وهذا يتحمل مسؤوليته كل من يضع العقبات والعراقيل والشروط في وجه تأليف حكومة إنقاذ مما نحن فيه من مآسٍ بكل ما للكلمة من معنى».
ورأى أن «ولادة الحكومة هي المدخل الحقيقي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وللإصلاح ولمكافحة الفساد المستشري في الدولة»، مشيراً إلى أن «استمرار تعطيل تشكيل الحكومة ربما يكون مقدمة لتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وهنا تقع الطامة الكبرى».
كما أكد دريان أن «قمة جدة عززت التضامن والتكامل العربي ووضعت خريطة طريق تؤسس لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك على الساحة الدولية لمواجهة التحديات في المنطقة».
وفي سياق رفض تقسيم بلدية بيروت، قال الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري: «ما حداً أكبر من بيروت. باقية واحدة موحدة في وجه (التقسيميين الجدد). تعلموا من الماضي والحاضر، بيروت أكبر من تقية وعنصرية قوى وتيارات لا تتفق إلا على التقسيم وضرب قواعد العيش المشترك». وسأل عن أسباب تبدل الخطاب المتصل بالوحدة والعيش الواحد بعد الانتخابات.
من جهته، قال النائب حسن مراد: «لأننا نؤمن بلبنان الواحد الموحَّد ولأن بيروت كما لبنان أكبر من أن تقسم وفقاً للهوى أو الزواريب الضيقة، ولأننا نرفض العودة إلى خطوط التماس وكل ما يذكرنا بها، يبقى موقفنا متصلاً مع تاريخنا ومبادئنا بأن وحدة بيروت هي أساس وحدة الوطن، لذلك نرفض أي تقسيم لها سواء كان إدارياً أو سوى ذلك».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.